حلب صامدة ودي مستورا يبحث عن هدنة

20 فبراير 2015
قوات المعارضة تصدّ هجمات النظام بحلب (أحمد محمد علي/الأناضول)
+ الخط -

تتوالى التطورات العسكرية والسياسية في محافظة حلب شمالي سورية، مع نجاح قوات المعارضة السورية في صدّ محاولات النظام والمليشيات التي تقاتل معه محاصرة حلب، وتكبيده خسائر كبيرة في المعارك الأخيرة. يأتي ذلك بالتزامن مع إبلاغ النظام المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا بموافقته على وقف إطلاق النار في حلب لمدّة ستة أسابيع.

وقال ناشطون إنّ اشتباكات عنيفة تدور بين قوات المعارضة والنظام في أطراف بلدات حردتنين وباشكوي والملاح، أسفرت عن تدمير دبابتين، واحدة في باشكوي والأخرى في منطقة الملاح، وسقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام، فيما قصف الطيران الحربي التابع للنظام بالصواريخ الفراغية مدينة الأتارب في ريف حلب.
اقرأ أيضاً (خسائر معركة شمال حلب للنظام وحلفائه تنذر بهزيمة كبيرة).

وقال عبد الله زيدان من المكتب الإعلامي للجبهة الإسلامية، لـ "العربي الجديد"، إن فصائل المعارضة تمكّنت من استعادة السيطرة على كامل بلدة الرتيان بعد استسلام 27 عنصراً من قوات النظام والمليشيات كانوا يتحصنون في أحد المباني بالبلدة. كما استعادت السيطرة على معظم بلدة حردتنين. وتدور في هذه الأثناء اشتباكات عنيفة في أطراف بلدة باشكوي، حيث لا تزال مجموعات من قوات النظام والمليشيات تدافع عن نفسها، وتحاول الهرب، بينما تحاصرها قوات المعارضة وتقطع عليها الطريق وتخيّرها بين الاستسلام أو القتل.

وأعلنت "الجبهة الشامية"، أحد فصائل المعارضة السورية، أن من بين الأسرى في ريتان ثلاثة ضباط إيرانيين وأفراد من حزب الله اللبناني، مشيرة إلى مقتل وإصابة "العشرات من قوات النظام والمليشيات كانوا يحاولون الوصول إلى بلدتي نبل والزهراء شمال المدينة، المحاصرتين من جانب قوات المعارضة". ويؤكد ناشطون أن "عدد الأسرى لدى المعارضة وصل إلى 50 بينهم مرتزقة من جنسيات أجنبية".

من جهة ثانية، أكدت فصائل المعارضة سيطرتها على منطقة الملاح التي كانت في قبضة قوات النظام قبل المعارك الأخيرة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام على إثر محاولة الأخيرة التسلل إلى منطقة طريق الكاستيلو من جهة جنوب حندرات، في حين تعرضت مناطق في بلدة عندان بريف حلب الشمالي إلى قصف مكثف من قبل قوات النظام، ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف مقاتلي المعارضة والمدنيين، ما يرفع عدد قتلى قوات المعارضة خلال المعارك الأخيرة إلى نحو ثمانين مقابل مقتل نحو 150 من القوات النظامية والمليشيات التي تقاتل معها.
ويتوقع مراقبون أن تطول المعركة بسبب أهميتها في فك الحصار عن قرية نبل، والتي تعد أحد معاقل النظام، إضافة إلى محاولة النظام فصل ريف حلب عن المدينة وإحكام حصاره على حلب، وسط تأكيدات بأن النظام حشد لهذه المعركة منذ شهرين.

هدنة مؤقتة

تتزامن التطورات الميدانية على جبهة حلب، مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي مستورا استعداد النظام السوري لتعليق قصفه الجوي والمدفعي على حلب "لمدّة ستة أسابيع اعتباراً من التاريخ الذي سيُعلن عنه في دمشق". وطالب دي مستورا قوات المعارضة بالتوقف عن إطلاق القذائف والصواريخ أيضاً، مشيراً إلى أنه يزور دمشق في أقرب وقت ممكن لبحث هذه الأمور، كما يزور حلب من أجل التباحث في تفاصيل هدنة مؤقتة.

وأعرب المبعوث الأممي عن أمله في أن يتوسع نطاق هذه الهدن الموضعية لتشمل مناطق أخرى في سورية، مما يشجع على التوصل إلى حلّ سياسي، لافتاً إلى أن تطبيق هذه الخطة سيكون صعباً بالنظر إلى الهدن الكثيرة السابقة التي لم تصمد. 

وكانت تصريحات دي مستورا الأخيرة بأنّ "رئيس (النظام السوري بشار) الأسد جزء من الحل" قد أثارت ردود فعل غاضبة لدى المعارضة السورية والتشكيلات العسكرية في الداخل. وأعلنت عدة تكتلات سياسية وعسكرية، وفي مقدّمتها مجلس قيادة الثورة السورية، مقاطعة لقاءات المبعوث الدولي باعتباره شخصية منحازة.

من جهته، أعلن المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض سالم مسلط أنه "بالتزامن مع إعلان دي مستورا أمام مجلس الأمن، عن موافقة نظام الأسد على تجميد مناطق الصراع في حلب لمدة ستة أسابيع، شنت قواته المدعومة بالحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله حملة شرسة على مناطق في ريف مدينة حلب الشمالي، فيما تشن (قوات) حزب الله، حملة عسكرية على محافظة درعا مدعومة بالحرس الثوري الإيراني".
ورأى المسلط أن "تلك الحملات العسكرية المتتالية تقدم المعنى الحقيقي لتلك الموافقة، وتعرف مفهوم تجميد الصراع في قاموس نظام الأسد، وتُظهر بشكل لا لبس فيه أنّ نظام الأسد لا يمكن أن يقدّم كشريك في أي حل سياسي"، مطالباً بفرض الحل السياسي على النظام من جانب مجلس الأمن وتحت الفصل السابع.

ويرى مراقبون أن مبادرة النظام الى شنّ عملية عسكرية واسعة في حلب بالتزامن مع الإعلان عن استعداده لهدنة مؤقتة، هي محاولة منه لتحقيق مكاسب على الأرض قبل الدخول في أي حل سياسي، وأنّ فشل حملته العسكرية على حلب حتى الآن تجعله في موقف أضعف، ما يقلل من احتمال نجاح مبادرته التي ستظل على الأرجح في إطار الترويج السياسي.

المساهمون