الأردن: عودة التلاميذ إلى مدارسهم بعد عام من الغياب

07 فبراير 2021
إجراءات الوقاية والتباعد أساسية (Getty)
+ الخط -

عاد عجلة التعليم المدرسي في الأردن إلى الدوران، الأحد، وانخرط نحو 2 مليون تلميذ في التعليم الحكومي والخاص وجاهياً وعن بُعد، للفصل الدراسي الثاني، في فترة تجريبية سيجري تقييمها خلال الفترة المقبلة، واعتماد القرارات المناسبة، نظراً لظروف جائحة كورونا.

وقال وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي، في تصريحات صحافية، إنّ الحكومة كانت واضحة في ما يتعلق بقرار العودة إلى التعليم الوجاهي، ولا عودة عنه، موضحاً أنّ العودة إلى المدارس ستكون متدرجة وبالتناوب، أي أنّ التعليم سيكون عن بُعد ووجاهياً في الوقت نفسه. وأضاف أنّ هذه العودة ستكون في شكل مجموعات اعتماداً على الكثافة في الصفوف، فيكون نصيب التلميذ من غرفة الصف مترين مُربَّعين على الأقل، بالإضافة إلى ترك الخيار لأولياء الأمور في اختيار الدوام المدرسي الوجاهي أو عن بعد، وكلّ قطاع يفتح، يخضع للمراجعة والتعديل بحسب المعطيات الوبائية.

بدوره، قال وزير الصحة نذير عبيدات، خلال اجتماعه مع لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، إنّ قرار إعادة فتح المدارس سيُطبق كما هو متخذ سابقاً بالعودة التدريجية ابتداءً من الصفوف الأساسية الأولى، والصف الثاني الثانوي (التوجيهي، أو صف الثانوية العامة)، ورياض الأطفال، لا تراجع عنه".

وأطلقت وزارة التربية والتعليم دليل عودة التلاميذ إلى المدارس في الفصل الدراسي الثاني، في ظلّ إجراءات احترازية مشددة للوقاية من فيروس كورونا الجديد. وبحسب الدليل، تعود صفوف رياض الأطفال، والصف الأول الأساسي والثاني الثانوي، في السابع من فبراير/ شباط الجاري (اليوم)، ويعود تلاميذ الصف الثاني الأساسي في اليوم الذي يليه (غداً الإثنين)، ويليهم في 9 فبراير/ شباط (بعد غد الثلاثاء) تلاميذ الصف الثالث الأساسي، أما في 10 فبراير (الأربعاء المقبل)، فيبدأ جميع التلاميذ في الصفوف المذكورة أعلاه بالدوام معاً، وفق الخطة الاحترازية التي أعدتها الوزارة مع وزارة الصحة.
من جهتهم، أبدى المواطنون مخاوفهم من تكرار سيناريو الفصل الأول، فبعد أسبوعين من الدوام المدرسي، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عادت الحكومة وأغلقت المدارس بسبب الفيروس، بعدما دفع الأهالي رسوم المدارس الخاصة، واشتروا المستلزمات المدرسية من ملابس وقرطاسية.

