تسعى جمعيات إلى دعم وتمكين النساء اقتصادياً، في ظل الوضع المعيشي الصعب في لبنان. في هذا الإطار، اختارت إحدى الجمعيات تدريب فلسطينيات ولبنانيات في مخيم عين الحلوة على الأعمال اليدوية والمهارات الحياتية
"لكِ سيدتي"... ورشة عمل يدوية تهدف إلى تمكين النساء، أطلقتها جمعية التكافل الاجتماعي الخيرية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان). تقول مديرة المشروع جمال كليب المقيمة في المخيم، والمتخصصة في علم الاجتماع، إنّ "ورشة العمل هذه تأتي في إطار مشاريع عدة داعمة للمرأة والممولة من جمعية أحلام لاجئ.
ويستهدف هذا المشروع 25 امرأة ما بين 20 و35 عاماً ويستمر ثلاثة أشهر، وقد تم تدريب النساء على الأعمال اليدوية والحرفية، بالإضافة إلى المهارات الحياتية وكيفية تعزيز دور المرأة في المجتمع والمشاكل التي تواجهها، في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية الصعبة وكيفية إدارة الوقت، والمهارات الإدارية والإدراكية والاجتماعية والعمل ضمن المجموعة.
وفي التفاصيل، تدربت المشاركات على كيفية مقاومة الضغوط وتقدير الذات واتخاذ القرارات وحل المشاكل والإصغاء والتواصل وقبول الآخر والتفاوض والتخطيط والقيادة. بالإضافة إلى ما سبق، تعلّمن فن المكرمية، وهو حبك الخيوط والحبال بطريقة فنية لتتحول إلى شكل جميل يعتمد على تشابك أطراف حبل أو خيط بقصد ربط أو تعليق شيء. وتستخدم المكرمية في الستائر والحقائب والقلائد والأحذية وتزيين الطاولات والأغطية والفخار وغيرها. وسيُنظّم معرض نهاية الدورة لبيع تلك المنتجات اليدوية".
وتقول كليب: "في ظل تفشي فيروس كورونا والظروف الاقتصادية الصعبة، قرّرنا العمل على تمكين النساء اقتصادياً من خلال تعليمهن مهنة، وقد حددنا الأعمار سلفاً، وسمحنا فقط لاثنتين تجاوزتا الـ 35 من العمر بالالتحاق بالدورة". وتشير إلى أن هذا المشروع يستهدف نساء فلسطينيات ولبنانيات شرط أن يكنّ مقيمات في المخيم"، مضيفة: "سنعمل على تسويق منتجات النساء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للجمعية".
تحدثت "العربي الجديد" إلى المتدربتين الوحيدتين اللتين تجاوزتا الخامسة والثلاثين. تقول مزين محمد، وهي إحدى المتدرّبات الفلسطينيات، وتقيم في مخيم عين الحلوة، وتبلغ من العمر 44 عاماً، والتي اضطرت إلى ترك المدرسة وهي في الثامنة من عمرها: "لم يكن أهلنا يهتمون بنا. تعلمت بعض المهن كالتزيين النسائي والخياطة، وأنجبت خمسة أولاد. ابنتي الكبرى أنهت دراستها الجامعية في تخصص العلوم الاجتماعية ولم تجد عملاً. وفي الوقت الحالي، تعطي دروساً خصوصية للتلاميذ وتؤمّن مصروف البيت بعدما تراجع عمل زوجي في الأدوات الصحية نتيجة لتفشي كورونا وارتفاع سعر صرف الدولار. ونتيجة لهذه الظروف الصعبة، كنت أبحث عن عمل لأساعد في تأمين مصروف البيت، وعرفت ابنتي بالدورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأبلغتني، فقررت الالتحاق بها". تضيف: "شعرت بأنّ شيئاً ما في داخلي تغير، وبدأت أتعلم التزيين مستخدمة الخيش، وتزيين الصواني وشراشف الطاولات وغيرها. وعند انتهاء الدورة، ستعمل الجمعية على إقامة معرض لبيع منتجاتنا، ما يعود علينا بفائدة مادية. ومن خلال هذه الدورة، سأتمكن من المساهمة في تحسين وضعنا المعيشي في البيت".
أما أماني سلام، وهي فلسطينية من لاجئي مخيم اليرموك في سورية، وتقيم حالياً في مخيم عين الحلوة مع عائلتها وأولادها، وتبلغ من العمر ستة وثلاثين عاماً، فتتولى تربية أولادها الأربعة بعدما اختفى زوجها قبل أربع سنوات من دون أن تعرف عنه شيئاً حتى الآن. تقول: "بعد اختفاء زوجي وقد كانت بيننا مشاكل، صرت مسؤولة عن تربية أولادي وتأمين احتياجاتهم وحدي، ولم يكن لدي إلا ما كانت تقدمه لي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). عملت في مجالات عدة حتى أؤمن مصاريف أولادي الأربعة، منها جمعية الهلال الأحمر في المخيم، ومعمل للتعقيم. واليوم، التحقت بدورة لك سيدتي أملاً في تحسين وضعي الاقتصادي".
تتابع سلام: "لم أمسك إبرة يوماً، ولا أعرف فنّ التطريز، لكنني قررت تعلّم هذا الفن عسى أن يعود عليّ بمردود اقتصادي ومعنوي". وتقول: "بدأنا نتعلم التطريز على الخيش، وقد تحمست كثيراً للفكرة، خصوصاً أننا نتعلّم تزيين الصواني وغيرها. وأفكّر في بدء مشروع خاص بعد الانتهاء من الدورة لإعالة أولادي الذين ما زالوا في المدرسة". تختم حديثها قائلة: "بالإضافة إلى هذه الدورة، التحقت بدورة تتعلق بالصعوبات التعليمية واللغة الإنكليزية والمهارات الحياتية".