قبرص التركية: مفتاح أردوغان في السياسة الخارجية

02 سبتمبر 2014
أعلن أردوغان تأييده الحل العادل للجزيرة (فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تراجعت أهمية القضية القبرصية على أجندة السياسية التركية اليومية، وسط اشتعال الحدود الجنوبية للبلاد، وتزايد خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بدون أن يغيّر ذلك من موقعها كقضية قومية تركية في الأعراف السياسية. وعملاً بـ"التقاليد"، دائماً ما تكون أول زيارة خارجية لأي رئيس جمهورية أو رئيس وزراء تركي، إلى قبرص وأذربيجان.

وتوجّه رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، أمس الإثنين، إلى الجزء الشمالي من جزيرة قبرص في أول زيارة خارجية. وأعرب، في المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع رئيس جمهورية شمال قبرص (غير مُعترف بها دولياً) درويش إيروغلو، عن تأييده لحل عادل ودائم وشامل وسلمي، بخصوص القضية القبرصية. وأكد أن الذين "يتقدمون بمشاريع حلول غير عادلة، عليهم أن يدركوا أن تركيا لا يمكن أن تقبل بمثل هذه المشاريع، لأن ذلك سيعني إنكارها لتاريخها".

وأشار أردوغان، إلى أن "هدفنا هو الانتقال بمسيرة المفاوضات المتواصلة إلى مرحلة إجراء استفتاءَين بالتزامن، في شطري الجزيرة، بأسرع وقت". ودعا "اليونان وبريطانيا، إلى إبداء جهود مخلصة لحل القضية القبرصية، على غرار تركيا، بصفتهما دولتين ضامنتين أيضاً في الملف القبرصي".

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية اليونانية، في بيان، بأن زيارة أردوغان إلى قبرص التركية، هي زيارة غير شرعية، واتهمت تركيا بـ"الاستمرار في سياستها العدوانية ضد القبارصة اليونانيين".

وكانت القضية القبرصية غابت بعد ثورات الربيع العربي، لحساب قضايا أكثر سخونة، في كل من غزة وسورية والعراق ومصر وحتى أوكرانيا، فلم تعد القضية القومية التي تشكل إلى جانب مجازر الأرمن محور العلاقة التركية بالعالم، كما تراجعت تغطيتها الإعلامية.

وتعتبر تركيا، أن "تدخّل قواتها في قبرص، إثر الانقلاب الذي قاده نيكوس سامبسون ضد الحكومة القبرصية المنتخبة، في عام 1974، جاء في سياق استخدام حقها في القيام بإجراءات تهدف إلى إعادة الوضع إلى ما كان عليه، وفق البند الرابع من المعاهدة الموقعة عام 1960 بين كل من الجمهورية القبرصية وتركيا واليونان والمملكة المتحدة، التي كانت تحتل الجزيرة"، إذ يرى القبارصة الأتراك في التدخل التركي إنقاذاً لوجودهم على الجزيرة، بينما يراه اليونانيون احتلالاً لها.

وفشل أتراك ويونانيّو الجزيرة في إيجاد حل نهائي لانقسامهم في سبيل إعادة توحيد البلاد، منذ اندلاع العنف عام 1950، على الرغم من المبادرات العديدة والمحادثات، والبيانات المشتركة، والمفاوضات والاتفاقات والخطط وتدخّلات اللحظة الأخيرة من قبل الجهات الدولية الفاعلة.

وكانت المحادثات الأخيرة، التي بدأت في 11 فبراير/ شباط من العام الحالي، التي ضمّت قيادات قبرصية يونانية وتركية، وقّعوا على إعلان مشترك، نصّ على خطوط عريضة ومبادئ للالتزام بها. وعلى الرغم من دعم المجتمع الدولي والولايات المتحدة، والضغط التركي، من أجل إنهاء الصراع في الجزيرة، في ظلّ احتياطات البترول والغاز المكتشفة ضمن شواطئها، إلا أن الطرفين لا يحملان كثير تفاؤل، خصوصاً وأن القضايا الأساسية القديمة لا زالت عالقة، مثل تقاسم السلطة وحقوق الملكية والمشكلة الأمنية، وبحسب الإستطلاع الذي أجرته في وقت سابق الجزيرة التركية، فإن 74 في المئة من القبارصة اليونانيين، يعتقد بأن المفاوضات ستفشل، الأمر الذي يوافق عليه 60 في المئة من القبارصة الأتراك.

وتردد في الإعلام التركي كثير من الاتهامات للحكومة التركية بـ"الإهمال" فيما يخص القضية القبرصية، واستبدالها بالقضية الفلسطينية وقطاع غزة، لكن ذلك غير صحيح، لأن هذه القضية تعتبر المفتاح الرئيس لحلحلة الكثير من القضايا العالقة، وفي مقدمتها موضوع الانضمام للاتحاد الأوروبي، والعلاقات مع إسرائيل التي تحاول تعزيز علاقاتها مع قبرص اليونانية، للسيطرة على حقول النفط المكتشفة حديثاً في حوض المتوسط.

المساهمون