التعليم عن بُعد يثير جدلاً في الكويت... إجبار طلاب على الحضور جسديّاً خوفاً من الغشّ

22 ديسمبر 2020
تعليم عن بُعد خوفاً من فيروس كورونا (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

تسبب التعليم عن بُعد بانقسام بين الأوساط التعليمية في الكويت بسبب محدودية فائدته كما يقول بعضهم، في حين يرى آخرون أنه يتوجب عدم المخاطرة بحياة الطلاب وإلزامهم حضور الصفوف جسدياً.

يُثير التعليم عن بُعد، الذي يتمّ تطبيقه على المراحل الدراسية كافة في الكويت نتيجة للإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، جدلاً كبيراً داخل أروقة الأوساط التعليمية في البلاد بسبب عدم جدواه كما يَصفه البعض. وانتشرت ظواهر سلبية مثل الغش في الاختبارات عن بُعد، والتلاعب بالحضور والغياب والشروحات، وهو ما جعل المعلّم في إحدى المدارس الثانوية في الكويت، أحمد الكاظمي، يَصف التعليم عن بُعد بـ "المهزلة التي لا يأخذها الجميع بجدّية كافية". وأكّد أنّ وزارة التربية ووزارة الصحة رفضتا الكثير من الحلول التي طرحها بعض المعلمين في محاولة للموازنة بين التعليم عن بُعد والحضور في المدارس. 

يقول الكاظمي لـ "العربي الجديد" إنّه تقدّم مع مجموعة من المعلمين باقتراحٍ لوزارة التربية، ينصّ على وجوب حضور الطلاب جسدياً لعقد الاختبارات الفصلية، التي بدأت هذا الشهر في كلّ المدارس الثانوية في البلاد. لكنّ وزارة التربية رفضت الاستجابة لهذه الاقتراحات معلّلة ذلك، بشروط وزارة الصحة وإجراءاتها الصارمة في ما يخص فيروس كورونا، ومؤكّدة على أنّ التعليم عن بُعد يؤدي غرضه المطلوب منه. 

 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

 

لكنّ الكاظمي يؤكّد أنّ التعليم عن بُعد لم يساهم بتحسين مستوى الطلاب أبداً، كما أنّ الغالبية الساحقة من طلاب الثانويات يقومون بالغش في اختباراتهم الفصلية من دون وجود أيّ رادع حقيقي ضدّهم أو إثبات بأنّهم يقومون بالغش. 

وانتقد الكاظمي تساهل وزارة الصحة مع التجمعات الانتخابية التي حدثت أخيراً في الانتخابات البرلمانية الكويتية، إضافة إلى جلسات مجلس الأمة الكويتي، حيث تزاحم الحضور من دون اتخاذ إجراءات وقائية. 

بدوره، يؤكّد المُدرّس بمادة العلوم في المرحلة المتوسطة، أحمد عاشور، ما قاله الكاظمي بالنسبة لصعوبة إيصال المعلومات بشكلٍ واضح من خلال برنامج "التيمز" المخصص للتعليم عن بُعد في الكويت. ويقول لـ "العربي الجديد": "هناك مشكلتان كبيرتان، الأولى هي أنني لا أستطيع إيصال المعلومة بالشكل الكافي للطالب عبر آليات التعليم عن بُعد، والثانية أنني لا أستطيع التأكّد من أنني قمت بإيصالها أم لا، ودرجة رسوخها في ذهن الطالب ومدى استيعابه لها وذلك بسبب عدم وجود اختبارات حقيقية وجادّة".  يضيف: "الاختبارات التي تحدُث من خلف الشاشات هي مجرد أضحوكة فجميع الطلاب يقومون بالغش". 

ولجأ أساتذة في كليات الهندسة والعلوم الطبيعية في جامعة الكويت إلى إجبار الطلاب والطالبات على الحضور إلى قاعات الجامعة للقيام بالاختبارات الفصلية من دون أي اعتبار للضوابط التي وضعتها وزارة الصحة. 

يقول الطالب في كلية الهندسة والبترول، خالد الميموني، لـ "العربي الجديد": "ألزمنا أحد الأساتذة بالحضور شخصياً إلى قاعة الامتحان، مع الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمامات. ولم يستجب لنداءات الطلاب بشأن خطورة الحضور الجسدي عليهم، خصوصاً أنّ بعض الطلاب يعانون من أمراضٍ مزمنة". يضيف الميموني: "غالبية الكليات العلمية في الكويت، التي تملك مواد مختبرية وتجريبية ألزمت طلابها بالحضور ولم تأخذ بتعليمات وزارة الصحة، ما أثار غضب العديد من الطلاب".

 

قضايا وناس
التحديثات الحية

 

وحاولت النقابات الطالبية وقف إلزام الأساتذة الجامعيين بحضور الطلاب، لكنها فشلت بسبب استقلالية قرار جامعة الكويت عن وزارة التربية والتعليم العالي.

يقول النقابي عثمان الشمري لـ "العربي الجديد": "لا يمكن لأحد القبول بالمخاطرة بحياة الطلاب بسبب قيام طالبٍ أو اثنين بالغشّ في الاختبارات. كل الحجج التي طرحها بعض أساتذة الجامعة الذين قاموا بإلزام طلابهم بحضور الاختبارات هي حجج واهية وتصبّ في خانة التعسّف الأكاديمي". 

من جهته، يقول أستاذ الرياضيات في جامعة الكويت، علي الكندري، لـ "العربي الجديد": "إنّ الطلاب يحاولون التذرّع بأيّ شيء لعدم الحضور والقيام بالاختبار. يريدون كما هي العادة الحصول على درجات سهلة، من دون بذل أيّ مجهود. حاول الكثير من المعلمين وخبراء الشأن التعليمي تنبيه وزارة التربية إلى خطورة الاعتماد على التعليم عن بُعد بشكل كامل، لكن لم يستجب أحد، لذلك أخذ بعض الأساتذة زمام المبادرة مستغلين صلاحياتهم القانونية". يُضيف الكندري: "ضاعت سنة كاملة من حياة الطلاب من دون فائدة علمية حقيقية. من تخرّج منهم خلال هذه السنة فإنّه لم يستفد على الصعيد العلمي في سنته الأخيرة، ومن يدرس الآن فإنّ دراسته لا فائدة فيها تماماً، لذلك حاولنا أخذ المبادرة قليلاً". 

وتقدّمت رئيسة قسم اللغة العربية في إحدى المدارس الابتدائية الخاصة للبنين في الكويت، سوسن العلي، باقتراح إلى منطقتها التعليمية، بحضور خمسة طلاب من كل فصل ليوم واحد في الأسبوع على الأقل، خصوصاً طلاب الصف الأول الابتدائي، وذلك لتعليمهم حروف الأبجدية وأساسيات التعليم بشكل سليم. لكنّ إدارة المنطقة التعليمية رفضت الاستجابة. تقول العلي لـ "العربي الجديد": "ما يحدث بحق التعليم كارثة كبيرة، وأتمنى أن يصل اللقاح المضاد لكورونا بأسرع وقت لنعود إلى تعليم الطلاب، لأن الوضع الحالي لو استمرّ لمدة عامين، فلن يتمكّن من هو في عمر السابعة أن يقرأ جملة واحدة بسبب التعليم عن بُعد".