احتقان في صفاقس.. ومهاجرون يطالبون بعدم تحميلهم مسؤولية مقتل تونسي

10 يوليو 2023
في محطة قطارات في صفاقس استعداداً لمغادرتها بعدما طُردوا منها (حسام زواري/ الأناضول)
+ الخط -

دعا مقيمون أجانب في تونس إلى عدم تحميل كلّ المهاجرين مسؤولية مقتل تونسي في مدينة صفاقس جنوبيّ البلاد. ويوم الاثنين الماضي، شهدت المدينة حالة من الاحتقان تصاعدت لتتحوّل إلى صدامات عنيفة بين سكانها والمهاجرين غير النظاميين المقيمين فيها، على خلفية مقتل التونسي نزار العمري على يد أفراد من هؤلاء الأخيرين.

وعقب مقتل العمري البالغ من العمر 40 عاماً، اندلعت اشتباكات وأعمال عنف في صفاقس وقُطعت الطرقات وحُرقت الإطارات المطاطية إلى جانب قيام مناوشات مع قوات الأمن، فيما طالبت هيئات مدنية ومنظمات غير حكومية بتهدئة الأوضاع وضمان أمن المهاجرين والتونسيين على حدّ سواء.

وبعد الحادثة، سُجّلت عمليات طرد كثيرة بحقّ مهاجرين في صفاقس، وخرج مئات المهاجرين منها في اتجاه ولايات تونسية أخرى، فيما اتّخذ آخرون حديقة جامع اللخمي بالمدينة ملجأً لهم بعد طردهم من منازلهم ومواقع عملهم. وتستقبل صفاقس مهاجرين غير نظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بأعداد كبيرة، علماً أنّ هؤلاء يرغبون في اجتياز الحدود البحرية في اتجاه أوروبا.

ومنذ مدّة، تشهد تونس تصاعداً لافتاً في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، خصوصاً في اتّجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية فيها وفي بلدان أفريقية أخرى.

مسؤولية فردية

وحول أحداث العنف التي أعقبت مقتل التونسي في المدينة، قال المهاجر من غانا، إبراهيم أغوغو: "أنا حزين جداً لما حصل في حقّنا. فقد طُردنا من منازلنا وحُرمنا أعمالنا"، مشدّداً على "عدم وجوب تحميل مسؤولية قتل الشاب التونسي لكلّ المهاجرين".

أضاف أغوغو لوكالة الأناضول: "أريد العودة إلى مسكني الذي استأجرته برفقة أصدقائي في محافظة صفاقس، وأن أعود إلى عملي، فلم يعد لدينا مصدر رزق ولا مأوى ما عدا حديقة جامع اللخمي وبعض الإعانات التي نتلقاها من بعض المواطنين".

من جهته، حذّر المهاجر الكاميروني بريان أكوفو من أنّ "الوضع سيزداد تأزّماً في الأيام المقبلة إذا بقي المصير مجهولاً"، مطالباً "المنظمات المعنيّة بحقوق الإنسان بالتحرّك لإيجاد حلول لمشكلات المهاجرين في المنطقة".

وشدّد أكوفو لوكالة الأناضول بقوله: "نحن نريد العيش بحرية كغيرنا من الناس، ونأسف كثيراً عندما تُمارَس علينا أشكال من العنصرية في بلد أفريقي. نحن نطالب بحقّنا في العيش في تونس والعمل فيها".

وتابع أكوفو: "إذا وُجدت فرصة لدخول الأراضي الأوروبية، سأفعل ذلك من دون تردد، إذ فيها الحرية والعمل، وأستطيع هناك جمع المال وتحقيق أحلامي التي فقدتها في بلادي".

ويوم الخميس الماضي، دعا حزب التيار الديمقراطي المعارض في تونس إلى "نبذ العنصرية وعدم الانسياق وراء خطابات الكراهية المجرَّمة قانوناً" وضبط النفس بعد الأحداث التي شهدتها مدينة صفاقس أخيراً.

سلم اجتماعي

في سياق متصل، قال الناشط المدني التونسي زياد الملولي: "لسنا عنصريين وليست لدينا أيّ مشكلة مع الأفارقة المقيمين في صفاقس بصورة قانونية، وكنّا نشاركهم طوال سنوات جلّ أفراحهم وأتراحهم. لكنّ تزايد أعدادهم بصورة كبيرة ومفزعة وغير مقبولة صار يهدّد السلم الاجتماعي".

وأوضح الملولي لوكالة الأناضول أنّ "ما يخيفنا كذلك من توافد المهاجرين انتشار الأمراض، كالسلّ والإيدز، وهو ما أكّده المندوب الجهوي للصحة في صفاقس". يُذكر أنّ الملولي كان قد أطلق حملة "سيب التروتوار" المناهضة لوجود المهاجرين في صفاقس، وهو ينظّم على الدوام، مع المجموعة التي ينتمي إليها، تحرّكات في الإطار نفسه.

وشدّد الملولي متوجّهاً إلى السلطات التونسية، على أنّه "لا بدّ من مراقبة الحدود وإعادة فرض التأشيرة على دول أفريقيا جنوب الصحراء لحلّ هذه المشكلة".

وعقب أعمال العنف التي اندلعت مساء الأحد الماضي، تحدّث الرئيس التونسي قيس سعيّد عن الوضع في صفاقس، قائلاً إنّ البلاد "لا تقبل أن يقيم على أراضيها من لا يحترم قوانينها، ولا أن تكون دولة عبور (في اتّجاه أوروبا) أو أرض توطين لمواطني دول أفريقية معيّنة".

وذكر سعيد أنّ "ثمّة شبكات إجرامية مسؤولة عن عمليات الهجرة غير النظامية إلى صفاقس"، بحسب بيان للرئاسة التونسية.

وتُعَدّ صفاقس نقطة مهمّة للمهاجرين غير النظاميين بهدف الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي تبعد نحو 130 كيلومتراً عن السواحل التونسية. يأتي ذلك في حين تتعرّض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة تطالبها بممارسة مزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة من مغادرتها.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون