الاحتلال الإسرائيلي يمنع لمّ الشمل.. فلسطينيات عالقات في غزة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
29 يناير 2023
تجارب قاسية لفلسطينيين يمنع الاحتلال لم شملهم بعائلاتهم
+ الخط -

تكثر الأزمات في وجه الفلسطينية العالقة في مدينة غزة حنان أبو صاع، التي حُرمت برفقة أطفالها من رؤية زوجها منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام، بسبب تعنت الاحتلال الإسرائيلي. ألمٌ تتشاركه نحو مائة امرأة، إذ تُحرم المتزوجات من الالتقاء بأزواجهن، ويُحرم الأطفال من رؤية آبائهم أو أمهاتهم، ليعيشوا واقعاً صعباً ومستقبلاً غير واضح. 

ولا يفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية سوى ساعات قليلة وحاجز واحتلال إسرائيلي يُقسّم المدن بحواجز حديدية ويحرمهم من أبسط حقوقهم في التنقل بين بلداتهم، ولم شمل أسرهم. 

وتقول حنان أبو صاع، وهي من مدينة طولكرم (شمال غرب الضفة الغربية)، وتسكن حالياً في منطقة أبراج الندى (شمال قطاع غزة)، إنها تزوجت منذ عشر سنوات في الإمارات، وأنجبت ثلاثة أطفال، وبدأت قصتها مع أزمة كورونا. خسر زوجها عمله، ما دفعهم إلى التفكير بترك البلاد. توجه زوجها إلى الضفة الغربية، بينما توجهت إلى قطاع غزة، على أمل إيجاد طريقة للمّ الشمل، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل.

وتوضح أبو صاع، في حديثها لـ "العربي الجديد"، أنها سجلت أطفالها في مدرسة، إلا أنهم يشعرون بالتشتت وعدم الاستقرار، عدا عن الضغوط النفسية التي تُفاقِمها سنوات البُعد. ويسألها أطفالها دائماً: "وين (أين) بابا؟".

وتتشارك صابرين شُراب، من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، الهمّ ذاته، وتقول إنهن بدأن في تنفيذ اعتصامات واحتجاجات بعدما فقدن الأمل في لقاء أزواجهن من خلال الحصول على تصريح دخول، أو أي من التسهيلات التي تمنح خلال شهر رمضان أو الأعياد، بفعل تعنّت الاحتلال الإسرائيلي.

وتوضح شُراب، التي ترى أن ملف الزوجات العالِقات مُهمّش، أن زوجها انتقل إلى الضفة الغربية عام 2015 لتلقي العِلاج، وتكررت زيارته إلى الضفة أكثر من مرة ضمن رحلة علاجه، وقرر الاستقرار بالضفة بسبب الإرهاق الذي شعر به، وخصوصاً في ظل التضييق الإسرائيلي على المعابر، والتحقت به، إلا أنها عادت إلى قطاع غزة عام 2017 بسبب عملها كمُدَرسة تابعة لحكومة غزة. ومنذ ذلك الوقت، لم تتمكن من رؤية زوجها، باستثناء فترة شهرين عام 2022 في مصر. 

وقبل عامين، عمدت إلى بيع أثاث منزلها بعد الحصول على وعد من إحدى الشخصيات الهامة بإنهاء معاناتها، ولم تشتر بديلاً حتى اللحظة على أمل إدراج اسمها في كشوفات لم الشمل أو الزيارة في أي وقت.

وتُطالب أبو صاع الجهات المعنية، وفي مقدمتها السلطة الفلسطينية، ودائرة الشؤون المدنية، بتسهيل ملفها عبر تغيير عنوانها في الهوية، وخصوصاً أن زوجها قد حصل على تغيير عنوان عام 2021، ما يتيح له الحركة بحرية من دون قيود أو خوف.

أما شهد البوبو فبدأت معاناتها قبل خمس سنوات، حين تمت خطوبتها لشاب من مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية)، وقد وُكّل قريبها للنيابة عنه في المحكمة خلال عقد القِران، ولم تلتقِ بخطيبها حتى اللحظة. وتوضح أنها حاولت بكل الوسائل الخروج من قطاع غزة، بعدما أمّن لها خطيبها تصريح احتياجات خاصة في رام الله، فيما لجأت إلى الشؤون المدنية في غزة، ومؤسسات حقوق الإنسان، من دون أن تنجح محاولاتهما. والحجة أن ملفها ليس ضمن تخصصهم. 

