لم تتمكّن السلطات العراقية من إخراج مقاتلي حزب "العمال الكردستاني"، المصنَّف على لائحة الإرهاب تركياً، من مدينة سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق، على الرغم من مرور 6 أشهر على اتفاق سنجار بين بغداد وأربيل، الذي قضى بتطبيع الأوضاع في المدينة، من خلال إخراج جميع المليشيات المسلّحة من مدينة سنجار وضواحيها، وتسليم الملف الأمني لقوات الجيش، والبدء بإعادة إعمار المدينة بالتزامن مع إعادة جميع سكان المدينة من مختلف مكوناتها الدينية والعرقية.
ووفقاً لمسؤولين عراقيين وسياسيين، فإنّ الحزب ما زال يفرض سطوته في مدينة سنجار، مستقوياً بفصائل "الحشد الشعبي" التي تدعم استمرار وجوده في المدينة، تحدياً لخطة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وتحول دون إقدام القوات العراقية على إخراجه بالقوة، بعد مرور 8 أيام على المهلة التي منحتها له السلطات العراقية للمغادرة.
واليوم الجمعة، أكد مسؤول "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في سنجار، قادر قاجاغ، أن حزب "العمال الكردستاني" موجود في المدينة بدعم من فصائل "الحشد الشعبي"، ولن يخرج منها ما دام هذا الدعم موجود".
واعتبر في إيجاز صحافي نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، أنه "طالما بقي "الحشد الشعبي" في سنجار، ستكون الفرصة مواتية لبقاء حزب "العمال الكردستاني"، وبموجب هذا الارتباط يتلقى السلاح والرواتب من الحشد، وبالمقابل يستخدم الحشد حزب العمال في العداء لإقليم كوردستان".
وأشار إلى أن الاتفاق بين بغداد وأربيل يلزم كلّ مسلحي "العمال الكردستاني"، والفصائل المسلّحة، بالخروج من سنجار، موضحاً أن الفصائل غير مستعدة للالتزام بالاتفاق. وأضاف قاجاغ: "لولا دعم الحشد الشعبي لحزب العمال الكردستاني، لتمكن الجيش العراقي من إنهاء وجود مسلّحي الحزب في سنجار، ولتمكن أهالي القضاء (المدينة)، والذين يقيم أكثر من 80% منهم كنازحين في إقليم كوردستان، من العودة إلى منازلهم".
في السياق نفسه، أكدت مصادر محلية في محافظة نينوى، أن "العمال الكردستاني" والجماعات المسلّحة المرتبطة به لا تزال موجودة في سنجار، وتمارس مهامها اليومية بشكل طبيعي بالتنسيق مع فصائل "الحشد"، موضحة لـ"العربي الجديد"، أن القوات العراقية موجودة أيضاً في المدينة، إلا أنها لم تتخذ أي إجراءات لإخراج "العمال الكردستاني" رغم مرور 8 أيام على انتهاء مهلة إخراجه".
وأول من أمس الأربعاء، حذر قائم مقام سنجار محما خليل، من هجرة عكسية جديدة من مدينة سنجار بسبب تهديدات وممارسات حزب "العمال الكردستاني"، موضحاً أن مسلحي "الكردستاني"، ما زالوا متواجدين في المدينة، والتهديدات التي تمارسها جماعات مسلّحة تابعة له على السكان تسببت بنزوح جديد من سنجار.
وأشار خليل إلى وجود مخطط لمقاتلي حزب "العمال الكردستاني"، يتضمّن استخدام المدنيين كدروع بشرية لمواجهة قوات الجيش التي تسعى لإخراجهم من سنجار بالقوة، وتنفيذ الاتفاقية القانونية بين بغداد وأربيل.
من جانبه، قال عضو الحزب الديمقراطي والمرشح السابق عن مدينة سنجار في انتخابات عام 2014 حاتم شنكالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المدينة خارج سيطرة الجيش العراقي ووجوده شكلي"، واصفاً القوات العراقية بأنها "تعرف كل شيء وتشكو من عدم التعاون معها، فالكل يخشى من نفوذ وهيمنة حزب العمال والمدينة مختطفة من قبله".
ووفقاً لشنكالي، فإن أطرافاً سياسية ومليشيات ضمن "الحشد الشعبي" حليفة لإيران، دخلت على خط عرقلة تنفيذ اتفاقية سنجار، ويبدو أن الأمر بأوامر إيرانية لهم، وضمن هوس إيران بالحصول على أوراق ضغط على مختلف الدول ومنها تركيا"، معتبراً أن "الأتراك قد ينفذون هجوماً جوياً على المدينة في نهاية المطاف لتدمير مقدرات ومراكز قوة حزب العمال، كون سنجار باتت معقلاً رئيسياً مهدداً للأمن التركي، على غرار معقلهم التقليدي في جبال قنديل".
ويقضي الاتفاق الذي وقعته الحكومة الاتحادية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان في أربيل، في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بتطبيع الأوضاع في مدينة سنجار المتنازع عليها بين إقليمي بغداد وأربيل، وإخراج عناصر حزب "العمال الكردستاني" وفصائل "الحشد الشعبي" منها، لأجل تأمين عودة جماعية للنازحين.