مرّ اليوم العالمي لمتلازمة داون بليبيا، في الواحد والعشرين من مارس/ آذار الجاري، من دون أيّ اهتمام رسمي، في حين ما زال المصابون بهذه المتلازمة أو بتثلّث الصبغي 21 مغيَّبون عن الإحصاءات الرسمية. لكنّ ثمّة جمعيات أهلية في ليبيا احتفلت بهذه المناسبة، من بينها الجمعية الليبية لمتلازمة داون، وكذلك جمعية أصحاب الهمم لمتلازمة داون التي تقيم أسبوعاً ترفيهياً للأطفال.
وبحسب تقرير خاص بجمعية أصحاب الهمم، يشمل الأسبوع ألعاباً ترفيهية ونشاطات رياضية وإلكترونية، في حين حُدّدت أيام لمعاينات طبية للأطفال المصابين، وذلك لفحص العيون والأسنان بالإضافة إلى متابعة الأمراض الجلدية والغدد والسكري وغيرها من الحالات المرضية التي قد يُصاب بها هؤلاء. كذلك يُنظَّم في هذا الأسبوع، يوم خاص بالأمهات بهدف توعيتهنّ بكيفيّة التعامل مع أبنائهن وبناتهن المصابين بالمتلازمة وتوفير الاحتياجات الخاصة لهم.
لا يُعَدّ الاهتمام الأهلي بمتلازمة داون كافياً في غياب ذلك الرسمي. ويعبّر رئيس الجمعية اللبيبة لمتلازمة داون فوزي آدم عن "استياء إزاء الإهمال الرسمي لأفراد هذه الشريحة"، مشيراً إلى أنّ "غياب الاهتمام المخصّص بهؤلاء هو الذي دفع بعض العائلات إلى تشكيل هذه الجمعية". ويخبر آدم "العربي الجديد" بأنّ "عائلتي شكّلت مع عائلتَين أُخرَيَين في عام 1996 فريق عمل تطوّر وصار جمعية. وعلى الرغم من التواصل مع كلّ الجهات المسؤولة، فإنّ جهودنا لم تلقَ أيّ تجاوب".
غياب الوعي
وفيما يؤكّد آدم "ضرورة الوعي الرسمي والمجتمعي باحتياجات أفراد هذه الشريحة"، يشير إلى "غياب الوعي والفهم الصحيح بمفهوم المتلازمة، الأمر الذي ينعكس سلباً على متابعة المعنيين بها". ويرفض آدم الإشارة إلى هؤلاء كـ"مصابين"، ويلفت إلى أنّه "من أهداف جمعيتنا رفع الظلم اللفظي، ومنها توصيف المجتمع صاحب هذه الحالة بالطفل المغولي"، مشدداً على "رفض المتخصصين لهذه التسمية".
في سياق متصل، يحذّر آدم من أنّ "المجتمع قد يكون مساهماً في تأزيم أوضاع هذه الشريحة، إذ إنّها تُعَدّ مادة للفكاهة والتندّر، كذلك فإنّ ثمّة عائلات تعمد إلى حبس أبنائها في المنزل في حال شُخّصت لديهم متلازمة داون".
ويلفت آدم إلى أنّ "لا إحصاءات رسمية لهذه الشريحة، لذا حاولت جمعيتنا القيام بجهد ذاتي خاص لإعداد رصد أوّلي من خلال استبيانات وزّعناها على المصحات الخاصة والمستشفيات لتسجيل أيّ ولادة مع متلازمة داون. لكنّنا لم نلقَ أيّ استجابة"، ويتابع: "نحن نعمل كمبادرة أهلية لكنّ الحكومات المتعاقبة في ليبيا لم تقدّم أيّ تعاون أو دعم".
تدخّل مبكر
من جهتها، أعادت منظمة التضامن لحقوق الإنسان نشر بيان سابق لها بمناسبة اليوم العالمي لمتلازمة داون، ذكرت فيه أنّ المصابين بهذه المتلازمة هم الأكثر عدداً بين ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم، مع إصابة واحدة من بين كلّ 1000 إلى 1100 ولادة حيّة حول العالم. وبينما أشارت المنظمة إلى أنّ الكويت وسلطنة عُمان هما من بين الدول العربية حيث يُسجَّل الانتشار الأكبر للمتلازمة، نقلت عن دراسة جامعية أنّ الانتشار في ليبيا يُقدَّر بإصابة واحدة من بين كلّ 516 ولادة حيّة، موضحة أنّ النسبة عالية مقارنة بالمتوسّط العالمي.
ويعلّق آدم على ذلك قائلاً "قد أوافق على هذه الإحصائية وهي بالتأكيد لن تقلّ عن ذلك"، لكنّه في الوقت ذاته يؤكد عدم قدرته على "تحديد رقم محدّد في ظلّ غياب التعاون الرسمي والأهلي مع جهود رصد إحصائية ولو تقريبية".
وتأمل منظمة التضامن لحقوق الإنسان بإنجاح برنامج عملت على إطلاقه تحت عنوان "التدخل المبكر مع الأمهات"، يشجّعهنّ على المشاركة في البرنامج لتدريبهنّ على دعم أطفالهنّ المصابين بمتلازمة داون ومتابعتهنّ من قبل استشاريّين واختصاصيّين. كذلك تطمح إلى إطلاق حملات توعية بالمتلازمة وتشجيع الاندماج في المجتمع والعمل والتعليم ليعيش المصابون بها حياة طبيعية.