عبد الناصر فروانة.. من أسير إلى خبير الأسرى

17 ابريل 2014
فراونة خلال اللقاء ("العربي الجديد)
+ الخط -

ارتبط اسم عبد الناصر فروانة (47 عاماً)، بقضية الأسرى منذ طفولته. ففي الثالثة من عمره، اعتقل والده، وأصبح منذ ذلك الحين يرافق والدته لزيارته في السجون الإسرائيلية. لم يغادر مشهد الاعتقال الليلي لوالده مخيّلة عبد الناصر حتى اليوم.

ازداد هذا الارتباط مع اعتقال شقيقه الأصغر، جمال، حين كان في سن الـ16، وتوثّق خلال رحلتَي اعتقال قضى خلالهما عبد الناصر 6 سنوات متنقلاً بين السجون الإسرائيلية، إلى أن أضحت قضية الاعتقال والسجون ملازمة لحياته، وهي لا تزال كذلك حتى الآن.

يعمل فروانة، منذ العام 2000، في وزارة الأسرى والمحررين بالسلطة الفلسطينية، وهو اليوم رئيس دائرة الإحصاء فيها، إلى جانب كونه أحد أبرز المدافعين والباحثين في قضايا الأسرى، وقد أسس موقعاً شخصياً على شبكة الانترنت في العام 2004 يحمل اسم: "فلسطين خلف القضبان".

أصبح الموقع الذي أسسه فروانة، ويضم جل تقاريره عن الأسرى، مرجعاً للباحثين والصحافيين ووسائل الإعلام، وهو يفتخر اليوم بأن الموقع وصل إلى هذه المرحلة بجهد وتمويل ذاتيين. ويعمل الرجل حالياً على إنجاز كتاب شامل عن الأسرى لجامعة الدول العربية.

لا يتأخر عبد الناصر عن تلبية دعوات الصحافيين ووسائل الإعلام والمؤسسات والجامعات، إنْ طلبت منه الحديث عن الأسرى. يقول، في مقابلة مع "العربي الجديد"، في منزله بمدينة غزة، إن قضية الأسرى بالنسبة له كـ"الهواء الذي لا غنى عنه".

يتحدث فروانة عن وجود 5 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، والأعداد تتزايد يومياً بفعل الاعتقالات المستمرة التي تفرضها قوات الاحتلال كنهج حياة يومية، وخصوصاً في مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة.

لكل أسير خلف قضبان السجون الإسرائيلية، قصة وحكاية. يعرف فروانة الكثير منها. بين المعتقلين 200 طفل، و19 أسيرة، و11 نائباً، أبرزهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات، ووزير سابق. ومن بين الأسرى عشرات القيادات السياسية، وبينهم أيضاً 185 معتقلاً إدارياً من دون تهمة ولا محاكمة. ثلاثون أسيراً في السجون الآن منذ ما قبل اتفاق أوسلو، كان يُفترض الإفراج عنهم في 29 آذار/ مارس الماضي، لكن الاحتلال تنصّل في اللحظات الأخيرة.

منذ العام 1967 حتى اليوم، وفق فروانة، استشهد 205 أسرى داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي، 7 منهم استشهدوا بأعيرة نارية داخل المعتقلات، ومئات استشهدوا بعد الإفراج عنهم نتيجة الأمراض التي ورثوها من السجون.

يلفت عبد الناصر إلى معاناة خاصة للأسرى مع الإهمال الطبي، وهو أبرز الملفات الملحّة، في رأيه. والإهمال الطبي باختصار، هو إهمال الأسرى من دون تقديم أي مساعدة طبية لهم من قبل إدارات السجون، إذا ظهرت عليهم عوارض المرض، ناهيك عن غياب أي حماية للأسرى من تعرضهم للأمراض.

الإهمال الطبي، أدى، كما يقول فروانة، إلى وجود جيش من الأسرى المرضى. يُقدّر عبد الناصر عدد هؤلاء بـ1400 على الأقل، لكنه يتوقع أن يصل العدد إلى الضعف على الأقل، إذا أجريت فحوص طبية حقيقية للأسرى جميعاً. ويشير "خبير الأسرى" إلى أن 150 أسيراً بحاجة إلى عمليات عاجلة، فيما تأكدت إصابة 25 أسيراً بالسرطان، وآخرين يشتبه في إصابتهم بهذا المرض. تسمح إسرائيل للأسرى بشراء الطعام والشراب من "مقصف" السجن على نفقتهم الخاصة، لكنها لا تسمح لهم بشراء العلاج.

أكثر ما يقلق فروانة، اليوم، هي أوضاع الأسرى المرضى. يتنهّد قليلاً ويقول: "يمكن في أي لحظة أن يستشهد أسير فلسطيني نتيجة الأمراض والإهمال".

يتمنى عبد الناصر أن تُغلق السجون الإسرائيلية وتنتهي معاناة الأسرى. لكنه يؤكد أن هذا الأمر مرتبط بوجود الاحتلال. إلى حين تحقيق هذا الهدف السامي، المطلوب الكثير، مثل فضائية خاصة بالأسرى، ومركز توثيق لنضالات الأسرى وتاريخهم وقصصهم.

يطمح فروانة إلى تأسيس موقع إلكتروني خاص يقدم قصص وحكايات الأسرى، إلى جانب وجود قيادة للأسرى تجيد توظيف قضيتهم ومعاناتهم، وتسوّقها بشكل إيجابي في المحافل الدولية، وتوظف الإمكانيات المتاحة لإنهاء المعاناة المتفاقمة لهم ولذويهم.

ورغم تقديره للفعاليات التي تُنفّذ دفاعاً عن الأسرى، يشير فروانة إلى أن الفعاليات أقل بكثير ممّا تستحقه قضية الأسرى. تفتقر الفعاليات إلى المنهجية والعمل المنظّم، وتعتمد على ردود الفعل، بينما المطلوب عمل منظّم ليكون التأثير أكبر، والعمل تراكمي، على حد قوله.

المساهمون