حذّر أطباء تونسيون من تنامي ظاهرة التداوي الذاتي ضد كورونا، مطالبين بالتقيّد التام بالوصفات الطبية، تجنباً لآثار صحية ثبت حصولها لدى مصابين بالفيروس لجأوا إلى تناول المضادات الحيوية وصرف أدوية من الصيدليات من دون فحص طبّي.
وإزاء تنامي أعداد المصابين بعدوى كورونا، وصعوبة النفاذ إلى العلاج في القطاعين الحكومي والخاص، يلجأ تونسيون إلى وصفات طبية يتم تداولها حتى على شبكات التواصل الاجتماعي، أو بين العائلات، للتخفيف من أعراض المرض.
وحذر أطباء من رصد أعراض جانبية أدت إلى وفيات في صفوف مرضى اعتمدوا التطبيب الذاتي، بعد تناول أدوية ومكملات تصرف في الصيدليات من دون وصفات طبية، غير أن آثارها خطيرة على أعضاء الجسم الوظيفية ولا سيما الرئتين والكلى.
وقالت عضو هيئة الأطباء لمياء القلال إن تصاعد الوباء في البلاد يزيد من إقبال المصابين على علامات تجارية طبيّة، ما يؤدي إلى حالات مرضية خطيرة ويسبب مضاعفات خطيرة قد تنتهي بالوفاة، مشددة على إجبارية الاستشارات الطبية لكل المصابين بفيروس كورونا، مهما كانت حدة الإصابة أو الأعراض التي تظهر على المريض.
وأضافت القلال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأطباء رصدوا حالات عديدة لآثار صحية نتجت عن التداوي الذاتي لمرضى كورونا، مشيرة إلى أن الأدوية والعلامات التجارية للمكملات، التي يتم تداولها، تسبب مضاعفات خطيرة لدى بعض الأشخاص المصابين بأمراض أخرى.
وشددت القلال على أهمية إجراء الفحوص الطبية اللازمة للمصابين، مهما كانت الأعراض التي تظهر عليهم، وتجنب التداوي الذاتي الذي يخلّف ضرراً لأعضاء الجسم الوظيفية وفق تأكيدها.
وأكدت عضو هيئة الأطباء أنه لا توجد وصفات موحدة لعلاج كل المرضى، مشيرة إلى أن الأطباء يتعاطون مع المرضى حالة بحالة حسب السن والوضع الصحي وخطورة الإصابة.
وينشر مصابون، مروا بتجربة كورونا، على شبكات التواصل الاجتماعي وصفات طبية للعلاجات التي حصلوا عليها، ما يسهل على الباحثين عن الشفاء شراء الدواء من دون الحاجة إلى وصفة الطبيب.
ويزيد الإقبال على التداوي الذاتي لدى التونسيين في السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع كلفة العلاج في القطاع الخاص وطول انتظار المواعيد في القطاع العمومي، فضلاً عن تأثر قدرة المواطنين على التداوي بالأزمة الاقتصادية التي أثرت على قدرتهم على الإنفاق.
ورغم انخراط أكثر من 3 ملايين تونسي في الضمانات الصحية، إلا أن المواطنين يدفعون ما لا يقل عن 30% من كلفة العلاج من حساباتهم الخاصة، في غياب صيغ لاسترجاع المصاريف من صندوق التأمين على المرض.
والتداوي الذاتي متجذر في الثقافة العلاجية التونسية، حيث يثق التونسيون في تجربة المريض أكثر من ثقتهم في الطبيب، وفق المثل الشعبي "اسأل مجرب وما تسألش طبيب"، وهي مقولة شعبية يتداولها التونسيون في جميع الأوساط وعند جميع الفئات، ويستشهد به البعض عندما يكون محل استشارة بخصوص مرض تعرّض له أو دواء استعمله.
ويشتري 61% من التونسيين الأدوية مباشرة من الصيدليات من دون الحصول على وصفة طبية، ويرتفع الاستهلاك المفرط للأدوية خلال فترة الشتاء، إذ يؤدي تقلب الطقس إلى ارتفاع نسبة الأمراض، بحسب دراسة لمعهد الاستهلاك الحكومي صدرت عام 2019.