استعدادات خجولة للعام الدراسي الجديد في قطاع غزة

28 اغسطس 2022
أسعار مستلزمات المدارس مرتفعة في غزة (محمد الحجار)
+ الخط -

أغلقت كثير من المكتبات المدرسية في قطاع غزة أثناء العام الدراسي الماضي، وكذلك عدد من محال بيع الأزياء المدرسية، وتعيش غالبية الأسر ضغوطاً متعددة يضاف إليها نفقات العام الدراسي الجديد الذي ينطلق يوم غد الإثنين.

يحتاج الأطفال إلى الكثير من اللوازم المدرسية، لكن عدداً كبيراً من الأسر عزفت عن التوجه إلى الأسواق بسبب عدم توفر الأموال رغم محاولات بعض المصانع المحلية توفير الأزياء المدرسية بأسعار مناسبة.
لم يستطع يوسف النجار (43 سنة) شراء أي من لوازم المدرسة لأبنائه، إذ كان يبيع الأحذية في محل بسوق جباليا قبل العدوان الإسرائيلي في عام 2021، ونتيجة الظروف الصعبة لم يتمكن من مواصلة تسديد إيجار المحل، فانتقل للعمل على بسطة متنقلة، لكن الإقبال كان ضعيفاً رغم الجهد المضاعف، وقد قام ببيع البسطة قبل شهرين، وهو الآن يجلس في المنزل بلا عمل.
النجار أب لستة أطفال جميعهم في المدارس، ما بين المرحلتين الابتدائية والثانوية، ويقول لـ"العربي الجديد": "خلال الأعوام الأربعة الأخيرة تأثرت ظروفي المعيشية، حتى أنني قلصت من حاجيات المنزل الأساسية، ووصلت بي الحال هذا العام إلى عدم القدرة على توفير حاجيات أبنائي المدرسية، فرغم مجانية التعليم في قطاع غزة، ووجود وكالة أونروا، لكننا لا نستطيع توفير غالبية المتطلبات".

الحركة في السوق عادية حول محال الملابس والمكتبات رغم أننا على مسافة يومين فقط من بدء العام الدراسي، والباعة يعتبرونها حركة خجولة، ولا يمكن أن تقارن بالأعوام السابقة، ويؤكد بعض العاملين في بيع الملابس والحقائب المدرسية أن الزبائن تبحث عن البضائع الرخيصة، وأن ذلك اضطرهم إلى تخفيض نسبة الأرباح على بضائعهم من أجل استمرار البيع.
وزاد تردي الأوضاع في قطاع غزة منذ العدوان الإسرائيلي في العام الماضي، ولم يتغير الحال كثيراً بعد سماح الاحتلال بدخول عدد من الغزيين للعمل في أراضي الداخل المحتل عام 1948، إذ يرفض عشرات الآلاف العمل داخل الأراضي المحتلة، رغم أن بعضهم فقدوا أعمالهم، أو لا يجدون فرصة عمل، ويعتبر كثيرون أن الجو العام غير مهيأ لاستقبال السنة الدراسية، إذ استشهد 15 من أطفال المدارس خلال العدوان الأخير وحده، والظروف الاقتصادية والاجتماعية صعبة.

حركة بيع المستلزمات المدرسية شبه متوقفة (محمد الحجار)
حركة بيع المستلزمات المدرسية شبه متوقفة (محمد الحجار)

تقول رقية عمار (37 سنة)، لـ"العربي الجديد": "ذهبت إلى السوق وحدي بعد أن كانت صديقاتي وشقيقاتي يحرصن على مرافقتي في كل عام لشراء أغراض أطفالهن، بينما الظروف الاقتصادية للغالبية لا تسمح بذلك في الوقت الحالي. أطفالي كانوا متحمسين للعام الدراسي، وخصوصاً زين (5 سنوات) الذي يستعد للصف الأول من المرحلة الابتدائية، لكن جاء العدوان فتركنا غير متحمسين لأي شيء، وأحياناً أفكر في مستقبل أطفالي. ماذا بعد المدرسة؟ أو حتى الجامعة؟ لا حياة ولا مستقبل هنا في غزة، ومع مرور الوقت يزيد شعورنا بالاحباط مع استمرار حالتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية على هذا الشكل".

يبحث الأهالي عن المستلزمات المدرسية الرخيصة (محمد الحجار)
يبحث الأهالي عن المستلزمات المدرسية الرخيصة (محمد الحجار)

من جهته، أغلق بلال الحصري (50 سنة) مكتبته الواقعة في منطقة سوق الرمال بوسط مدينة غزة، بسبب الخسائر الناتجة عن قلة الإقبال، ويقول إنه "في السنوات الخمس الماضية كانت الحركة شبه جيدة، وبالطبع كانت أفضل قبل 10 سنوات. كنت في السابق أستعين بعمال إضافيين خلال فترة حلول الموسم الدراسي للتعامل مع كثرة الإقبال، لكنني قلصت عدد العاملين تدريجياً خلال السنوات الأخيرة، وصولاً إلى إغلاق المكتبة في يوليو/ تموز الماضي، رغم أنني كنت أعمل فيها وحيدًا".

قرر الحصري التوقف عن العمل في بيع اللوازم المدرسية والقرطاسية، وهو ينتظر حالياً الحصول على موافقة للعمل في أراضي الداخل المحتل بعد أن تعرض لخسائر كبيرة خلال العامين الماضيين، مشيراً إلى أنه أحضر بضائع ولوازم مدرسية كثيرة، لكن لم يقبل عليها أحد، وباع البضاعة بأقل من سعرها الحقيقي حتى يسدد ديونه، وعليه الحصول على تصريح عمل لتأمين حاجيات أسرته وسداد الديون المتبقية.
يقول لـ"العربي الجديد": "الكثير من المكتبات أغلقت لأن هذه المهنة لا تجدي نفعاً في مجتمع منهار، حتى الأدوات المدرسية كانت على دفتر الدين لأن الناس لا تستطيع دفع تكلفة كامل لوازم أطفالها مرة واحدة، وبعض العائلات تقوم بإعادة استخدام الدفاتر القديمة عبر محو المكتوب فيها لتوفير تكلفة شراء الجديدة، فأي بضاعة تدخل إلى قطاع غزة تكون غالية الثمن مقارنة مع الدول المجاورة، لأننا تحت الحصار".

لا تملك غالبية العائلات تكلفة اللوازم المدرسية (محمد الحجار)
لا تملك غالبية العائلات دفع تكلفة اللوازم المدرسية (محمد الحجار)
المساهمون