الآشوريون السوريون في مرمى نيران "داعش"

25 فبراير 2015
الاشتباكات في مناطق الأشوريين متواصلة (زين رفاعي/فرانس برس)
+ الخط -
بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هجوماً واسعاً على البلدات والقرى ذات الغالبية السكانية المسيحية الآشورية، الواقعة على الضفة الجنوبية لنهر الخابور في ريف مدينة الحسكة الغربي، أقصى شمال شرق سورية، حيث تمكن التنظيم بعد اشتباكات مع مليشيات محلية مدعومة بقوات "حماية الشعب" الكردية من السيطرة على عدّة بلدات وقرى في ريف مدينة تل تمر، أكبر التجمعات السكانية ذات الغالبية الآشورية في سورية.

ودفعت هذه الاشتباكات عدداً كبيراً من سكان البلدات المحيطة إلى النزوح نحو مدينة الحسكة، التي تخضع لسيطرة قوات النظام السوري، في الوقت الذي بقي عدد منهم في القرى والبلدات التي سيطر عليها "داعش"، والتي بدأت قوات "حماية الشعب" الكردية بمهاجمتها صباح أمس، بهدف استعادتها.

وأوضح الناشط، ابراهيم أوديشو، في حديث مع"العربي الجديد"، أن قوات "داعش" بدأت هجومها صباح أمس، الإثنين، انطلاقاً من منطقة ريف الحسكة الغربي، التي تسيطر عليها، قبل أن تهاجم المنطقة الممتدة من تل طويل إلى تل هرمز على الضفة الجنوبية لنهر الخابور. وتمكنت قوات "داعش" بعدها من السيطرة على بلدات وقرى تل طويل وتل هرمز وتل نصري وتل شميرام وتل كوران وتل رمان وتل جمعة وقبر شامية وجيلو ومربيشو وإيل، وغيرها. وشهدت المنطقة عمليات نزوح عشوائي للسكان نحو مدينة تل تمر، الواقعة وسط المنطقة، التي تقدّمت قوات "داعش" إليها، وإلى مدينة الحسكة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من المنطقة ذات الغالبية الآشورية والتي هاجمتها "داعش".


في هذا السياق، أصدرت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان بياناً أوضحت فيه أن المعارك، التي انتهت أمس بسيطرة "داعش" على مناطق ذات غالبية آشورية في ريف الحسكة الغربي، أدت إلى مقتل أربعة مقاتلين آشوريين ومدنيين اثنين من سكان المنطقة، بالإضافة إلى احتجاز "داعش" سبعين رهينة من أبناء بلدة تل شميرام، قبل أن ينقلهم إلى بلدة أم المسامير في منطقة جبال عبد العزيز التي يسيطر عليها.

وأكدت الشبكة الآشورية أن ستمائة عائلة وصلت أمس من المناطق التي اجتاحتها قوات "داعش" إلى كاتدرائية مريم العذراء في مدينة الحسكة، التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، وأن مائة عائلة أخرى وصلت إلى مدينة القامشلي، التي تسيطر عليها قوات "حماية الشعب" الكردية. وأوضحت الشبكة أن مئات العائلات محتجزة في منازلها ولم تتمكن من الخروج منها بسبب الاشتباكات، وبسبب سيطرة قوات "داعش" على قصر يلدا، حيث تمركز قناصو التنظيم.

