ألمانيا: عسكريون ضد اللقاحات أيضاً

14 يناير 2022
تظاهرة رافضة للقاحات في ألمانيا (ليونارد سيمون/ Getty)
+ الخط -

لم تعد تظاهرات رافضي اللقاحات المضادة لكورونا تقتصر على المدنيين في ألمانيا، بل باتت تمتد إلى صفوف العسكريين، الأمر الذي دفع دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية إلى التحقيق في الأمر. وخلال الفترة الأخيرة، انتشرت مقاطع فيديو  لعسكريّين يرتدون الزي الرسمي ويعلنون فيها معارضتهم لحملة التلقيح التي تقوم بها وزارة الدفاع الألمانية. وكان لافتاً استخدام لغة التهديد للحكومة بسبب سياستها المتعلقة باللقاحات في أحد الفيديوهات. هذه المعارضة تقلق السلطات، وخصوصاً أن هؤلاء العسكريين مدربون على استخدام السلاح، عدا عن الخوف من تبني جنود أفكاراً راديكالية متطرفة واستخدام السلاح في مواجهة الشرطة.  
وأطلقت دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية تحقيقاً شاملاً، كما أشارت مجلّة "دير شبيغل" الأسبوع الماضي. وأكدت وزارة الدفاع أنّها "تتعامل مع قضية الرقيب أندرياس أنتون على محمل الجد"، وهو أحد الجنود الذي ظهر في الفيديوهات مبدياً معارضته للقاحات. وبحسب الصحافة المحلية، أجري تحقيق داخلي في الجيش على خلفية تهديدات بالعنف ضد الحكومة، واستخدام عبارات من قبيل "سيُحطَّمون (الحكومة) ويُحوَّلون إلى أشلاء وستنتشر جثثكم في الحقول". 

وتسعى الأجهزة الأمنية الفيدرالية لاستخدام صلاحياتها "للحفاظ على النظام الدستوري" بسبب التهديد بالعنف من قبل عسكريين يعارضون الإجراءات الحكومية المتعلقة بفرض اللقاحات على جميع العاملين في وزارة الدفاع. 
وفي أغسطس/ آب الماضي، سُرّبت معلومات عن إجراء دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية تحقيقاً مع ضابط سابق في الجيش وجنود يتبنون أفكاراً يمينيّة متطرفة. وعلى الرغم من تأكيد وزارة الدفاع أنّ الحالات التي كانت تحقق فيها "فردية"، إلّا أنّ تزايد الكشف عن ميول راديكالية متشددة في صفوف العسكريين بات يقلق دائرة الاستخبارات الاتحادية. 
ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أبدت الأجهزة الأمنية قلقها بسبب المتطرّفين الذين يرتدون الزي العسكري. وفي الرابع من يناير/ كانون الثاني الحالي، نقلت "دير شبيغل" عن رئيسة جهاز الاستخبارات العسكرية (إم إيه دي) مارتينا روزنبرغ، قولها إنّه أُجري تحقيق مع 1397 حالة يشتبه في أنّها تتبنى أفكاراً متطرفة. كذلك فإنّ 1200 من هؤلاء يعربون عن تأييدهم اليمين المتطرف. 
وفي نهاية العام الماضي، قررت ألمانيا فرض اللقاحات على العسكريين، ما دفع أحد المعارضين لها إلى الظهور بلباسه العسكري، موجهاً "تحذيراً واضحاً" وإنذاراً نهائياً لتسحب الحكومة قرارها بتلقيح الجنود. وعُدّ القرار "عملاً غير دستوري". وأكثر ما أثار قلق السلطات الأمنية، أنّ الجندي الذي تحدث في المقطع عرّف عن نفسه بصفته "ضابط صف في الجيش الألماني" مدرَّب على حروب الجبال. وقد اعتُقل وحُقِّق معه، وأُطلق سراحه لاحقاً، علماً أنّ القضية ما زالت قيد المتابعة. 
يشار إلى أنّ التفشي الكبير لمتحور "أوميكرون" من فيروس كورونا الجديد دفع الحكومة إلى فرض حصول الجنود على اللقاحات المضادة لكورونا، بالإضافة إلى لقاحات أخرى مضادة للحصبة والكزاز والإنفلونزا وغيرها. 

تظاهرات ضد التلقيح "الإجباري" في ألمانيا (توماس كينزل/فرانس برس)
معارضة التلقيح تقلق السلطات (ليونارد سيمون/ Getty)

ومع بروز معارضة جنود وضباط صف للقاح كورونا أخيراً، دخلت الاستخبارات العسكرية والمدنية في تعاون وثيق، وذلك للكشف عن عمق الصلات بين رافضي اللقاح وشبكة جنود في الجيش، وفقاً لما صرّح به المسؤول القانوني في الجيش الألماني، أندرياس كونرادي. 
وتنشط بعض المجموعات المناهضة للقاحات بعيداً عن عيون السلطات، وتستخدم تطبيق "تليغرام"، بحسب ما تنقل بعض المواقع الإخبارية، مشيرة إلى أنّها تتبنى خطاباً قائماً على التهديدات. وكشفت مجلة "فوكوس" الإخبارية وغيرها من وسائل الإعلام عن أنّ اللغة المستخدمة هي بمثابة "إعلان حرب على الحكومة، ولكلّ مواطن الحق في الدفاع عن منزله وعائلته وأطفاله". وتحدث موقع "بي آر 24" (BR24) عن توجيه تهديدات ضد "الجبناء الذين يرتكبون خيانة عظمى للدستور(الألماني)". واعتقلت الشرطة العسكرية في ولاية بافاريا ضابط صف في أوديونسبلاتز (ميونخ) كان يتظاهر بلباسه العسكري ضد التلقيح، وسط استهجان متظاهرين آخرين كانوا يصفقون للعسكري الذي يهدد الحكومة بالتراجع عن إلزامية اللقاح. 
وكانت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت، قد أكدت عبر "تويتر" معرفتها بالتهديد المتداول، بعدما فرضت اللقاحات على الجنود منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وتشير تقارير إخبارية محلية صدرت في الثالت من يناير/ كانون الثاني الجاري، إلى أنّ الأمر لا يتعلق بحالات فردية، بل يقدَّر عدد رافضي اللقاحات بنحو 6 آلاف، وبعض هؤلاء ينشطون على مواقع التواصل، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة القلق على المستوى الأمني.

ولاقت قصة ضابط  ظهر في فيديو احتجاجي تعاطفاً من قبل كثير من المواطنين، وقد شاركه أكثر من 180 ألف شخص، على المواقع والتطبيقات، وخصوصاً على المجموعات الخاصة بمعارضي اللقاح. ومن خلال منصات الدردشة، ينظم معارضو اللقاحات تظاهرات غالباً ما تؤدي إلى صدامات مع الشرطة. وأخيراً، شهدت البلاد صدامات خلال تظاهرة مناهضة للقاحات شارك فيها نحو 17 ألف متظاهر، في ولاية تورينغن، تكاد تكون الأعنف، وفيها حاول أحد الأشخاص سلب ضابط سلاحه، كما نقلت صحيفة محلية. 
وعلى الرغم من أنّ الصدامات الأكبر تحدث في الجزء الشرقي من ألمانيا، إلّا أنّ مدن الغرب بدأت تشهد احتجاجات بدورها، على غرار ميونخ وغيرها.

المساهمون