الصورة
صورة تحيي الأمل (عبد الحكيم أبو رياش)
صورة تحيي الأمل (عبد الحكيم أبو رياش)

وتقول البوبو إنها كانت تتعلق بأي خيط يُمكن أن يحل أزمتها، وقد أوقعها ذلك في مشكلة كبيرة، إذ تعرضت وخطيبها لعملية نصب من مُحامية من الداخل المُحتل، حصلت على مبلغ مالي بعدما وعدتهما بتسهيل لم الشمل من دون أن يتحقق ذلك. وتطالب الجهات المعنية بإنهاء معاناتها ولمّ شملها مع خطيبها.

الصورة
الشعور بالوحدة يُنهك عدي سالم (عبد الحكيم أبو رياش)
الشعور بالوحدة يُنهك عدي سالم (عبد الحكيم أبو رياش)

وللشاب عُدي سالم قصته أيضاً، إذ حُرم من رؤية جميع أفراد أسرته. ويقول: "بعد إفراج الاحتلال الإسرائيلي عن والدي عام 2008، أبعده عن مدينة يافا مع أسرته إلى قطاع غزة. وتمكن والدي من مُغادرة القطاع عام 2012. ومُنذ عام التحقت به والدتي بعد حصولها على تغيير عنوان، واصطحبت معها أشقائي الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عاماً. لكنني لم أتمكن من الخروج معهم لامتلاكي هوية كتب فيها أن العنوان هو غزة".

وكثيراً ما يشعر سالم بالوحدة، ويقضي أيامه متنقلاً بين بيوت خالاته في غزة، على أمل تغيير عنوانه في هويته، والالتحاق بأسرته التي تنتظر لمّ شملها بابنها على أحر من الجمر.

إلى ذلك، توضح مُنسقة وحدة المساعدة القانونية في مركز الميزان لحقوق الإنسان، ميرفت النحال، أنّ الاحتلال الإسرائيلي الذي يتحكم في السجل السكاني يستغل حاجة النساء الإنسانية للتنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية، ويجبرهن على التوقيع على وثيقة تُسمى "تصريح بشأن الاستقرار"، ويتم بموجبها إلزام من يزور غزة من جانب الضفة الغربية البقاء في القطاع بشكل دائم.

وتوضح النحال لـ"العربي الجديد" أن إجبار الاحتلال النساء على توقيع تلك الوثيقة يعد استغلالاً لحاجتهن للتنقل والسفر، كما أنه يخالف القانون الدولي الإنساني، والتزامات دولة الاحتلال بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية، ويقع ضمن إطار التهجير القسري، إذ يُجبر الشخص على الانتقال من مكان إلى مكان بالإكراه، والبقاء بعيداً عن أسرته.

ولا يسمح الاحتلال بالتنقل إلا في حالات مُحدّدة وتكاد تكون تعجيزية، منها وفاة أحد الأقارب من الدرجة الأولى، أو معاناة مرض مُميت، أو حالة فرح، بحسب النحال. وتؤكد أن ممارسات الاحتلال تشكل انتهاكاً لحقوق الأزواج في ظل القيود المعقّدة للتنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية، بهدف خلق أزمات متتالية للفلسطينيين.

ذات صلة

الصورة
محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب أفريقيا، 16 مايو 2024 (الأناضول)

سياسة

بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي، اليوم الجمعة، جلسة لإعلان رأيها الاستشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
الصورة
مشهد من دير البلح وسط قطاع غزة - يوليو 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أفاد رئيس بلدية دير البلح في وسط قطاع غزة ذياب الجرو "العربي الجديد"، بأنّ المدينة التي ادّعى الاحتلال أنّها آمنة تتعرّض مناطق فيها لاستهداف عسكري متواصل.
الصورة

مجتمع

اضطرت عائلة في غزة مبتورة الأطراف إلى النزوح باتجاه مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد تدمير منزلها في مدينة رفح (جنوب) رغم صعوبة الأوضاع والحركة
الصورة
متطرفون إسرائيليون يعيقون دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، 13 مايو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

سمحت الولايات المتحدة وإسرائيل بتقديم تبرعات تستحق إعفاء ضريبياً لمجموعات اليمين المتطرف التي أعاقت وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
المساهمون