الأردنيون ينبذون لقاح كورونا

13 فبراير 2021
التحصين ضدّ كورونا لم يخفه (Getty)
+ الخط -

يُعَدّ الأردن من البلدان غير الغنية الأولى التي استطاعت تأمين اللقاح المضاد لفيروس كورونا الجديد لشعبها، إلا أنّ وتيرة التحصين ما زالت بطيئة في حين يُسجَّل عزوف شعبي عن التسجيل لتلقّي اللقاح. وبينما تقوم محاولات حكومية لرفع نسبة الإقبال على التحصين في وجه الوباء في ظلّ أزمة كورونا، جاءت وفاة رئيس مجلس النواب الأسبق المهندس عبد الهادي المجالي متأثّراً بإصابته بالفيروس، بعد تلقّيه الجرعة الأولى من اللقاح،  لتشكّل ضربة للجهود الحكومية في هذا المجال.

وقد سارعت وزارة الصحة الأردنية إلى إصدار بيان أكدت فيه أنّ اللقاحات المستخدمة في الحملة الوطنية آمنة ولا يمكن لها أن تسبّب الإصابة بمرض كوفيد-19، مضيفة أنّ فعالية اللقاح تصل إلى حدها المتوقع بعد أسابيع من الجرعة الثانية، وعليه فإنّ ثمّة احتمالاً لأن يصاب متلقّو لقاح كورونا بالمرض الذي يمكن أن يكون في فترة حضانته قبل تلقّيه أو أن يصيبهم بعد عملية التحصين بفترة قصيرة.

بحسب آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة، لم يتجاوز عدد الذين تلقّوا اللقاح 45 ألف شخص، من بين نحو 350 ألفاً سجّلوا أسماءهم على المنصة الحكومية أي ما نسبته نحو أربعة في المائة من السكان، في وقت تسعى الحكومة الأردنية وفق خططها المعلنة إلى اشتمال ما بين 20 و30 في المائة من السكان باللقاحات في خلال المرحلة المقبلة. يُذكر أنّه من المتوقّع وصول نحو 250 ألف جرعة من لقاح "سينوفارم" ومليون جرعة من لقاح "فايزر" تباعاً في الشهر المقبل.

كوفيد-19
التحديثات الحية

وأظهر استطلاع للرأي أعدّه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ونُشرت نتائجه في الثالث من فبراير/ شباط الجاري، أنّ من أسباب عدم التسجيل أو التواصل مع الجهات الصحية من أجل تلقّي اللقاح المضاد لفيروس كورونا عدم الثقة باللقاح (38 في المائة) والتخوّف من آثاره السلبية (24 في المائة) فيما أفاد (11 في المائة) أنّ السبب هو عدم الاقتناع بجدوى اللقاح. إلى جانب ذلك، فإنّ الغالبية العظمى من الأردنيين (العيّنة الوطنية 71 في المائة وعيّنة قادة الرأي 85 في المائة) ترى أنّ الوضع الوبائي المتعلق بفيروس كورونا في الأردن بات تحت السيطرة.

في هذا الإطار، يقول عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة الدكتور بسام الحجاوي لـ"العربي الجديد" إنّ التسجيل ما زال مستمرا عبر المنصة الخاصة بعملية التحصين، وقد تمّ تجهيز 74 مركزاً لتلقي اللقاح لكنّ العملية تجري فقط في 29 مركزاً منها بسبب حاجة أحد اللقاحات إلى شروط محددة". يضيف الحجاوي أنّ "التسجيل لتلقي اللقاح يعود إلى الناس، علماً أنّ أيّ أعراض جانبية خطيرة للقاح لم تلحظ، وهو أمر من المفترض أن يساعد بشكل أكبر على زيادة الإقبال. وتلقّي اللقاح يكون وفق الأولويات التي حددتها وزارة الصحة، والبداية مع الكوادر الطبية والصحية وكبار السنّ وغيرهم من الفئات المعرّضة لخطر عال". ويلفت الحجاوي إلى أنّ "ثمّة شحاً باللقاحات في العالم، وثمّة صراعاً ما بين الشركات المنتجة والدول الغنية الكبرى لاحتكار الجرعات، مع العلم بأنّ الأردن كان من ضمن قائمة الدول الأربعين الأولى التي تمكنت من توفير لقاحَين اثنَين فعّالين وهما لقاح فايزر- بيونتك الأميركي الألماني وسينوفارم الصيني".

لقاحات كورونا في الأردن (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

ويشرح الحجاوي أنّه "بهدف الحصول على المناعة الجماعية، لا بدّ من أن يتمتّع ما لا يقل عن 50 في المائة من السكان بالمناعة. وكلما زاد عدد متلقي اللقاح تزيد فرص بلوغ المناعة الجماعية". وبحسب تقديراته، فإنّ "30 في المائة من سكان الأردن أصيبوا بفيروس كورونا، الأمر الذي يمنحهم المناعة، فيما يستهدف التحصين ما بين 20 و30 في المائة. وفي حال الوصول إلى مناعة لدى 60 في المائة من السكان، يمكن الحديث عن مناعة جماعية". ويتابع الحجاوي أنّه "بهدف بلوغ المناعة الجماعية الحقيقية، يحتاج الأردن إلى توفير اللقاح إلى أكبر عدد من السكان، مع اشتراط أن يوفَّر اللقاح كذلك إلى معظم سكان العالم. من دون ذلك فإنّ الأمر غير مجد للإطاحة بالفيروس". ويشدّد على أنّ "المناعة تكتمل عند تلقّي جرعتَي اللقاح، مع الحفاظ على الالتزام بإجراءات الوقاية المتّبعة من وضع الكمامة والتباعد الجسدي بعد عملية التحصين".

من جهته، يقول الباحث الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي لـ"العربي الجديد" إنّ "من أبرز أسباب العزوف المجتمعي عن الإقبال والتسجيل لعملية التحصين هو أنّ المواطن لا يستطيع اختيار نوع اللقاح الذي يريد. فالإنسان بطبعه يميل إلى حب الاختيار ويكره الإجبار". ويتحدّث عن أسباب أخرى، من قبيل "الشائعات التي غزت المجتمع حول اللقاح وأعراضه الجانبية. فهي دفعت الناس إلى عدم الإقدام على التسجيل، وقد فضّلوا انتظار توفّر لقاحات أكثر أماناً أو إيجاد علاجات لمواجهة الفيروس". يضيف الخزاعي أنّ "كثيرين هم الذين لا يريدون أن يكونوا من أوائل متلقّي اللقاح، ويفضّلون مراقبة آثاره على أشخاص آخرين يعرفونهم بشكل شخصي قبل أن يتخذوا قرارهم. ثمّة عدوى انتظار تنتشر بين أبناء المجتمع".

ويربط الخزاعي عدم الإقبال على اللقاح كذلك بعوامل ترتبط بالأداء الحكومي، "خصوصاً أنّ ثمّة أحاديث متداولة بين الناس بأنّ لا قيمة للتسجيل، إذ إنّ عدد اللقاحات المتوفّرة لدى الحكومة محدود، بالتالي فإنّ لا شفافية حول المتوفّر والتسجيل  استعراضي ولم يتلق اللقاح إلا نحو 45 ألفاً". ويوضح أنّ "ثمّة جفاءً بين المواطنين والحكومة، إذ إنّ المصداقية مفقودة نتيجة تراكمات، سواء على الصعيد الصحي أو الاقتصادي أو السياسي".

المساهمون