كشفت الأرقام الصادرة عن المديرية العامة لمناهضة العنف ضدّ المرأة في إقليم كردستان، شمالي العراق، عن زيادة واضحة في معدلات العنف بمختلف الأشكال ضدّ النساء خلال العام الحالي 2021، بعد تسجيل بيانات منخفضة للظاهرة ذاتها في فترات سابقة.
وبحسب إحصائية رسمية اطلع "العربي الجديد" عليها، فقد تمّ تسجيل 10 حالات قتل، إضافة إلى 41 حالة انتحار، و45 حالة إقدام على الحرق، و77 حالة اعتداء جنسي خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2021، تعرّضت لها نساء في مدن عدة بالإقليم، كما بلغ عدد شكاوى العنف التي رفعتها النساء، خلال المدة الزمنية ذاتها، 8864.
وتصدّرت مدينة أربيل حالات العنف ضد النساء بمختلف الأشكال، وتلتها محافظة دهوك ثم السليمانية.
وتُظهر الأرقام المثبتة لدى المديرية العامة لمناهضة العنف ضدّ المرأة في إقليم كردستان شمالي العراق، تنامي ظاهرة العنف عموماً وتعدد أشكاله من الضرب والتنكيل والاعتداء الجنسي، والقهر المفضي إلى محاولات الانتحار أو إيذاء النفس.
وسُجّلت 10 عمليات قتل، تصدّرت فيها دهوك مدن الإقليم، بواقع 7 حالات قتل لنساء، كانت أغلبها على يد أشخاص من نفس العائلة.
مديرة المديرية العامة لمناهضة العنف ضد المرأة والأسرة في كردستان، كورده عمر، تحدّثت لـ"العربي الجديد"، عن أنّ "ارتفاع حالات العنف ضد المرأة لا يعود إلى زيادة الظاهرة في الإقليم، وإنّما إلى ارتفاع نسبة الوعي لدى النساء، والتبليغ عن حالات تعرّضهن للعنف لدى الدوائر المعنية، بعد أن كان التبليغ عن هذه الحالات شبه غائب في السابق".
وتضيف عمر أنّ الأعداد والإحصائيات لحالات العنف والاعتداء الجنسي ضد النساء، وتحديداً الابتزاز الإلكتروني، أكثر من المذكورة بالتقرير بكثير، لكنها لم تسجّل لدى الدوائر المعنية بسبب الخوف من انعكاسات الأمر على المرأة أو العادات والتقاليد. وحذّرت في الوقت نفسه من زيادة حالات المساومة أو التحرّش والابتزاز الإلكتروني مستقبلاً.
في المقابل، يقول المتحدّث باسم دائرة مكافحة العنف ضد المرأة في مدينة السليمانية، المقدّم هيوا كريم، إنّ ظاهرة العنف ضد النساء ازدادت في كردستان خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً بعد ظهور تنظيم "داعش"، عازياً السبب في ذلك إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية المتوترة وانتشار السلاح، مع تراجع أدوار التربية، بالإضافة إلى العادات والتقاليد.
وأوضح كريم أنّ "مواقع التواصل الاجتماعي وعدم وجود رقابة صارمة عليها وما يُنشر فيها، بدون مراعاة الفرد وعمره، تأتي في مقدمة الأسباب التي مهّدت الطريق لزيادة هذه الظاهرة".
وينتقد كريم، في حديث مع "العربي الجديد"، وزارة الثقافة في الإقليم بسبب "عدم قيامها بواجبها ودورها الحقيقي بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات والقنوات الإعلامية التي تبثُ مسلسلات وأفلام مخالفة للعادات والتقاليد والعُرف الاجتماعي في كردستان".
ولمعالجة هذه الظاهرة أو منع زيادتها على الأقل مستقبلاً، يقترح كريم معالجة الأزمة السياسية وتحسين حياة الفرد اقتصادياً أولاً، وأن يكون لبرلمان الإقليم سلطة على بعض الدوائر الحكومية الرقابية.
وأكّد ضرورة إعطاء المقبلين على الزواج دورات توعوية، تخصّ الحياة الزوجيّة وواجبات الزوج والزوجة مع بعضهما، مُحذّراً في الوقت ذاته من أنّ عدم معالجة هذه الظاهرة سيجعل من المجتمع الكردي مفكّكاً أسرياً خلال السنوات القادمة.
بدورها، أكّدت عضو لجنة الأسرة في برلمان إقليم كردستان، شادي نوزاد، أنّ "الإقليم بحاجة ماسّة وضرورية لتعديل بعض القوانين وتشريع أخرى جديدة لمناهضة العنف الأسري والاعتداء الجنسي ضدّ النساء، وتحديداً ما يتعلق بالابتزاز الإلكتروني". وأضافت أنّ "القانون المعمول به حاليا، والخاص بالتعامل مع أجهزة ووسائل الاتصال، لا ينسجم مع تطوّرات المرحلة الحالية".
وحذّرت نوزاد، خلال حديث مع "العربي الجديد"، من سلبيات عدم تشريع أو سنّ قانون جديد يُساهم في الحدّ من ظاهرة العنف ضد المرأة في الإقليم، وتوقعت أن تزداد الظاهرة خلال السنوات المقبلة لعدم وجود قانون رادع يُكافح هذه الظاهرة السلبية. وأكّدت أنّ لجنتها رفعت تقاريرها وإحصاءاتها الخاصة حول حالات التحرّش الجنسي والابتزاز الإلكتروني إلى حكومة كردستان، وهي بانتظار نتائج مباحثاتها مع الأطراف المعنية.
يذكر أنّ أعداد الشكاوى التي تقدّمت بها النساء عن حالات العنف ارتفعت من 5275 حالة في عام 2020، إلى 8864 حالة في عام 2021 في عموم مناطق كردستان.