احتجاجات واعتصامات رفضاً لاكتظاظ مدارس "أونروا" في لبنان

15 أكتوبر 2022
من احتجاجات طلاب مدارس "أونروا" في لبنان (فيسبوك)
+ الخط -

يواصل تلاميذ وأولياء وعدد من أعضاء اتّحاد المعلّمين الفلسطينيّين في لبنان الاحتجاج والاعتصام أمام مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) الإقليميّ في بيروت، مطالبين بإيجاد حلّ سريع لأزمة مدارس الوكالة، ومهددين بالتصعيد.
"نحن مش سردين"، و"من حقّنا نتعلّم في بيئة سليمة"، بهذه العبارات يعرب التلاميذ عن سخطهم من الاكتظاظ الكبير الذي تشهده بعض مدارس "أونروا". وكانت العملية التعليميّة قد تعرّضت قبل نحو أسبوعين للتعطيل عبر خفض عدد الحصص اليومية في بعض المدارس، وإقفال البعض الآخر.
وكشفت مصادر خاصّة لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك مفاوضات بين إدارة "أونروا" والمعلّمين المعتصمين الذين يؤكدون أنهم جاهزون لكلّ الاحتمالات، ومن ذلك مواصلة الاعتصام في حال عدم تجاوب إدارة الوكالة.
وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، قال رئيس اللّجنة القطاعية لاتّحاد المعلّمين الفلسطينيّين في لبنان فتح شريف: "ننتظر نتائج اللقاء بين إدارة أونروا وفصائل العمل الفلسطيني المشترك، وسنتحرك وفق تلك النتائج، والاعتصام مستمر داخل مقرّ الوكالة حتّى تحقيق المطالب، وإيجاد الحلول المناسبة".
واستنكر اتّحاد المعلّمين في بيان "الادّعاءات والأكاذيب التي تطلقها أونروا، والتي كان بيانها سياسياً بامتياز، ولا علاقة له بالعمل الإداري. كان الأجدر أن تقوم الوكالة بواجباتها إزاء أبناء شعبنا الفلسطينيّ، ولا شأن لنا بتدخّل الفصائل في هذه القضيّة، ولا صحّة لما أشاعته من تسييس تحركات الطّلبة، فنحن الأحرص على أبناء شعبنا في مقابل ما تمارسـه هذه الإدارة من تضييع للحقوق وإهدار للكرامة، وليتابعوا تحركّات الطلاب وأهاليهم يومياً اعتراضاً على سياساتهم في التعليم".
ولفت إلى أنّ "الوكالة وعدت بإنجاز عمليّة المسح الميدانيّ لأعداد الطّلبة يومَي الإثنين والثّلاثاء، ولم تسـتكمل هذه العمليّة نتيجة تقصير واضح، علمًا أنّه في الأسبوع الماضي لم تُغلق أيّ مدرسة أبوابها، وقد حذّرنا مسبقاً من البداية المتعثّرة للعام الدراسي نتيجة سوء الإدارة، ونأسف لإقدام الإدارة على التصعيد والتهديد، بدلا من مدّ يد الحوار للوصول إلى حلولٍ معقولة".
واستنكر البيان "القرارات غير المسؤولة لإدارة التعليم في أونروا، والتي تنمّ عن جهلٍ واضحٍ بحقائق الأمور؛ حيث عممت تخصيص كاتب واحد لكل 3 آلاف طالب؛ وهذا يقتضي توزيع كل كاتب على عدة مدارس، وينسحب على مرشدي الدعم النفسي الاجتماعي. الأمر الذي يُلقي بعبء كبير على الموظّفين، ويحرم أبناء شعبنا من فرص عمل. علماً أنّ الإدارة وعدت بتخصيص كاتب لكلّ مدرسة، ما يعني أنّها تنصّلت من وعودها؛ الأمر الذي يضع مصداقيّتها على المحكّ".

