ألمانيا تحيي ذكرى الفيضانات التاريخية المرتبطة بتغيّر المناخ

14 يوليو 2022
واحد من المشاهد التي تكرّرت قبل عام في ألمانيا (توماس لونس/Getty)
+ الخط -

تحيي ألمانيا، الخميس، ذكرى الفيضانات الناجمة عن التغيّر المناخي التي ضربت غرب البلاد قبل عام واحد، وأدّت إلى تدفّق المياه بغزارة ما تسبّب في سقوط 185 قتيلاً وجرف منازل وجسور كقطع من القشّ.

وقد جال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في وادي آهر الذي تتضرّر كثيراً من جرّاء الأحوال الجوية الأسوأ تاريخياً، فيما شارك المستشار أولاف شولتز في مراسم تكريم في بلدة بادنوينار-إرفايلرز، علماً أنّ فعاليات محلية تُنظَّم في المناسبة، بما في ذلك سلاسل بشرية في نهاية الأسبوع، لإحياء ذكرى هذه الكارثة التي صدمت ألمانيا وساهمت في إدراكها نقاط ضعفها وعدم كفاءة خدمات الإنذار في البلاد.

وقال شتاينماير: "جئت إلى هنا مرّة أخرى في ذكرى الفيضان المروّع للتأكيد أنّنا لم ننسَ أهالي وادي آهر". أضاف أنّ "التغيّر المناخي وصل إلينا، نراه الآن بشكل موجات حرّ في أجزاء كبيرة من ألمانيا حيث تشتعل الغابات وتنخفض مستويات المياه الجوفية، فيما تشهد مناطق أخرى أحوالاً جوية سيئة"، مشدداً على ضرورة التحرّك لإنقاذ الأرض.

أضرار بثلاثين مليار يورو

وفي 14 و15 يوليو/ تموز من عام 2021، هطل ما بين 100 و150 مليمتراً من الأمطار على غرب البلاد، وهي كميّة غير مسبوقة في ألمانيا منذ بدء تسجيل الأرصاد الجوية المتساقطات. كذلك تأثّرت بشكل خطر كلّ من بلجيكا وهولندا. وخلّفت الفيضانات في شرق بلجيكا 39 قتيلاً وآلاف المنكوبين. وفي خلال مراسم وطنية حضرها ملك بلجيكا فيليب وزوجته الملكة ماتيلد في لييج (شرق)، كرّم رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دوكرو "جميع أبطال" 14 يوليو 2021 الذين حضروا لمساعدة الضحايا.

وقد تكبّدت مناطق غرب ألمانيا في ولاية شمال الراين-وستفاليا وراينلاند بالاتينات خسائر بشرية فادحة من جرّاء الفيضانات، مع مصرع 49 و135 شخصاً على التوالي. كذلك توفي شخص واحد في بافاريا. وغمرت مياه الأنهر التي ارتفع منسوبها إلى حدّ كبير البلدات والجسور والطرقات وسكك الحديد والمستشفيات والمنازل. وقد شهدت بلدة إرفتشتات-بليسم انزلاقات كبيرة للتربة. وأحدث حجم الدمار حول المدن الكبرى مثل بون ودورتموند وإيسن صدمة. ويُقدَّر حجم الأضرار غير النهائي بأكثر من 30 مليار يورو. وتضمّ المنطقتان المتضرّرتان أكثر من 85 ألف نسمة متضرّرة ونحو 10 آلاف شركة تضرّرت بدورها.

وكانت خدمة الأرصاد الجوية قد أعلنت عن هطول الأمطار الغزيرة مسبقاً، لكنّ كثراً هم السكان الذين لم يُبلّغوا بالأمر. وقال مسؤول ألماني بعد الفيضانات إنّه كان لدى السكان "انطباع بأنّها كانت مجرّد أمطار غزيرة" و"لم يُبلَّغ عن حجمها" بوضوح. يُذكر أنّ تحقيقاً قضائياً فًتح بتهمة "القتل نتيجة الإهمال"، استهدف خصوصاً رئيس دائرة أروويلر.

الصورة
ما بعد فيضانات 2021 في ألمانيا (ساشا شويرمان/ Getty)
أعمال بحث وإنقاذ غداة فيضانات 2021 في ألمانيا (ساشا شويرمان/ Getty)

عوامل مناخية قصوى أكثر تواتراً

وفي هذا الأسبوع، أطلقت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر الوعود قائلة: "سوف نسلّح أنفسنا ضدّ الأزمات والعواقب المناخية"، مراهنة على "تعاون وتواصل أفضلَين" ما بين الحكومة والمنطقة "لإصلاح الإخفاقات الكبرى" في السنوات الأخيرة.

وبهدف تجنّب مزيد من الإخفاقات، تعتزم الحكومة الألمانية الآن إرسال تنبيهات بواسطة آليّة تسمّى "البث الخلوي" تبعث برسائل إلى الهواتف حتى لو كانت الشبكة محمّلة بشكل زائد أو معطّلة. كذلك تخطط ألمانيا لإعادة تأهيل صفّارات الإنذار التي فُكّك عدد كبير منها في السنوات الأخيرة.

كذلك زادت هذه الفيضانات وعي أكبر اقتصاد في أوروبا بمخاطر المناخ وتلك الناجمة عن تقلّص المساحات المزروعة. وبعد شهر من الفيضانات، توصلت دراسة علمية دولية تستند إلى نماذج إحصائية إلى الربط ما بين هذه الكارثة وبين الاحتباس الحراري. ففي المنطقة الشاسعة التي ضربتها الفيضانات من بلجيكا إلى سويسرا، تمكّن العلماء من تحديد زيادة الكميّة القصوى للأمطار بمقدار ثلاثة إلى 19 في المائة بسبب تغيّر المناخ.

وفي حين يشدّد باحثون على وجوب توقّع تسجيل مثل هذه الظواهر من هطول أمطار غزيرة بشكل متكرّر في كلّ أنحاء المنطقة، حذّر غيدو أورثن وهو رئيس بلدية باد نوينار-أرويلر التي تأثّرت خصوصاً بالفياضانات من أنّ عودة الأمور إلى طبيعتها "سوف تستغرق وقتاً".

ولم يتلقّ آلاف الأفراد والشركات المتضرّرة بعد المساعدات الموعودة بسبب الإجراءات الإدارية. وفي راينلاند بالاتينات، صُرفت مساعدات بقيمة 500 مليون يورو (نحو 501 مليون و252 ألف دولار أميركي) من أصل 15 ملياراً (نحو 15 ملياراً و37 مليوناً و575 ألف دولار) كانت مقرّرة. وفي منطقة شمال الراين-وستفاليا المجاورة، تمّت الموافقة على أعمال ترميم بقيمة 1.6 مليار يورو (نحو مليار و604 ملايين دولار) من أصل 12.3 مليار يور (نحو 12 ملياراً و330 مليوناً و811 دولاراً).

(فرانس برس)

المساهمون