إيطاليا: حملة أمنية واسعة تستهدف مروّجي "نظرية المؤامرة" والعنف من رافضي لقاح كورونا

17 سبتمبر 2021
فرضت السلطات الإيطالية غرامة مالية على رافضي اللقاح (Getty)
+ الخط -

تواجه السلطات الصحية والأمنية الإيطالية مشكلة مع تنامي عنف مجموعات رافضي لقاح كورونا ومؤيّدي نظرية المؤامرة، إذ تتزايد الدعوات في صفوفهم لاستخدام العنف والمواجهة في الشارع، ولو عن طريق السلاح والقنابل. والتوتر الذي تشهده بعض مدن البلاد، خصوصا في المنطقة الممتدة من العاصمة روما إلى ميلانو، يأتي أيضا على خلفية فرض السلطات الإيطالية، الأربعاء الماضي، غرامة مالية تصل إلى 1500 يورو على رافضي اللقاح وحمل "جواز كورونا". 

واضطرت السلطات الإيطالية خلال الأيام الماضية للدفع بقوات شرطة واستخبارات لمواجهة مخططات عنف على منصة مشفرة في موقع "تيلغرام"، حيث جرى توقيف ما يقرب من 200 شخص في مختلف المدن، وخصوصا في ميلانو، وبينهم رجال ونساء تراوح أعمارهم بين 33 و53 سنة، وفقا للصحافة الإيطالية.

وتشير المعلومات الأمنية في روما إلى أن الحملة استهدفت محرضين على استخدام العنف، بما في ذلك استخدام طائرات درونز متفجرة والتحريض على الصحافة والسياسيين. ويبدو أن المستهدف الرئيس ليس الداعين لتظاهرات في الشارع بل هؤلاء الذين يسمون مجموعتهم "المحاربون"، الذين يضمون خليطا من الحركة الفاشية الإيطالية ومروجي نظرية المؤامرة وأن الدولة الإيطالية تستهدف "الحريات الشخصية" للمواطنين من خلال "اختراع فيروس كورونا وفرض اللقاح عليهم". 

الأمن الإيطالي، وخصوصا من قوات مكافحة الإرهاب، برّر عمليات الاعتقال الأخيرة باعتبارها إجراء وقائياً وضرورياً قبيل مظاهرة نهاية الأسبوع، التي دعا إليها رافضو اللقاح وحمل "جواز كورونا" واحتجاجا على الإجراءات المشددة التي تمنع غير الملقحين من دخول المطاعم والحانات والمقاهي ومراكز اللياقة والمتاحف وغيرها من الأماكن، فضلا عن أنه بات إلزاميا لجميع العاملين في قطاعي الصحة والتعليم إظهار "جواز كورونا"، ما عدّته المجموعة تقييدا للحريات الشخصية.  

وكُشف النقاب عن أن المنتمين إلى مجموعة "المحاربين"، المتهمين اليوم بـ"الإرهاب"، خططوا لقتل وزير الخارجية لويجي دي مايو، محرضين عليه باعتباره "جرذا يجب التخلص منه"، وفقا لما سربته الصحافة عن المدعين العامين حول مراسلات مغلقة بين الأعضاء. بل إن هؤلاء حرضوا أيضا على رئيس الوزراء ماريو دراغي ووزير الصحة روبرتو سبيرانزا. واعتبرت وزيرة الداخلية الإيطالية لوسيانا لامورجيس أن مستوى التحريض والعنف الرافض للقاحات "وصل إلى مستوى غير مقبول". وشددت الوزيرة على أن ما يجري أمر خطير "حيث تزداد حدة نغمة الرافضين، وهناك خطر بأن يكون المتطرفون يؤثرون على المظاهرات في الشارع، وعلى أشخاص لديهم ميل للبدء باستخدام العنف". وتجاوز التحريض الطبقة السياسية إلى دعوة المجموعات إلى استخدام "قنابل المولوتوف ضد سيارات التلفزة والصحافة"، التي يتهمونها بأنها جزء من "المؤامرة". 

وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدا في الاحتجاجات على خلفية التشديدات التي أدخلتها الحكومة لمواجهة رافضي اللقاح، أو الذين يرفضون حتى التوجه إلى فحص كورونا، بالتزامن مع استهداف علماء الأوبئة والفيروسات.

الداخلية الإيطالية أعلنت عن اتساع الاحتجاجات في 54 مدينة، بعدما بدأت تطبيق إجراءات جديدة في بداية الشهر الحالي، إذ شهدت بعض محطات القطارات صدامات استخدمت فيها الشرطة رذاذ الفلفل والهراوات  للسيطرة على مجموعات كانت بصدد اقتحام عربات القطارات وشل حركتها. وعلى الرغم من أن المجموعات المعترضة تعتبر صغيرة قياسا إلى أن أكثر من 80 في المائة ممن هم فوق 12 عاما تلقوا التطعيم، إلا أن المخاوف الرسمية والأمنية تتعلق بخلفيات بعض المحرضين على العنف في الشارع "لإحداث فوضى" كما ترى السلطات.

وشهدت ساحة بيازا ديل بوبولو في العاصمة روما، يوم السبت الماضي، تظاهرة شارك فيها نحو ألف شخص بدعوة من مجموعة "المحاربين"، حيث تحدث إليهم منكر فيروس كورونا الأشهر سيمون أبيلا، الذي ينتمي إلى حزب "بارتيتو ناسيونالي" اليميني المتطرف، إضافة إلى بروز شخصيات من الحركة الفاشية، وخصوصا من حزب فورزا نوفا، الذي يحث المنتمين إليه على عدم قبول التطعيم. واستطاع المعسكر اليميني المتطرف اللعب على مشاعر إيطاليين، على خلفية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها إيطاليا جراء الجائحة، التي حصدت أرواح أكثر من 306 أشخاص منذ نهاية الأسبوع الماضي حتى اليوم، ويوجد نحو 130 ألف مصاب. 

وأدت الجائحة إلى فقدان نحو مليون إيطالي وظائفهم، وانضم مليون آخر إلى طوابير الفقراء، وفقا للأرقام الرسمية. وتعزز الأزمة الاقتصادية خطابا شعبويا يشيعه رافضو اللقاح والتقييدات الجديدة حتى بين متلقي التطعيم.  

المساهمون