تقرير حقوقي يرصد أوضاعاً سيئة لمئات العائلات العراقية العالقة بين سورية وتركيا

22 فبراير 2022
مخيم عزاز يضم حالياً 600 عائلة عراقية (Getty)
+ الخط -

كشف مرصد حقوقي عراقي واسع الانتشار، اليوم الثلاثاء، عن أوضاع إنسانية سيئة تُواجه المئات من العائلات العراقية العالقة على الحدود مع تركيا ضمن مناطق إدلب وأعزاز،  ويقيمون بمخيمات متفرقة، مطالباً الحكومة العراقية بالعمل على إيجاد حلول لها، خاصة أنّ قسماً كبيراً منهم وجد نفسه في خضم الأحداث الأمنية المتسارعة داخل سورية بعد الثورة الشعبية هناك، إذ كان يقيم عشرات آلاف العراقيين في سورية عقب لجوئهم للبلاد بعد الغزو الأميركي للعراق.

وقال مرصد "أفاد" في تقرير له، إنه على مدى الأسابيع الماضية، "تلقى عدة مناشدات من عائلات عراقية تنحدر من مناطق بغداد وكركوك وديالى وبابل وواسط والأنبار ونينوى ومدن أخرى من العراق مقيمة في مخيماتٍ بمحافظة إدلب السورية قرب الحدود مع تركيا، تناشد بإعادة تذكير الحكومة بضرورة إيجاد حل لها وإعادتها إلى البلاد أو السماح للسلطات التركية بإدخالها بعد إيقاف إدخالها منذ حلول جائحة كورونا قبل نحو عامين.

وأضاف المرصد، أنّ العراقيين الموجودين في مناطق شمال غربي سورية ينقسمون بحسب الظروف التي أوصلتهم إلى هناك، إذ إن غالبيتهم من العائلات العراقية المقيمة في سورية قبل اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضدّ النظام منتصف مارس/ آذار 2011، حيث تقيم هناك منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 في مدن سورية عدة. واضطرت الأحداث الأمنية التي عصفت بسورية، الكثير منهم إلى البقاء في مناطق تحت سيطرة المعارضة طيلة السنوات الماضية، بعد تعذر عودتهم للعراق، وهو الحال المشابه لأوضاع الفلسطينيين أيضا الذين علقوا في خضمّ الأحداث هناك. والقسم الثاني من العائلات الموجودة من سكان المدن العراقية التي سيطر عليها تنظيم "داعش"، إذ قرروا النزوح إلى تركيا من خلال عبور الأراضي السورية بعد عام 2014. وانتهى المطاف بأغلب العائلات العراقية الناجية إلى اللجوء والسكن بمنطقة أعزاز على الحدود السورية التركية ضمن المخيم المعروف بمخيم (إيكدا).

وطالب مرصد أفاد العراقي الحقوقي، حكومة مصطفى الكاظمي في بغداد بـ"تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية في تسهيل عودة مئات العائلات العراقية العالقة على الحدود التركية السورية، عبر الإجراءات القانونية والأمنية المتبعة من قبلها"، مُذكّراً بوجود كبار سن وأطفال بحالة إنسانية سيئة للغاية وبحاجة إلى العلاج والتداوي بينهم صغار بحاجة إلى رعاية عاجلة.

وتواصل "العربي الجديد"، مع نازحين عراقيين في المخيم، وأكدوا أن حالات مرضية عديدة انتشرت بين العوائل وخصوصاً الأطفال بسبب البرد وانعدام الرعاية الصحية وسوء التغذية، ناهيك عن نقص الوقود، مؤكدين أن منظمات تركية إنسانية تُقدّم المساعدات لهم وتوفر الخدمات الصحية والغذائية، لكنها غير كافية، وفقاً لهم.

