تسببّت الأمطار التي هطلت ليل الأربعاء الخميس في حركة نزوح داخلية في مخيّمات النازحين ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي البلاد، وذلك بعد جرف خيام وتضرّرها، وسط تراجع الاستجابة الإنسانية لمنظمات محلية ودولية خاصة باحتياجات قاطني المخيّمات.
يقول حمزة عوني حاج ديبو، وهو مدير مخيّم الريفين القريب من بلدة حربنوش في ريف إدلب الشمالي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في الساعات الـ48 الماضية، تعرّض المخيّم لعواصف رعدية وأمطار غزيرة. وقد عرقلت الأمطار دخول صهاريج المياه بسبب تردّي الطريق الترابي". ويرى حاج ديبو "وجوب حلّ هذه المشكلة وفرش الطرقات بالحصى لوصول مياه الشرب إلى قاطني المخيّم".
ويشدّد حاج ديبو على أنّ "الخيام في الريفين مهترئة ولم تُستبدَل منذ أكثر من ثلاث سنوات. وفي الساعات الماضية، تضرّرت أكثر من 30 عائلة في المخيّم". يضيف أنّه "بعد تسرّب المياه إلى بعض الخيام، انتقلت عائلات إلى خيام أخرى أفضل حالاً".
بالنسبة إلى حاج ديبو، فإنّ "المخيّم يحتاج إلى كرفانات مع مطابخ وحمامات عوضاً عن خيام القماش والنايلون"، مشيراً إلى أنّه "على الرغم من البرد القارس وارتفاع نسبة الفقر في المخيّم، لم توزّع أيّ منظمة مستلزمات خاصة بالتدفئة، على الرغم من أنّ أكثر من 100 عائلة نازحة تقطن في هذا المخيّم، ما يعني نحو 600 شخص". ويتابع أنّ "من بين قاطني المخيّم كباراً في السنّ وأرامل وأشخاصاً ذوي إعاقة"، مطالباً "الجهات المعنية بالنظر في حال هذا المخيّم ودعمه لأنّ الحياة فيه مأساوية".
من جهته، يخبر عمران أبو أحمد "العربي الجديد": "نزحت من ريف حماة الشمالي. كنت أقيم بالقرب من بلدة كفرنبودة، وحالياً في تجمّع مخيّمات أطمة. الوضع كان صعباً مع هطول الأمطار أمس، فقد دخلت المياه الخيمة، فيما تمزّقت الأكياس البلاستيكية والشوادر التي كنت جهّزتها سابقاً لتغطيتها. كذلك تسرّبت المياه من أرض الخيمة". يضيف أبو محمد: "لم أكن قادراً هذا العام على إعادة بنائها ورفعها بمقدار يمنع دخول مياه المطر، لذا فإنّ الماء والطين طاولا محتوياتها كلها، حتى ملابس الأطفال".
ويشير أبو أحمد إلى أنّ "المصائب تلاحقنا. فلا منزل ولا مداخيل والأمطار تستهدفنا. أنهكنا هذا الوضع، وفي الأيام المقبلة سوف يأتي البرد القارس والعواصف، ولا نعلم إن كنّا سنبقى على قيد الحياة أم لا. لكنّنا نريد أن ينجو أولادنا من المطر والبرد، نريد أن ينعموا بالدفء، وأن تكون الخيمة آمنة على أقلّ تقدير أو ننتقل إلى بيت يحمينا من المطر".
في سياق متصل، أكد فريق "منسقو استجابة سورية" أنّ الأمطار الغزيرة التي شهدتها مناطق شمال غربي البلاد، في الساعات الـ24 الماضية، أدّت إلى تسجيل أضرار جديدة في مخيمات النازحين المنتشرة بالمنطقة، موضحاً أنّ منطقة أطمة في ريف إدلب الشمالي ومناطق وريف حلب الشمالي شهدت الأضرار الكبرى نتيجة تركّز هطول الأمطار فيها.
وأحصى الفريق أضراراً في 16 مخيماً منتشرة في المنطقة، نتجت بمعظمها عن دخول المياه إلى الخيام وتجمّعها في الطرقات، مشيراً إلى أنّ "نسبة العجز داخل قطاع المخيّمات بلغت 72.8%، الأمر الذي يظهر عدم جدية كلّ الأطراف الفاعلة في الملف الإنساني في إيجاد حلول حقيقية لتحسين الوضع المعيشي للنازحين داخل المخيّمات".
وأوضح الفريق في بيان له، اليوم الخميس، أنّه "منذ تأسيس المخيّمات وحتى الآن، أُعلن عن مئات الحملات للتمويل عدا المبالغ التي قُدّمت نتيجة التمويل العام لقطاع المخيّمات، وتجاوزت المبالغ المعلن عنها أرقاماً خيالية تراوحت ما بين مليارَين و2.5 مليار دولار، وهي مبالغ كفيلة بتأمين مساكن حديثة للنازحين بعيداً عن الخيام وتضمن الاستقرار الكامل لهم".
أضاف الفريق أنّ "الحلول التي تُقدَّم في المرحلة الحالية أو ضمن أيّ خطة مستقبلية محكوم عليها بالفشل، كون المخيّمات تجاوزت عمرها الافتراضي، بالإضافة إلى عدم جدوى الحلول المقدّمة حالياً والتي كان من المفترض أن يُعمل عليها سابقاً"، مبيّناً أنّ الأمر "يثبت الفشل في إدارة المخيّمات بشكل كامل، والعجز الواضح في التعامل مع الحالات الطارئة ضمن تلك المخيّمات". وشدّد على أنّ "المنطقة تحتاج إلى حلول جذرية على المدى المنظور، وهو تأمين أماكن سكن بديلة للنازحين لضمان الاستقرار، وإيقاف هجمات النظام السوري وروسيا المستمرّة لضمان عودة أكبر عدد ممكن من النازحين إلى قراهم وبلداتهم".
وأفاد الفريق بأنّ العواصف والأمطار والثلوج في فصل الشتاء الماضي طاولت 611 مخيّماً شمال غربي سورية. فتضرّر من جرّائها 248,732 مدنياً، وهُدمت 3,245 خيمة وتضرّرت 5,811 أخرى.