أمراض عدة تصيب الأفغان العائدين من باكستان

22 نوفمبر 2023
الاختلاط بين الأفغان العائدين ينشر الأمراض (باناراس خان/فرانس برس)
+ الخط -

في وقت تستعد باكستان لإعلان جدول زمني لإجلاء جميع اللاجئين الأفغان النظاميين وغير النظاميين، بحسب ما أعلن وزير الإعلام والثقافة في حكومة إقليم بلوشستان، جان محمد أجكزاي، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة كويتا في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تتواصل سلسلة عودة أولئك غير النظاميين إلى بلادهم التي يدخلونها بأعداد كبيرة عبر منفذي تورخام (شرق) وسبين بولدك (جنوب).
ويواجه العائدون مشاكل مختلفة أبرزها وأكثرها خطورة تفشي الأمراض الموسمية، حسب ما تؤكده جهات مختلفة ومنظمات إنسانية تعمل للمساهمة في تقديم خدمات لهم مع حلول الشتاء والبرد القارس في مختلف مناطق أفغانستان.
يقول الناشط الأفغاني عبد الله عبد الولي لـ"العربي الجديد": "يحتك الناس بين بعضهم البعض في مواقع عدة أولها مراكز الانتظار، حيث يسجلون أسماءهم وبصماتهم للدخول. وبعدها المخيمات، حيث لا تطبق إجراءات للوقاية من تفشي الأمراض، علماً أن تدابير صحية معتمدة للتعامل مع أمراض عادية وحالات طارئة، وتجوب فرق الأطباء الخيام وأماكن تجمع العائدين والمنافذ الحدودية التي يدخلون منها. وقد أنشأت مؤسسات نقاطاً صحية تضم أطباء متخصصين، لكن عدد العائدين كبير، في حين أن حجم الإجراءات أقل".
ويقول الدكتور نقيب الله، العضو في فريق طبي تابع لوزارة الصحة الأفغانية، ويعمل قرب منفذ تورخام، لـ"العربي الجديد": "تنتشر أمراض عدة بين العائدين، بينها معوية بسبب تناول أغذية ذات مصادر مختلفة ولا تخضع لرقابة مثالية في الطريق إلى المخيمات، علماً أن بعض اللاجئين يعودون من مناطق نائية في باكستان مثل إقليمي كشمير والبنجاب ومدينة كراتشي. وتعالج هذه الأمراض بسهولة عادة، وأيضاً الأمراض الموسمية مثل تلك للحنجرة والصدر والسعال، لكن المشكلة الأساسية تتمثل في الأمراض المزمنة والمعدية التي يعاني منها عائدون كثيرون، وبينها أمراض الربو والكلى والكبد والسل والظهر واليرقان، خاصة ما يعرف محلياً باسم اليرقان الأسود، وهو التهاب الكبد الوبائي. وبعض هذه الأمراض ينتشر بسرعة، خاصة أن الجو متاح لذلك والمناعة ضعيفة لدى معظم العائدين، وبينهم أعداد كبيرة من الأطفال وكبار السن. أما بعض المصابين بالسرطان الذين أخرجوا من باكستان، فيواجهون أسوا الحالات، خصوصاً أنه لا يمكن علاجهم في أفغانستان، ما يجعل وضعهم الصحي مزريا. وعموماً لا تتوفر وسائل دفء وإيواء مناسبة لكثير من العائدين".

مخيم قرب منفذ تورخام (إليز بلانشار/ Getty)
مخيم قرب معبر تورخام (إليز بلانشار/ Getty)

ويشير نقيب الله إلى أن "الأطفال أكثر الناس عرضة للأمراض المعدية، وعددهم كبير جداً. ولا أعرف نسبتهم من أصل العائدين لكن عددهم كبير، في حين لا توجد خطوات مناسبة لمواجهة تفشي هذه الأمراض أو فحصها، ويمكن القول إن التعامل حالياً ينحصر في الأمراض العاجلة والحالات الطارئة فقط".
وبين من يعاني من حالة صحية مزرية محمد أمان من سكان مديرية خوجياني بولاية ننغرهار الذي عاد إلى أفغانستان في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وهو مريض كلى، في حين أصيبت زوجته بالتهاب الكبد الوبائي. وكلاهما كانا يتعالجان في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد. وبعدما قدما إلى أفغانستان تنقلا إلى مخيم "عمري" قرب منفذ تورخام.
ويبقى أمان في حيرة من أمره لأنه لا يملك منزلاً في أفغانستان، وبقي أبناؤه الثلاثة بلا عمل، ويقول لـ"العربي الجديد": أنا وزوجتي مريضان، لا ندري من أين نبدأ العلاج. علماً أننا جلبنا كمية من الأدوية من باكستان واستخدمناها، والوضع في المخيم غير مناسب لعيش المرضى، فالجو بارد ولا وسائل للدفء، كما أن الغذاء غير مناسب للمرضى تحديداً، لكن لا سبيل سوى الصبر، ويحاول أبنائي الحصول على عمل ليدفعوا إيجار منزل لأن العيش فترة أطول في المخيم أمر صعب للغاية".
وكانت منظمة الصحة العالمية أكدت في بيان أصدرته في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أن الحاجة ملحة للاهتمام بالجانب الصحي للعائدين من باكستان، وأن توفير رعاية صحية لهم يحتاج إلى 10 ملايين دولار، محذرة من تفشي الأمراض في أوساطهم بينها شلل الأطفال، وأيضاً من ارتفاع عدد الوفيات نتيجة تفشي الأمراض.

ويصل عدد اللاجئين غير النظاميين الذين قررت باكستان ترحيلهم إلى 1.7 مليون، عاد منهم نحو 300 ألف حتى الآن، بحسب ما أفادت حكومة حركة "طالبان". وتتواصل سلسلة الترحيل في وقت أعلنت الحكومة الباكستانية أنها ستعلن قريباً جدول إخراج اللاجئين النظاميين.
وتقول حركة طالبان إن لديها لجاناً تعمل "على مدار الساعة" لمساعدة الأفغان من خلال توزيع الطعام والمياه والبطانيات، علماً أن أفغانستان غارقة في التحديات، حيث أدت سنوات الجفاف والاقتصاد المحاصر وآثار عقود من الحرب إلى النزوح الداخلي لملايين الأفغان، بينما تتزايد المخاوف بين المجتمع الإنساني بشأن عدم قدرة الدولة الفقيرة على دعم أو دمج أولئك الذين أجبروا حالياً على مغادرة باكستان.

المساهمون