تجمّع عشرات المتظاهرين خارج القصر الرئاسي في كابول، اليوم الجمعة، لمطالبة القيادة الجديدة في أفغانستان، المنبثقة من حركة "طالبان"، بدعم حقوق المرأة التي تحقّقت تحت رعاية الغرب، وكذلك إشراك النساء في الحكومة المقبلة.
وعند إحدى بوابات القصر، حملت 12 امرأة أوراقاً مطبوعة تحثّ على تشكيل "حكومة بطولية بمشاركة النساء". وردّد المتظاهرون جميعاً هتافات تطالب بحقوق الإنسان، وتؤكّد عدم رغبتهم في العودة إلى الماضي.
وقد طالبت وثيقة وزّعها المتظاهرون بمنح المرأة الأفغانية الحقوق الكاملة في التعليم والمساهمة الاجتماعية، وكذلك السياسية، في مستقبل البلاد، وبالحريات العامة، بما في ذلك حرية التعبير.
وهذا ليس التحرّك الأوّل الذي يُنظَّم للمطالبة بحقوق المرأة في البلاد بعد سيطرة حركة "طالبان"، ويشارك فيها رجال ونساء، أو نساء فقط.
وعلى سبيل المثال، في هرات، أكبر مدن غرب أفغانستان التي تُعَدّ منفتحة نسبياً وتقع على طريق الحرير القديم بالقرب من الحدود الإيرانية، تظاهرت نحو خمسين امرأة أمس الخميس، وهدفهنّ الضغط على نظام "طالبان" الجديد قبل إعلان تشكيلة حكومته المرتقبة.
وهتفت هؤلاء النساء: "نحن هنا للمطالبة بحقوقنا... لسنا خائفات... نحن متّحدات"، و"من حقّنا الحصول على التعليم والعمل والأمن". وقد رُفعت كذلك لافتات تطالب باحترام حقوق المرأة.
يُذكر أنّ عناصر "طالبان" لم يتعرّضوا لهنّ، إذ ثمّة سعي لدى الحركة إلى الظهور في صورة أكثر اعتدالاً، وذلك في تباين مع العقوبات الشديدة التي كانت تنزلها بكلّ من يخالف تعليماتها حين حكمت البلاد بين عامَي 1996 و2001.
وأوضحت فاريشتا طاهري، إحدى المتظاهرات، في اتصال هاتفي أجرته معها وكالة "فرانس برس": "نحن هنا للمطالبة بحقوقنا"، مضيفة أنّ "النساء والفتيات يخشينَ ألا تسمح لهنّ طالبان بالذهاب إلى المدرسة والعمل".
وكانت واحدة من المتظاهرات على أقلّ تقدير ترتدي البرقع، فيما اكتفت الأخريات بالحجاب. وقد أكّدت فاريشتا، وهي فنانة ومصوّرة: "نحن على استعداد حتّى لارتداء البرقع إن طلبوا منّا ذلك، لكنّنا نريد أن تتمكن النساء من الذهاب إلى المدرسة والعمل"، لافتة إلى أنّ "النساء اللواتي يعملنَ في هرات يبقينَ بمعظمهنّ في منازلهنّ في الوقت الحاضر، وسط خوف وغموض".
من جهتها، قالت بصيرة طاهري، إحدى منظّمات التظاهرة، لـ"فرانس برس"، إنّ "مفاوضات تجرى لتشكيل حكومة، لكنّهم لا يتحدّثون عن مشاركة النساء. نحن نريد أن تجري طالبان مشاورات معنا".
صحيح أنّ الفتيات ذهبنَ إلى المدرسة في هرات في نهاية أغسطس/ آب المنصرم، بعد أيام فقط من انهيار القوات الحكومية والفصائل المحلية، لكنّ الوضع تدهور مع سيطرة حركة "طالبان" على كابول، إذ تبقى نساء كثيرات في منازلهنّ ولا يجرؤنَ على الخروج إلى الشارع. لكنّ النساء المتظاهرات في هرات توعّدنَ بالبقاء في الشارع إلى حين الاستماع إلى مطالبهنّ، وأكّدت طاهري: "سوف نواصل تظاهراتنا... هي بدأت في هرات وسوف تمتدّ قريباً إلى ولايات أخرى".
تجدر الإشارة إلى أنّه حينما حكمت حركة "طالبان" أفغانستان في السابق، منعت النساء والفتيات من العمل والتعليم، ولم يكن بوسعهنّ الخروج من دون وليّ ذكر. وإن كانت الحركة اليوم تؤكد منذ سيطرتها على البلاد مجدداً أنّها تغيّرت، وقد أعلنت مراراً عن عزمها تشكيل "حكومة جامعة"، فإنّ هذه الوعود خالفتها تصريحات أدلى بها نائب مدير المكتب السياسي لحركة "طالبان" في قطر شير محمد عباس ستانيكزاي. فهو ألمح، في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أنّ الحكومة "قد لا تضمّ" نساءً في مناصب وزارية أو مناصب مسؤولة، وأنّ مشاركتهنّ فيها قد تكون في مراتب دنيا.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)