استمع إلى الملخص
- شدد الفنان شهاب قواسمي على أهمية التوثيق البصري للقدس وربط الأجيال بالتراث من خلال الفن، مسلطاً الضوء على كتابه "كان يا ما كان: القدس قبل مائة عام".
- تناول الشاعر فارس سباعنة أهمية التركيز على الأمل في أدب الطفل الفلسطيني، مشيراً إلى معاناة أطفال غزة وضرورة خلق شخصيات أدبية قادرة على التكيف مع الواقع.
التأم كتّاب وشعراء وفنانون تشكيليون، مساء أمس الاثنين، في إطار فعاليات الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء، في ندوة تدارست "أدب الطفل والشباب الفلسطيني"، والتحدّيات التي يُواجهها في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة والتي يدفع أطفال غزة ثمنها باهظاً.
وأبرز المشاركون في هذه الندوة، التي نظمتها وكالة بيت مال القدس الشريف، ومقرها في المغرب ضمن برنامجها في هذه التظاهرة الثقافية، حول الإنتاجات الأدبية الموجهة للأطفال واليافعين في فلسطين، أهمية تسليط الضوء على هذا الموضوع ومقاربته برؤى مغايرة تستجيب للإكراهات والتحدّيات الراهنة، إلى جانب الانشغال بالإجابة عن سؤال مؤدّاه: عن ماذا سنكتب للأطفال بعد الآن؟ وكيف سنساهم في صناعة أدب مقاوم لليأس والعجز والإبادة؟ ومن ثمّ التطلُّع صوب نموذج يُلبِّي طموحات الطفل الفلسطيني ويعزز قيم الأمل في مستقبل أفضل.
وفي هذا الصدد، أكّد الكاتب والقاصّ الفلسطيني زياد خداش، أن الكتابة للأطفال واليافعين شكّلت بالنسبة إليه مصدر قلق ورعب، وباتت الحاجة ماسة إلى لغة جديدة ومقاربة مختلفة تساهم في التخفيف من وطأة الظروف النفسية والاجتماعية التي يعيشها الصغار وسط القصف والنزوح المتكرر وفقدان الأمان.
وقال خداش: "في خضم الحرب، اتصل بي صديق من حيّ الرمال في غزة، وطلب مني أن أحكي قصصاً لأطفاله، علّها تساهم في تضميد جراحهم وتخفيف هول ما يعيشونه خلف الخيام، وجدت نفسي في دائرة عجز، عن ماذا سأكتب؟ وماذا سأحكي؟ ومن هنا كانت البداية بعشرات التسجيلات الصوتية أروي فيها لعبود، قصة الصياد الشرير الذي لا يمل من مطاردة العصفورة لولو، التي طرقت شباكه وطلبت حمايته بصفته بطل الحارة، كذلك أخبرته عن هوس الصياد في القبض عليها: "في حنجرتي جوهرة يا عبود، نحن سلالة جديدة من العصافير، نولد وفي حناجرنا الجواهر"… ومن هنا توالت القصص القادمة من رام الله".
وأضاف: "إن الإبادة والظروف الجديدة هي التي دفعتني إلى دخول عوالم أدب الطفل، مدفوعاً برغبة في المساهمة في إنتاجات مقاومة لليأس والعجز والصدمة والعنف"، مشيراً في هذا الصدد إلى مبادرة "عين وذاكرة" التي تهتم بكل أنواع الإبداع الفلسطيني وبأشكاله كافة وتتابع المبدعين الفلسطينيين أينما كانوا.
من جهته، تحدّث الفنان الفلسطيني المقدسي، شهاب قواسمي، عن أهمية التوثيق البصري لكل ما يتعلق بالقدس، ومساهمته في ربط الأجيال بالماضي والتراث والهوية، مؤكداً القيمة التي تحظى بها الصورة بوصفها أكثر صدقاً وتأثيراً في المتلقي... "إنها تصل أسرع من الكلمة، ووقعها أكثر تأثيراً، كذلك فإنها تمثل شاهداً حياً على حقب زمنية".
الرسام المقدسي صاحب كتاب "كان يا ما كان: القدس قبل مائة عام" يحمل معه القدس أينما حل وارتحل، إنها تسكن الفؤاد والريشة لا تنطق عن الهوى، بل مهووسة برسالة تعريف العالم والأجيال الناشئة بالقدس من خلال رسومات ولوحات فنية تغوص في جمالية معالم القدس التراثية وعمرانها ومهنها.
أدب الطفل الفلسطيني: الأمل والتعافي
أما الشاعر والإعلامي الفلسطيني فارس سباعنة، فقد أشاد بأهمية التطرق إلى أدب الطفل الفلسطيني في زمن الحروب، متسائلاً: إلى متى ينبغي أن نُجمّل لغة الموت والمعاناة؟ مشيراً إلى معاناة أطفال غزة مبتوري الأطراف الذين يتحملون آلاماً مضاعفة بفقدان أجزاء من أجسادهم.
سباعنة قدّم قصة صمود طفل فلسطيني والصدمة النفسية والاجتماعية التي واجهها جراء فقده ساقه، وبات عليه أن يتكيف مع وضعه الجديد، وهو يتساءل كيف سيكون مستقبله وهل ستحبه حبيبته وهو بقدم واحدة؟ إنها قصة من بين آلاف القصص المؤثرة لمبتوري الأطراف منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأكد ضرورة التركيز على الأمل والتعافي في أي تجربة أدبية تغوص في عوالم الطفل الفلسطيني، إلى جانب التعامل بحذر مع العنف، وخلق شخصيات قادرة على التكيف مع الواقع المعيش. ولم يغفل أيضاً دور الخيال في إضاءة قناديل أمل للأطفال، وتمكينهم من التكيف مع الأفكار والظروف الجديدة، مشدداً على أهمية إظهار الوحدة والتعاون في وقت الأزمات والحروب.
من جانبه، قدّم الباحث محمد رضوان، الجزء الثاني من سلسلة "كراسات مقدسية"، التي توثق جانباً مهماً من التاريخ المغربي في مدينة القدس، وتشكل مصدراً مهماً للأطفال واليافعين والباحثين والمهتمين بشؤون القدس، خصوصاً أنها تتضمن معلومات تاريخية قيّمة جاءت معززة بالصور.
وتشمل السلسلة التي أصدرتها وكالة بيت مال القدس دراسة عن الوقفيات المغربية، ودورها في تعزيز الهوية الحضارية والإسلامية لهذه المدينة، بالإضافة إلى مساهمة المغاربة على امتداد التاريخ في صون المقدسات.
واعتبر الباحث أن "كراسات مقدسية" تبرز أن "تاريخ القدس جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب، يعكس العلاقة الوثيقة بين المغاربة وبيت المقدس"، موضحاً أن السلسلة موجودة في رواق الوكالة في هذا المعرض، إلى جانب إصدارات أخرى موجهة للأطفال واليافعين.
يذكر أن وكالة بيت مال القدس الشريف تشارك في الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء الذي تتواصل فعالياته إلى غاية إلى 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري برواق يعرض كتبها وإصداراتها الموجهة للأطفال واليافعين، إلى جانب مساحة لبيع بطاقات بريدية، ومنتجات فلسطينية مختلفة. وبالموازاة، أطلقت الوكالة تطبيق "هيا" المصمم خصيصاً للأطفال، من خلال تجربة تجمع بين الترفيه والتثقيف لتعريفهم ببيت المقدس وتراثه الحضاري.