- أوغندا، التي استقبلت أكثر من 31 ألف لاجئ سوداني منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تعمل على دمج اللاجئين في نظمها الوطنية مع التركيز على التعليم والصحة وسبل العيش، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع بيئية لتفادي الضرر البيئي.
- تجربة أسعد تسلط الضوء على التحديات البيئية والإنسانية المرتبطة باللجوء، حيث تظهر أهمية الحفاظ على البيئة والمشاركة في حملات التشجير كجزء من الاستجابة لأزمات اللجوء، مع التأكيد على أن اللاجئين يمكن أن يكونوا قوة دافعة لحماية البيئة.
من دون أن ينشغل بالطقس اللطيف والخضرة والجمال حوله، وقف أسعد ضمن العشرات أمام مكاتب تسجيل اللاجئين في كمبالا. كانت الإجراءات تسير ببطء يزيد رهق الانتظار بعد رحلة اللجوء الطويلة عبر بوابات جنوب السودان إلى أوغندا.
ورغم أن الشمس لا تظهر كثيراً بين السحاب المتكاثف، إلا أن أسعد فضّل البقاء تحت شجرة المظلّة أو لوز مدغشقر كما يسمونها. تلك الشجرة الساحرة الظليلة جميلة المنظر، يداعب أوراقها الصغيرة الناعمة في توتر بائن. وما إن سمع نداء أن "عليهم العودة في الغد"، حتى انتزع في غضب غصناً لدناً، وراح يفرك أوراقه ويرمي بها، لكأنه يعدّه ليضرب به أحداً ما، فهذا هو اليوم الثامن عشر. وبغتة وجد أمامه شرطياً محلياً، بدا حانقاً وهو يقول كلاماً كثيراً بين الغضب والرثاء لحال اللاجئين، ما يعني أنهم لا يسمحون بمثل هذا الفعل. وحينها عبرت ذاكرته مجموعة ألوان الطيف الغنائية (فرقة أطفال غنائية سودانية)، وتلك الصرخة البيئية الباكرة: "أوعك تقطع صفقة شجرة... عشان ما يجينا جفاف وتصحّر".
أوغندا من الدول التي قدّمت تسهيلات كبيرة للسودانيين منذ اندلاع الحرب في 15 إبريل/ نيسان 2023، وتعاملت بمرونة فائقة في المعابر البرية والجوية. وتقول التقديرات إن عدد اللاجئين السودانيين فاق الـ 31 ألف لاجئ. وظلت تنفّذ الإطار الشامل للاستجابة للاجئين من دول الجوار، وخصوصاً الجارة الشمالية السودان وجنوب السودان بعد انفصال الدولتين عام 2011. كما ظلت تعمل وفق الميثاق العالمي للاجئين، مع التركيز على إدماجهم في النظم الوطنية، لا سيما قطاعات التعليم والصحة وسبل كسب العيش.
منذ ما قبل عام 2018، ظلت أوغندا تؤوي 14 مليون لاجئ. وحين وقفت الجهات الرسمية على فقدانه ثلث الغابات بسبب هذا التدفق الكبير، قرر مسؤول البيئة جون بول ماكينزي أنه "بدلاً من إعادة التأهيل البيئي بعد عودة اللاجئين إلى ديارهم، علينا أن نتفادى الضرر في بداية كل أزمة لجوء، لأن تدفق اللاجئين يعتبر ذا أثر سلبي على بيئتنا، ولكننا نثق بأن اللاجئين يمكنهم أن يكونوا قوة دافعة لحماية البيئة، والحفاظ عليها في حال تم السماح بمشاركتهم في الأمر منذ وصولهم". وبالفعل، شارك اللاجئون في حملات التشجير داخل وحول المعسكرات، كما قاموا بزراعة المساحات التي مُنحت لهم على سبيل الاعتماد على الذات في توفير الطعام".
لم يخطر في بال أسعد أنه حين كان السودان يستقبل اللاجئين من دول الجوار جراء النزاعات المسلحة، ولأسباب بيئية، لم تكن الجهات الرسمية تستجيب لنداءات البيئيين، والتحذير من إمكانية تدهور النظم البيئية. فالمنظمات الإنسانية لا تقدم ما يمكن أن يساعد في طهي الطعام وبناء المساكن مع ما تقدمه من مساعدات، الأمر الذي أفقدنا غابات بأكملها. وها هي حرب الصراع على الموارد تكاد تفقدنا الوطن بأكمله.
(متخصص في شؤون البيئة)