وقال أبو أركان، وهو أحد النازحين في مخيم أعزاز، إنه "نزح من العراق إلى دمشق ثم حلب عام 2007 بسبب المشاكل الأمنية في المناطق العراقية، ثم عاد بعد ذلك إلى بلاده، لكنه عاد مرة أخرى للنزوح من العراق باتجاه سورية عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم "داعش" مدينة الموصل"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "مخيم أعزاز يضم حالياً 600 عائلة عراقية، نزح قسم منها إلى سورية عبر معبر القائم، وآخرون وجدوا أنفسهم في دوامة الحدث السوري، بعد إن كانوا مقيمين بشكل دائم في البلاد.

ولفت إلى أن "الحكومة التركية وبعض المنظمات توفر للعوائل مستلزمات الحياة الأساسية، وتعطي لكل عائلة نحو مائة دولار، إضافة إلى الخبز، وهو مبلغ يكفي العائلة الواحدة"، مستكملاً حديثه أن "الأتراك وفروا المدارس للأطفال، وكرفانات للسكن".

وأشار أبو أركان إلى أنه "كان من المفترض أن تكون هناك دفعة عوائل عراقية تدخل تركيا لكن بسبب تفشي جائحة كورونا تم تأجيل استقبال المزيد من العراقيين".

وعلم "العربي الجديد"، من موظف في وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ببغداد، بأن "الوزارة لا تمتلك إحصائية دقيقة عن عدد النازحين العراقيين في سورية، كما أنها لم ترصد طيلة السنوات الماضية أي مبالغ مالية لإغاثة النازحين في الخارج، فيما تعتبرهم لاجئين بإرادتهم، رغم أنهم يعيشون في ظروفٍ لا تقل صعوبة عن الظروف التي يعانيها النازحون داخل العراق، مع انعدام الخدمات الضرورية والغذاء والدواء".

من جهته، بيَّن الناشط العراقي محمد خير الله أن "الحكومة العراقية مقصرة بشكلٍ كبير مع النازحين الذين وصلوا إلى الحدود السورية التركية، وهي لا تذكرهم في بياناتها أو حملاتها الإغاثية، كما أن معظم المسؤولين في وزارة الهجرة العراقية التي ترفض التعليق أو التواصل مع المنظمات الإنسانية بخصوصهم".

معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "معظم النازحين يخشون من وسمهم بأنهم عوائل عناصر "داعش"، أو تعرضهم لاعتداءات من متضررين من التنظيم، بالتالي على الحكومة إنفاذ القانون والعمل بشكل مهني على هذه القضية".

أما عضو مجلس النواب العراقي رعد الدهلكي، فقد لفت إلى أنّ "هناك إرادات لا تريد عودة النازحين سواءً في الداخل العراقي أو الخارج إلى مناطقهم الأصلية، رغم أن هناك قاعدة بيانات تثبت أن كثيراً منهم غير متورطين بالإرهاب".

مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الفشل في التوصل إلى حلول بشأن أزمة النازحين، متعمد من قبل بعض الجهات السياسية وأخرى مسلحة تعرقل عودتهم"، وبالنسبة لمخيم أعزاز السوري، بيّن أنّ "النازحين فيه تعرضوا إلى أذى كبير، ولا بد من التوصل إلى معالجات بشأنهم، وضمان سلامتهم وعدم التعرض لهم أمنياً أو عشائرياً، وأن من يثبت تورطه مع تنظيمات إرهابية ستتم محاسبته، أما بقاء الحال كما هو، فيعني الاستهتار بكرامة العراقيين".

وسلّمت منظمات تركية، العام الماضي، 500 عائلة من النازحين المقيمين بمخيمات مدينة إعزاز، منازل مبنية من الطوب كمرحلة أولى من مشروع يضم ألف منزل، بهدف نقل العائلات المتضررة من الحرب إلى منازل ذات جدران وتخليصهم من حياة المخيمات.

ويرى ناشطون أن الأضرار في المخيمات متواصلة، بسبب البرد وعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة قبل حلول فصل الشتاء، فيما تشير منظمات إنسانية إلى أن "بقاء المخيمات حتى الآن في وضعها الحالي هو أكبر أزمة فعلية ضمن الأزمة الإنسانية في سورية".

 
 

المساهمون