في إطار الحرب الشرسة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وسط "طوفان الأقصى"، وبعد إعلانه عن قطع الكهرباء والمياه عن القطاع المحاصر بالإضافة إلى استهداف محطّة الاتصالات المركزية في القطاع، راحت قواته تتعمّد استهداف المستشفيات، الأمر الذي يتنافى مع القوانين والمعاهدات الدولية التي تحمي المنشآت والخدمات الصحية وسط النزاعات المسلحة.
ولعلّ ما أشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، مساء اليوم الاثنين، يصبّ في هذا السياق، إذ قال "أذكّر إسرائيل بضرورة توافق العمليات العسكرية مع القانون الإنساني الدولي ووجوب احترام المدنيين وحمايتهم". وقد عبّر عن "قلق" إزاء استهداف المرافق الصحية والأبراج السكنية في غزة. وحذّر غوتيريس من أنّ "الوضع الإنساني في غزة سوف يتدهور الآن أكثر وبشكل كبير"، مؤكداً أنّه "كان في الأساس متردياً جداً قبل هذه الأعمال العدائية".
من جهتها، كانت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة قد أفادت، في وقت سابق من اليوم الاثنين، بأنّ السلطات الإسرائيلية "تتعمّد" قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف، بالإضافة إلى قتل وإصابة الطواقم الطبية في غزة. وجاء ذلك في بيان ناشدت من خلاله "المجتمع الدولي بالتحرّك العاجل للجم العدوان الإسرائيلي على مراكز العلاج وسيارات وطواقم الإسعاف في قطاع غزة". وشدّدت الكيلة على أنّ ذلك "يُعَدّ خرقاً كبيراً وواضحاً لكلّ القوانين والأعراف الدولية".
وحذّرت وزارة الصحة في غزة من استمرار استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي سيارات الإسعاف، الأمر الذي يمثّل تهديداً خطراً للخدمات الطبية الطارئة في قطاع غزة. وبحسب إحصاءات أولية، فقد قصفت قوات الاحتلال 11 سيارة إسعاف منذ بدء العدوان الجاري، الأمر الذي أدّى إلى خروجها عن الخدمة.
في سياق متصل، أدّى قصف الاحتلال الإسرائيلي إلى خروج مستشفى بيت حانون، شمالي قطاع غزة، عن الخدمة. وقد أوضحت وزارة الصحة في غزة أنّ ذلك أتى بعد تضرّر أجزاء واسعة من المستشفى من جرّاء الهجمات المتكرّرة، بالإضافة إلى أنّ الاستهداف المتكرّر للمنطقة المحيطة به أثّر سلباً على قدرة الطواقم الطبية على الوصول إليه وخروجها منه بأمان.
كذلك أعلنت وزارة الصحة في غزة عن تضرّر قسم حاضنات الأطفال في مجمّع الشفاء الطبي، نتيجة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت محيطه. يُذكر أنّ وسائل إعلام إسرائيلية تداولت أخباراً عن دعوات أطلقها مؤسس وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتشدّد أفيغدور ليبرمان إلى تدمير مجمّع الشفاء الطبي.
وفي ظلّ حالة الطوارئ التي فرضت نفسها، تبذل الكوادر الطبية والصحية جهوداً مكثّفة لتقديم الرعاية الطبية اللازمة للجرحى المتزايدة أعدادهم، لا سيّما المصابين بحالات حرجة، مع اشتداد العدوان الإسرائيلي.
ويترافق ذلك مع جهود مكثّفة تبذلها وزارة الصحة، بالتعاون مع منظمات إغاثية ومؤسسات دولية، من أجل توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية وسط الحصار المطبق. يُذكر أنّ المرافق الصحية في قطاع غزة تعاني في الأساس من نقص حاد في هذا المجال، إذ تبلغ نسبة العجز في قائمة الأدوية الأساسية 44 في المائة، و34 في المائة في قائمة المستلزمات الطبية الأساسية.
وقد عقد مدير عام التعاون الدولي في وزارة الصحة مروان أبو سعدة، بحضور عدد من القيادات الصحية، لقاءً مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الاثنين، شدّد خلاله على ما تواجهه المرافق الصحية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثّر سلباً على القدرة على تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى والمصابين. وهو ما يشكّل بالتالي تهديداً كبيراً للقطاع الصحي.
ووسط الهجمات الإسرائيلية العنيفة والمكثّفة التي أدّت إلى ارتفاع عدد الجرحى إلى 3726 جريحاً، إلى جانب 687 شهيداً، بحسب البيانات الأخيرة لوزارة الصحة، تزداد احتياجات القطاع الصحي، وتُطلق نداءات للتبرّع بالدم ولتوفير المحروقات لتشغيل المستشفيات.
وفي هذا الإطار، أطلقت "جمعية الحياة لتنمية الأسرة" حملة "أغيثوا غزة"، دعت فيها إلى المساهمة في دعم مستشفيات غزة بالوقود، وذلك من أجل إنقاذ حياة آلاف المرضى والجرحى، لا سيّما في وقت "يهدّد فيه الاحتلال بقطع الكهرباء كلياً عن قطاع غزة وحرمانها من الوقود والمواد اللازمة للحياة كافة".