تحوّل يوم التحصين المكثّف ضد فيروس كورونا في تونس إلى ما يشبه الحدث الوطني الذي استنفرت له كلّ الدوائر الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، لإنجاح أكبر حملة تطعيم تشهدها البلاد منذ إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح في إبريل/ نيسان الماضي، والتي تشمل المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من الشريحة العمرية ذاتها.
وتوافد تونسيون، الأحد، بكثافة على المراكز استجابة لنداء السلطات الصحية التي دعت المواطنين ممن تجاوزوا سن الأربعين إلى التلقيح، ومنذ الساعات الأولى من الصباح، سجل 330 مركز تطعيم إقبالا كبيرا لمواطنين من فئات عمرية مختلفة، بمن في ذلك كبار السن، واصطف العشرات في كافة المحافظات في طوابير أمام مراكز التلقيح، فيما تولت منظمات المجتمع المدني تنظيم الصفوف والتسجيل.
وقالت مديرة قاعة العمليات المركزية بوزارة الصحة، هندة الشابي، لـ"العربي الجديد"، إن "الإقبال على المراكز كان مكثفا، وإن تفاوت بحسب الجهات، وحدث زحام وفوضى في بعض المراكز، لكن يتم تجاوز سوء التنظيم لاحقا، كما جرى تدارك النقائص التي سجلت في عدد من المراكز، والمراكز القريبة من المناطق الريفية كانت الأكثر إقبالا، ولا سيما من قبل كبار السن ممن لم يتمكنوا من التسجيل سابقا".
وأشارت الشابي إلى أن "السلطات الصحية في تواصل مستمر مع المشرفين على مراكز التطعيم من أجل تذليل الصعوبات، وتفادي طوابير الانتظار والزحام في البعض منها. درجة التنظيم تختلف من مركز إلى آخر، والعملية تتم بسلاسة في أغلبها، وبجهد تنظيمي كبير من المجتمع المدني. تلقيح مليون مواطن بات ممكنا بعد تسجيل أكثر من 150 ألفا خلال الساعات الثلاث الأولى من الحملة، وارتفاع الرقم إلى 220 ألفا في الفترة الصباحية".
وكشفت وزارة الصحة أن 30 في المائة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم أو تفوق 40 سنة لم يسجلوا عبر المنظومة الإلكترونية للتلقيح، أي نحو مليون و700 ألف شخص، وقالت الوزارة إن "8 محافظات تشهد نقصا في الإقبال على التلقيح، وهي تونس الكبرى، والتي تضم تونس، وأريانة، ومنوبة، وبن عروس، إلى جانب محافظات صفاقس، والقيروان، ونابل، وسوسة".
وبدأت ترتيبات حملة التحصين المكثّف ضد فيروس كورونا قبل أيام من الموعد المحدّد، وذلك بتحديد 330 مركزاً للتلقيح في مختلف مدن البلاد، ودعوة مهنيي الصحة في القطاعين الحكومي والخاص من أطباء وصيادلة وممرّضين إلى التطوّع من أجل حقن جرعات التطعيم، فيما تتولى منظمات المجتمع المدني تسجيل المواطنين على المنصة الإلكترونية وتنظيم الطوابير ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت وزارة الصحة، في بيان نشرته حول ترتيبات يوم التحصين المكثّف، إنّ عمليات التطعيم ستمتد لأكثر من 12 ساعة، ابتداءً من السابعة من صباح الأحد ولغاية السابعة مساءً، داعية المواطنين الذين تجاوزوا سن الأربعين إلى الإقبال بكثافة على مراكز التلقيح لتلقي جرعات من لقاح "أسترازينيكا" التي جرى تعميمها على كل المراكز.
ونشر أطباء على شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات شرحوا عبرها أهمية التلقيح لحماية الفئة العمرية المستهدفة، ولتقديم تطمينات عن نجاعة اللقاح، مطالبين التونسيين بالتوجه بكثافة إلى المراكز القريبة منهم الأحد، للحصول على جرعاتهم والمساهمة في رفع النسبة العامة للمناعة في البلاد.
وتتزامن حملة التحصين المكثّف مع تراجع المؤشرات الوبائية في تونس وانخفاض نسبة العدوى إلى 23 بالمائة، إلى جانب تسجيل تراجع في معدل الإصابات والوفيات التي تظلّ رغم تراجعها في حدود 130 إصابة يومياً.
وتستهدف تونس، وفق رئيس اللجنة الوطنية للتلقيح الهاشمي الوزير، تلقيح 50 بالمائة من مواطنيها قبل بداية شهر سبتمبر/ أيلول القادم، مع توفّر ما لا يقلّ عن 8 ملايين جرعة لقاح تمّ الحصول عليها عبر شرائها مباشرة، أو في إطار منظومة "كوفاكس" التي ترعاها منظمة الصحة العالمية، أو في إطار المدّ التضامني لعدد من البلدان لمساعدة تونس على تجاوز أزمتها الصحية.
ودعا ائتلاف المجتمع المدني للدفاع عن المرفق العمومي للصحة، في بيان له، إلى قبول جميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عاماً والذين يأتون إلى مراكز التلقيح، بمن فيهم المهاجرون واللاجئون بصرف النظر عن وضعهم القانوني.
كما طلب الائتلاف أن يكون موعد 8 أغسطس/آب، نقطة انطلاق لتعبئة واسعة النطاق لإنشاء مراكز صحية قريبة من المناطق، وفي المقام الأول مراكز الصحة الأساسية، من أجل وضع حد للتفاوتات الجهوية والاجتماعية في التغطية بالتلقيح وتحقيق الأهداف النوعية والكمية للحملة الوطنية للتلقيح.