عاد القلق إلى الأردنيين من جديد على خلفية ارتفاع الإصابات بكوفيد-19 في خلال الأيام الماضية، بعدما كانت الأرقام قد استقرّت عند نحو 500 إصابة يومية أو أقلّ في خلال الأسابيع الماضية. وقد ازداد القلق من جرّاء التصريحات الأخيرة لوزير الصحة فراس الهواري، إذ قال: "نحن غير جاهزين للتعليم الوجاهي". وقد توقّع الهواري زيادة في الإصابات في الفترة المقبلة، داعياً المواطنين إلى الالتزام بإجراءات الوقاية من عدوى فيروس كورونا الجديد، خصوصاً في عيد الأضحى، ومعلناً دخول البلاد في موجة جديدة من الوباء فيما التحكم فيها مرتبط بالقدرات الصحية والتزام المواطنين. أضاف الهواري أنّ تحصين 4.5 ملايين شخص بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل سوف يقودنا إلى رفع كلّ القيود في البلاد، أمّا في حال عدم بلوغ هذا الرقم فسوف يكون التخلّي عن الإجراءات الاحترازية حينها مغامرة كبيرة.
ويشرح عضو اللجنة الوطنية للأوبئة بسام حجاوي الوضع في الأردن، قائلاً لـ"العربي الجديد": "اقتربنا من 10 آلاف وفاة ونحو 750 ألف إصابة حتى الآن، ولا يمكن الجزم بدخولنا في موجه جديدة"، متمنياً "ألا ترتفع الإصابات فتبلغ مستوى يرهق النظام الصحي". ويؤكد أنّه "طالما أنّ منظمة الصحة العالمية التي أعلنت عن الجائحة الكبيرة لم تعلن بعد انتهاءها، فإنّه ينبغي على الجميع توخّي الحيطة والحذر والالتزام بالإجراءات الوقائية".
يضيف حجاوي أنّ "اللقاحات المضادة لكوفيد-19 لم تصل بشكل كافٍ إلى دول كثيرة في العالم، وإذا لم تتخطّ نسبة التغطية باللقاحات 60 إلى 70 في المائة عالمياً، فلن تتوقف الجائحة، خصوصاً في ظلّ متحوّرات من الفيروس. وكلّما زاد التحصين خفّت الإصابات، لكن ثمّة متحوّرات جديدة ما زالت تثير القلق في العالم". ويتابع حجاوي أنّ "الكوادر (الطبية) في الأردن استطاعت اكتساب خبرات جيّدة للتعامل مع كوفيد-19 في خلال الفترة الماضية وحملة التحصين مستمرة"، مشيراً إلى أنّه "من غير المتوقّع عودة الوفيات بشكل كبير وتسجيل أرقام كبيرة للضحايا كما في الموجات السابقة أو حتى تفاقم الأوضاع بشكل موجع للنظام الصحي".
ويرى الحجاوي أنّ "ارتفاع الإصابات والوفيات النسبي في الأيام الماضية يُعَدّ مؤشّراً للحذر"، موضحاً أنّ "الحكم الدقيق على الوضع الوبائي في الأردن يعتمد على أرقام أسبوع على أقلّ تقدير، وليس يومَين أو ثلاثة أيام". ويعيد أسباب ارتفاع الإصابات في الأيام الماضية إلى "فتح القطاعات الاقتصادية، وعودة المغتربين في الصيف، وفتح الحدود، بالإضافة إلى أنّ نسبة التحصين لم تصل بعد إلى المطلوب لتشكيل مناعة مجتمعية كافية"، ولا يخفي أنّ "المؤشّرات بمجملها مقلقة وعلى الجميع الحذر في تفاصيل الحياة اليومية". وحول النظرة السلبية لبعض المواطنين تجاه اللقاحات المضادة لكوفيد-19، يقول الحجاوي إنّ "15 في المائة فقط من المحصّنين دخلوا إلى المستشفيات، ممّن تلقّوا جرعة واحدة، علماً أنّ نسبة الوقاية التي توفّرها اللقاحات تصل إلى 90 في المائة عند تلقّي جرعتَين". ويتابع أنّ "حالات المصابين من بين المحصّنين غير خطرة، لذلك يجب المسارعة للتزوّد بالجرعتَين".
من جهته، يقول الأستاذ المشارك في كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا والخبير في علم الأمراض المنقولة، محمد عبد الحميد القضاة، لـ"العربي الجديد" إنّه "منذ أسابيع، بدأ الأردن يدخل الموجة الثالثة بشكل بطيء مثل دول عدّة في العالم، وكان الأمل أن تنتهي الموجة قبل ارتفاع وتيرة الإصابات. لكنّه من الواضح أنّ الحالات ارتفعت في الأردن"، وذلك على خلفية متحوّر دلتا من فيروس كورونا الجديد الذي ظهر للمرّة الأولى في الهند في إبريل/ نيسان الماضي. يضيف القضاة أنّ المتحوّرات لا تعني زيادة الحالات الخطرة، "وذلك بسبب التحصين والإبقاء على ثقافة التباعد الجسدي. بالتالي، سوف تكون الإصابات التي تحتاج الى دخول المستشفى أو التي تصل إلى الوفاة منخفضة. وهو ما يعني أنّ الزيادة في الإصابات لن ترافقها زيادة كبيرة بالوفيات، نتيجة اللقاحات أو الإصابة بالفيروس في وقت سابق". ويتابع القضاة: "لا أتوقّع حالات خطرة ودخولا إلى المستشفيات بأعداد كبيرة في خلال الفترة المقبلة، كما كانت الحال في الموجات السابقة التي مرّ بها الأردن".
وعن الإجراءات المطلوبة في الفترة المقبلة، يقول القضاة إنّ "الأفضل للسيطرة على الوباء هو الإغلاق. لكنّ الحكومات التي لا تمتلك القدرة على تعويض مجتمعاتها آثار الإغلاق، لا يجب أن تعود إليه بل عليها أن تعزّز تدريب الكادر الصحي وتتهيأ لأيّ زيادة في الإصابات". بالنسبة إليه، فإنّ "المجتمعات التي لم تتعلم الدرس حتى الآن لن تتعلمه في الموجات المقبلة ولن يُساعد الإغلاق على حلّ أيّ شيء". ويكمل القضاة أنّه "مهما كانت الموجة الجديدة شديدة في الأردن، لا يجب أن يكون الإغلاق الشامل هو الحل. والمطلوب هو التوسّع في عملية التحصين وزيادة التوعية ومراقبة الالتزام بالتباعد الجسدي إلى جانب إجراءات وقائية أخرى"، مشدداً على "وجوب أن يقبل المواطنون على تلقّي اللقاح والالتزام بالكمامة لتفادي أيّ مخاطر". وعند سؤاله عن الإصابات التي تطاول الأشخاص المحصّنين ضدّ كوفيد-19، يجيب القضاة أنّ "الفيروس يغيّر من طبيعته وسلوكه. لكنّ إصابة الشخص المحصّن هي أقلّ خطورة بكثير من إصابة من لم يتلقَّ اللقاح. فاللقاحات تمنح مناعة عالية لكنّها غير كاملة، وهي مهمة للتخفيف من نقل العدوى".