تقول منى العبادي، وهي والدة لتلميذين، لـ"العربي الجديد" إنّ الدراسة عن بعد كانت بلا فائدة حقيقية، ولم يكتسب التلاميذ أيّ مهارات خلال العام الماضي، وتوضح أنّ التعليم الوجاهي هو التعليم الحقيقي، لكنّها تلفت إلى أنّ ابنيها اعتادا خلال عام مضى الجلوس في البيت، ولا يرغبان في العودة إلى المدرسة.
أما أحمد سليم، وهو وليّ أمر ثلاثة تلاميذ، فيرى أنّه لا يوجد ما يعوّض المعلم، فالتعليم الوجاهي لا بديل حقيقياً له، خصوصاً لتلاميذ الصفوف الأساسية، مشيراً إلى أنّ التلاميذ خسروا الكثير من التحصيل خلال عامهم المدرسي. ويشدد على أنّ استقرار الوضع الوبائي خلال الشهر الأخير، يجعل العودة إلى الدراسة الوجاهية أمراً ضرورياً.
بدوره، يقول الاستشاري والخبير التربوي، عايش النوايسة، لـ"العربي الجديد": "نحن نتعامل مع فئة عمرية في حاجة إلى  التعلم والمعرفة. وللعملية التربوية والتعليمية جوانب اجتماعية ونفسية، ترتبط  بالبيئة الدراسية، وهذا ما يفتقده التعليم عن بُعد". يضيف: "كلّ المؤشرات تقريباً، خلال العام الماضي، كانت سلبية، وفي مثال على ذلك، يقول وزير التربية إنّ 7 في المائة من التلاميذ الأردنيين، لم يدخلوا منصة درسك (للتعليم عن بعد)، أي أكثر من 100 ألف تلميذ، ما يعني إهمالنا تعليمهم، فيما كانت الحكومات سابقاً تتذمر من الأعداد البسيطة التي تتسرب من المدارس".

ويجد أنّ أسباب ارتفاع هذه النسبة، تتركز على عدم اعتياد التلاميذ نظام التعليم عن بعد، وبالتالي لا حافز للتعلّم لديهم، كذلك إنّ أدوات هذا النوع من التعليم وتجهيزاته، غير متوافرة لدى جزء منهم، وخصوصاً أنّ هناك أسراً ضعيفة الدخل، ولا يمكنها توفير تلك التجهيزات لأبنائها. يضاف إلى ذلك ضعف متابعة المتعلمين، فالوزارة حصرت العملية بالمنصة لا غير. ويشير إلى أنّ التعليم عن بعد يفتقر إلى التغذية الراجعة (فيدباك) ما بين المتعلم والمعلم، خصوصاً بعدما منعت وزارة التربية التواصل شبه المباشر بين الطرفين، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

ويختم: "لا بديل من المعلم، ولا وسيلة تأخذ مكانه، فالقيم التعليمية يغرسها المعلم، ومحاولة الاستغناء عن المعلمين في بعض المواد كالتربية الإسلامية والاجتماعية والوطنية خطيرة جداً، فالجانب القيمي لا يقل أهمية عن الجانب المعرفي".

من جهته، علّق ائتلاف المدارس الخاصة في بيان حول عودة المدارس، قائلاً: "لا يخفى على أحد ما تعرضت له مؤسساتنا الوطنية، ومنها المؤسسات التعليمية من خسائر فادحة نتيجة جائحة كورونا ونتيجة السياسات الخاطئة التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم تجاه هذه المؤسسات التعليمية، فكانت هذه السياسات منذ وقت طويل، وقبل كورونا، على ما هي عليه، وهو ما أدى إلى وصول هذا القطاع إلى حافة الهاوية".

أما الحملة الوطنية للعودة إلى المدارس، فقالت في بيان، إنّ القرارات الحكومية المتعلقة بآلية العودة إلى المدارس، لا تنسجم مع روح فتح المدارس والقطاعات الاقتصادية "بطريقة مدروسة تحمي المواطنين والاقتصاد الوطني"، مذكّرة في هذا السياق بـ"استقرار الوضع الوبائي في الأردن، فضلاً عن البدء بحملة اللقاحات الوطنية لمكافحة كورونا".
وقال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم، عبد الغفور القرعان، إنّه بعد التحاق الدفعة الأولى من التلاميذ بمدارسهم هذا الأسبوع، فإنّ نحو 288 ألف تلميذ من الصفين العاشر، والأول الثانوي، سيلتحقون بمدارسهم في 21 فبراير/ شباط الجاري، فيما تعود بقية التلاميذ من الصف الرابع حتى التاسع، اعتباراً من 7 مارس/ آذار المقبل.

المساهمون