أكثر من نصف مليون طالب يجتازون امتحانات البكالوريا في المغرب: ترتيبات مشددة لمواجهة الغش
انطلقت امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة) في المغرب، اليوم الإثنين، بمشاركة أكثر من نصف مليون تلميذ، وسط ترتيبات تنظيمية مشددة لمواجهة الغش الإلكتروني، وأخرى فرضتها الوضعية الوبائية في البلاد جراء ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا خلال الأيام الماضية.
وفتحت مراكز الامتحان في جميع المناطق أبوابها لاستقبال المترشحات والمترشحين لاجتياز الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا، وبلغ عدد من تقدم إليها 557 ألفاً و864 متقدماً في مختلف التخصصات، بنسبة زيادة بلغت 8 في المائة عن السنة الماضية.
وخصّصت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نحو 1520 مركز امتحان لإجراء الامتحانات وتصحيح أوراق إنجازات التلاميذ، كما تم تشكيل خلايا اليقظة والتتبع مركزياً ومحلياً لمواكبة وتأمين محطات هذا الاستحقاق. في حين تمت تعبئة 1860 ملاحظا ومراقبا لتأمين الامتحانات، و43 ألف أستاذ لتصحيح نحو 4 ملايين ورقة امتحان.
كما تم فرض بروتوكول صحي يحترم التدابير الوقائية التي تمليها الظرفية الوبائية، ويشمل عدم تجاوز العدد 20 مرشحا داخل كل قاعة، وذلك من أجل تأمين إجراء الامتحانات في ظروف آمنة.
وقال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، في تصريح صحافي عقب زيارة قام بها إلى الثانوية التأهيلية الحسين السلاوي بمدينة سلا، القريبة من العاصمة المغربية الرباط، إنّ "هناك تعبئة كبيرة لكل الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية من أجل أن تمر الامتحانات بسلاسة، وفي الوقت نفسه المراقبة ودعم التلاميذ"، مشيرا إلى أن امتحانات البكالوريا تعتبر "مرحلة مهمة في المسار الدراسي للتلاميذ ومنعطفا نحو إعدادهم للمستقبل".
وبينما أعلنت الوزارة الوصية على قطاع التعليم عن "اتخاذ كل الضمانات الكفيلة بتنظيم هذا الامتحان الوطني في جو من الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص"، عاين "العربي الجديد"، خلال جولة بعدد من مراكز الامتحان بمدينة سلا، إجراءات أمنية صارمة أمام المؤسسات التعليمية، من أجل مراقبة المرشحين ومنع إدخال الهواتف النقالة.
وأكد مسؤول إداري (تحفظ عن ذكر اسمه) بثانوية الباتول الصبيحي بمدينة سلا أن كل التدابير اتخذت لمواجهة محاولات الغش باعتماد أدوات تكنولوجية متطورة، لافتا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن تعليمات الوزارة تسير في اتجاه "التحلي بثقافة الاستحقاق وروح المسؤولية للظفر بشهادة البكالوريا، على اعتبار أن الغش يؤدي إلى تدمير المنظومة التعليمية والتربوية ككل، ويفسح المجال أمام أشخاص غير مؤهلين معرفيا ولا قيميا للوصول إلى مناصب المسؤولية".
من جهتها، أبدت الطالبة فاطمة الزهراء الحسناوي تأييدها للإجراءات التي اتخذتها السلطات والوزارة من أجل مواجهة الغش في امتحان البكالوريا، وقالت لـ"العربي الجديد": "اليوم الأول من الامتحان مر في أجواء يطبعها الانضباط والحرص على تكافؤ الفرص من خلال تدابير لمواجهة الغش، إذ تم منع إدخال أي وسيلة إلكترونية إلى قاعات الامتحانات، ولم يسجل ما كنا نشهده في السنوات الماضية من تسريب للامتحانات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بعد مدة قليلة من بدء الامتحان".
ولمواجهة الغش في الامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا، لجأت وزارة التعليم إلى خطة تقوم على الاعتماد على فرق محلية ومتنقلة للقيام بعملية الكشف عن حيازة الوسائط الإلكترونية داخل مراكز الامتحانات.
وبحسب الخطة، استعانت الفرق المحلية والمتنقلة بآلات كاشفة من أجل ضبط الأشخاص الذين يودون الغش في الامتحانات.
وعاد ملف الغش باستعمال وسائل متطورة إلى الواجهة في المغرب على بعد أيام قليلة من انطلاق الامتحانات، إذ أوقفت الشرطة المغربية عددا من الأشخاص لتورطهم في "حيازة أجهزة إلكترونية تستعمل لأغراض الغش في الامتحانات المدرسية، وترويجها".
وتنامت على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، خلال السنوات الماضية، حملات تسويق أدوات تكنولوجية متطورة، موجهة للمترشحات والمترشحين، من أجل الغش في امتحانات البكالوريا.
وأمام هذا التحدي، اضطرت وزارة التعليم إلى الاستنجاد بوضع قانون زجري للغش، صدر عام 2016، تضمن عقوبات حبسية تراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات، وغرامة تراوح ما بين 5000 درهم (نحو 500 دولار أميركي)، و10.000 درهم (نحو 1000 دولار أميركي)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، دون الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي.
وينصّ القانون على حالات الغش، ومن ضمنها تبادل المعلومات كتابياً أو شفوياً بين المترشحات والمترشحين داخل فضاء الامتحان، وحيازة المترشحة أو المترشح على أي مخطوط أو وثيقة لها ارتباط بموضوع الامتحان، وكذلك استعمال آلات أو وثائق غير مرخص بها داخل فضاء الامتحان، وحيازة أو استعمال الوسائل الإلكترونية الحديثة كيفما كان شكلها أو نوعها، سواء كانت مشغلة أم لا.
كذلك، ينص القانون على العقوبات التأديبية التي تطبق في حق كل مترشحة أو مترشح ضبط وهو يرتكب عملية الغش في الامتحان أثناء إجرائه، بدءاً بالإنذار من طرف المكلفين بالحراسة، وانتهاءً بسحب ورقة الامتحان من المترشحة أو المترشح وتحرير محضر بذلك، كما تتخذ اللجنة التأديبية العقوبات المقررة حسب درجة خطورة الغش، منها اعتماد نقطة موجبة للرسوب، والإقصاء لمدة سنتين من اجتياز الامتحان في القانون.
وينص أيضاً على حماية المكلفين بالحراسة داخل فضاء الامتحان أو خارجه من أعمال العنف أو التهديد بارتكاب جناية، وفي حال ضبط السلطات العمومية شبكة تتولى تسريب مواضيع الامتحان أو المساعدة في الإجابة عنها أو المشاركة في أي عملية من عمليات الغش أو المساهمة فيها، تقوم بعرض الملف على السلطة القضائية المعنية لاتخاذ العقوبات الملائمة.
وتُجرى امتحانات البكالوريا في المغرب على دورتين، إذ تنطلق الدورة العادية، اليوم الإثنين، على مرحلتين، تخص الأولى القطب العلمي والتقني والمهني (من 20 إلى 22 يونيو/ حزيران الحالي) والثاني قطب الآداب والتعليم الأصيل (من 23 إلى 24 يونيو 2022)، على أن يعلن عن نتائجها في الأول من يوليو/ تموز المقبل، أما دورة الاستدراك فستمتد من 15 إلى 19 يوليو/ تموز المقبل، على أن يكون الإعلان عن النتائج يوم 22 من الشهر نفسه.