الصورة
اعتصام أمام مقر "أونروا" في بيروت (فيسبوك)
اعتصام أمام مقر "أونروا" في بيروت (فيسبوك)

وقال مدير "مؤسّسة العودة الفلسطينيّة" ياسر علي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "إشكاليّة الاكتظاظ وعدم وجود مقاعد دراسيّة كافية ناجمة عن تدفّق أعداد كبيرة من تلاميذ المدارس الخاصّة إلى مدارس أونروا من جرّاء الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، إضافة إلى عدم إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة في عام 2020، ما فاقم عدد طلاب المرحلة الثانويّة منذ ذلك الوقت. وصل عدد التلاميذ في بعض الصفوف إلى ما يقارب 60 طالباً، الأمر الذي دفع بهم لافتراش الأرض، علماً أنّ أونروا أغلقت أخيراً مدارس كانت تستأجرها على الرغم من أنّ عدد طلابها وصل هذه السنة إلى نحو 38 ألف طالب موزعين على نحو 60 مدرسة".
في المقابل، قالت وكالة "أونروا" في بيان، الأربعاء الماضي، إنّها فتحت مدارسها في 15 سبتمبر/ أيلول، بدوام حضوري كامل للطلاب لأول مرة منذ أكثر من عامين، وأنّ الحدّ الأقصى لعدد الطلاب، بحسب المعايير المعتمدة، هو 50 طالباً لكلّ صف، وأعلنت أنّ "متوسط عدد الطلاب في الصف بلغ على مستوى لبنان 37 طالباً، مقارنةً بمتوسط عدد الطلاب في الوكالة ككلّ، البالغ 39 طالباً في كلّ صف، ويقوم برنامج التعليم حالياً بعملية تحقّق للتأكّد من العدد الفعلي للطلاب، ومن العدد الدقيق للمعلّمين المطلوبين. لكن بسبب الاحتجاجات المستمرة لم يتمكّن البرنامج من إنهاء هذه العملية خلال الأسبوع الماضي كما كان مخططاً".

وكشف بيان الوكالة أنّه "حتّى الآن، تمّ تحديد 5 شعب صفية فقط يتجاوز فيها عدد الطلاب 50 طالباً، وسيتمّ تقسيمها إلى شعب أصغر، كما بلغت نسبة الصفوف التي يزيد عدد طلابها على 45 طالباً في المرحلة الابتدائية 6.4 في المائة، و7.5 في المائة بالمرحلة المتوسطة، و8.6 في المائة بالمرحلة الثانوية، وسيتمّ النظر مجدّداً في حالة هذه الصفوف".
ولفتت الوكالة إلى أنّ "إقليم لبنان حصل على موافقة من رئاسة أونروا لتوظيف 19 معلماً على أساس يومي، ريثما يتمّ الانتهاء من تشكيلات الصفوف"، داعيةً جميع المعنيين إلى "توحيد الجهود من أجل مصلحة الطلاب، وتعويض الفاقد التعليمي بعد جائحة كورونا والأزمات المتتالية في لبنان".
من جانبه، ربط ياسر علي بين الإشكاليّة الراهنة وقرار سابق لـ"أونروا" حين قامت قبل 10 سنوات بتقليص دعم البرنامج التعليمي، ورفعت سقف عدد الطلاب في الصف الواحد إلى خمسين طالباً، وهي قرارات ظالمة، مضيفاً أنّ "الوكالة ملزمة بتعليم كلّ تلميذ فلسطيني، ونحن حالياً أمام كسر عظم، علماً أنّ بعض الفصائل رفضت التحرّك لمصالحها الخاصّة مع الوكالة رغم ثقتها باتّحاد المعلّمين الذي يفترش أفراده الأرض في مقرّ الوكالة سعياً لتحصيل الحقوق".
ودعا اتّحاد المعلّمين "الفصائل الفلسطينيّة والقوى المجتمعيّة والفعاليّات واللّجان الأهليّة والشّـعبيّة، إلى تحمّل مسؤوليّاتها لكبح جماح إدارة أونروا في سياسة التّقليصات الخطيرة التي سترتدُّ سلباً على المجتمع الفلسطيني".

المساهمون