وجاء هجوم "داعش" على المنطقة بعد يوم واحد فقط من الهجوم الكبير، الذي شنته قوات "حماية الشعب" الكردية وقوات "جيش الصناديد" التابع لحميدي دهام الجربا، شيخ عشائر شمّر العربية، في منطقة ريف تلحميس، الواقعة إلى الشرق من مدينة الحسكة. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القوات الكردية وقوات "جيش الصناديد" تمكّنت من السيطرة على بلدة جزعة ونحو ثلاثين بلدة وقرية في منطقة أبو قصايب الواقعة في ريف الحسكة الشرقي، قرب الحدود السورية العراقية.
وفي هذا السياق، أكّد المرصد أنّ ثمانية مواطنين، بينهم خمس أطفال، قتلوا إثر قصف مدفعي لقوات البيشمركة الكردية العراقية التي تدعم قوات "حماية الشعب" الكردية، وذلك إثر قصف هذه القوات لقرية سليمة الواقعة على الحدود السورية العراقية في ريف بلدة جزعة.
وأكّدت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد"، أن هجوم القوات الكردية المدعومة بـ"جيش الصناديد" على منطقة ريف تلحميس الجنوبي، التي يسيطر عليها "داعش" تزامن مع غارات جوية شنّها طيران التحالف الدولي لمحاربة التنظيم على مناطق تواجده في المنطقة، وأنّ هذه الغارات أدت إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف التنظيم.
وتجدّدت الاشتباكات صباح أمس في المنطقة ذات الغالبية الآشورية. وأفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" بجلب القوات الكردية مؤازرات كبيرة إلى المنطقة، بهدف استعادة السيطرة على القرى والبلدات التي سيطر عليها "داعش".

وأشارت المصادر إلى قيام مجموعات قوات "حماية الشعب" الكردية بمهاجمة قوات "داعش" في بلدة تل شميرام، في الوقت الذي استهدف فيه "داعش" حاجز قوات "حماية الشعب" الكردية على الجسر، الذي يصل مدينة تل تمر ذات الغالبية الآشورية ببلدة الإغيبش ذات الغالبية العربية، التي سيطر عليها "داعش" منذ أيام قليلة بسيارة مفخخة سُمع دوي انفجارها في مدينة تل تمر.
اقرأ أيضاً (اتفاق الجبهة الشامية و"حماية الشعب": تعميم تجربة عين العرب)
وحاول أبناء الطائفة المسيحية الآشورية الوقوف على الحياد إزاء الصراع المستمر منذ أكثر من عام، في ريف مدينة الحسكة شرق سورية، بين "داعش" من جهة، وقوات "حماية الشعب" والمليشيات العربية والمسيحية المتحالفة معها، من جهة ثانية.

وأجرى "مجلس حرس الخابور الآشوري"، وهو مليشيا محلية آشورية تنتشر في المناطق ذات الغالبية  الآشورية في مدينة تل تمر وفي محيطها في ريف الحسكة، مفاوضات مع "داعش" في بداية الشهر الماضي، نتج عنها قبول التنظيم بإطلاق سراح ستة محتجزين آشوريين كان التنظيم قد احتجزهم قبل ستة أشهر، وذلك بعد دفع أحد المحتجزين مبلغاً ماليّاً اعتبره التنظيم "جزية" يجب عليهم دفعها.
لكن زاد التوتر أخيراً في المنطقة بين "داعش" و"مجلس حرس الخابور الآشوري" بسبب مشاركة بعض مقاتلي المجلس بالقتال إلى جانب قوات "حماية الشعب" الكردية ضدّ "داعش".
وساهم انضمام جزء من قوات مجلس الحماية السرياني، "سوتورو"، وهو مليشيا مسيحية مسلّحة ممولة ومدعومة من قبل قوات "الدفاع الوطني" المعروفة باسم "الشبيحة"، والتابعة لقوات النظام السوري، إلى قوات "حماية الشعب" الكردية في التوتر، رغم أن قوات "سوتورو" لم تشارك في أية معارك ضدّ "داعش"، واكتفت بتأمين الحماية الذاتية لمناطقها عبر نشر الدوريات والحواجز العسكرية  في مناطق المالكية والقحطانية ومدينة القامشلي في ريف الحسكة.
ويسكن المسيحيون السريان والآشوريون والكلدان في مدينة الحسكة السورية وفي معظم مدن ريفها، كمدن المالكية والقحطانية والقامشلي ورأس العين والدرباسية وتل تمر، وغيرها. ويشكل المسيحيون الآشوريون غالبية سكانية في منطقة وادي الخابور إلى الشمال الغربي من مدينة الحسكة. وكان يقدر عدد عموم أبناء الطوائف المسيحية بالحسكة بنحو نصف مليون منذ سنوات، في الوقت الذي لا توجد فيه إحصاءات دقيقة حول أعدادهم، غير أن مناطق التواجد المسيحي في الحسكة شهدت خلال السنوات الماضية نزوحاً مستمراً لسكانها نحو الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

 
المساهمون