أوضاع كارثية للنازحين في مخيمات شمال شرقي سورية

10 اغسطس 2024
مخيم الهول يضم 43 ألف شخص (كايت جيراغتي/ Getty)
+ الخط -

مأساة هي أقل ما يقال لوصف ما يعيشه النازحون في مخيمات شمال شرقي سورية في ظل ضعف المساعدات من قبل المنظمات المحلية والدولية، ولمخيم الهول الحصة الأكبر من المعاناة.

يعيش النازحون في مخيمات شمال شرقي سورية الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية ظروفاً إنسانية صعبة، وسط ضعف إمدادات المنظمات الإنسانية، وجهود تبذلها سلطات الأمر الواقع لمساندة النازحين الذين تتوزع مخيماتهم على أربع محافظات، هي حلب والرقة ودير الزور والحسكة.
يتصدر مخيم الهول المشهد لناحية قتامة واقع النازحين، على الرغم من أنه من بين المخيمات التي تعترف بها حكومة النظام السوري، إلا أنها تعرقل عمل المنظمات الإنسانية الساعية لتلبية احتياجات النازحين، كما تمنع وصول هذه المنظمات إلى المخيمات العشوائية المنتشرة في ريف الرقة والتي يتجاوز عددها 58 مخيماً.
ووفق تقرير لمبادرة "ريتش"، وهي مشروع يهدف إلى تحليل بيانات الأوضاع الإنسانية، فإن 59% من الأسر المقيمة في مخيم الهول تعتمد اقتراض المال استراتيجيةً للعيش، مع معدل دين يبلغ 70 دولاراً أميركياً، وتقلل العائلات النفقات غير الغذائية للتكيف مع النقص، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى التدخل لتحسين المعيشة. في حين لا تتمكن 90% من الأسر من الوصول إلى الرعاية الصحية، وتعاني المرافق الصحية في المخيم من نقص كبير في الأدوية.
وأكد التقرير أن 80% من أسر المخيم بحاجة للمأوى، وتجاوزت الحاجة للخيام والعوازل 82%، ما يشير إلى وجود أزمة إنسانية تعكس الصورة في بقية المخيمات العشوائية. 

يقول رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية لإقليم الشمال والشرق السوري شيخ موسى أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن المشاكل والتحديات والصعوبات التي تواجهها تختلف من منطقة إلى أخرى، وهناك 17 مخيماً ضمن مناطق تشرف عليها الإدارة الذاتية في مناطق الشمال والشرق السوري، بما فيها أيضاً خمسة مخيمات ضمن منطقة محاصرة من قبل جهات عسكرية، أو من قبل الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري.
ويلفت أحمد إلى أنه في شرق الفرات هناك أيضاً 12 مخيماً نظامياً، والتحدي الأكبر الذي تواجهه مخيمات الجزيرة على وجه الخصوص هي مشكلة توفر المياه للاستخدام المنزلي أو الشرب، نظراً للإغلاق المستمر من قبل فصائل المعارضة لمحطة مياه علوك التي كانت تغذي مدينة الحسكة، وتنتشر في ضواحيها مخيمات مهجري رأس العين، إلى جانب مراكز الإيواء، فضلاً عن مخيمي الهول والعريشة شرق مدينة الحسكة. وهناك أيضاً مشكلة الطاقة والكهرباء، ويعد توفر الكهرباء والمياه من أكبر التحديات التي تواجه السكان. 

تواجه بعض المخيمات نقصاً في المياه (رامي السيد/ Getty)
تواجه بعض المخيمات نقصاً في المياه (رامي السيد/ Getty)

ويقول إن "غالبية المخيمات غير معترف بها من قبل وكالات الأمم المتحدة، والتي تعترف فقط بخمسة مخيمات، وإغلاق معبر اليعربية يشكل تحدياً أكبر بالنسبة لدخول المساعدات، ويمكّن حكومة النظام من التحكم بالمساعدات المقدمة لمخيمات مناطق شمال وشرق سورية. يضاف إلى ذلك استبدال الخيم التي تجاوز عمر بعضها ست سنوات وباتت مهترئة وبحاجة إلى استبدال. الدعم المقدم من بعض المنظمات غير الحكومية والمنظمات المحلية لا يفي بحاجة المخيمات والنازحين، كون الأعداد الموجودة في المخيمات كبيرة وبحاجة إلى مساعدات دولية كبيرة يجب أن تدخل بشكل مباشر من دون أن تتعرض لأي ابتزاز أو تسلط من قبل جهة خارج المنطقة".  
ويقول النازح من ريف دير الزور مالك العبدالله، لـ"العربي الجديد": "نزحت وأفراد عائلتي مرات عدة وصولاً إلى مخيم الهول. المنطقة التي نتحدر منها تخضع لسيطرة قوات النظام وإيران، والعودة إليها في الوقت الراهن شبه مستحيلة، كما أن الخروج إلى منطقة أخرى ضمن مناطق سيطرة قسد أمر صعب. ليس لدي مال لاستئجار منزل لشهر واحد على أقل تقدير. ننتظر أن تتغير الأمور للأفضل حتى نتمكن من العودة".

وتصف مديرة منظمة "أطباء بلا حدود" في هولندا فيكي هاوكينز، مخيم الهول الذي زارته، بأنه "سجن غير آمن يضم 43 ألف شخص، وهو مكان غير صحي، فنسبة المتواجدين في المخيم دون 18 سنة تبلغ 65%، منهم 51% دون سن 12. وتضيف: "عندما تدخل المخيم، ترى الأطفال يلعبون في التراب بألعاب مؤقتة مصنوعة من القمامة. ليس لديهم وصول منتظم إلى التعليم أو الأنشطة الاجتماعية. هذه ليست طريقة للعيش القسري لأي شخص، ناهيك عن الأطفال".
وتلفت إلى أن "نظام الإحالة الطبية الذي تموله منظمة الصحة العالمية توقف منذ مارس/ آذار الماضي عن مخيم الهول وعشرة مخيمات أخرى في المنطقة بسبب نقص التمويل، الأمر الذي حرم المرضى من الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة، كما أن نقص المياه في المنطقة بسبب الجفاف يؤثر على السكان وعلى النازحين في المخيمات".

المساهمون