5 سنوات على استعادة الموصل العراقية: تنصل من الإعمار وهيمنة المليشيات

11 يوليو 2022
آثار الخراب حتى الآن واضحة على معظم أحياء الموصل(زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

يستذكر سكان مدينة الموصل، ثاني كبرى المدن العراقية، ومركز محافظة نينوى، 550 كيلومتر شمالي العاصمة بغداد، الذكرى الخامسة لطرد مسلحي تنظيم "داعش" من مدينتهم بعد معارك استمرت أكثر من 8 أشهر شاركت بها إلى جانب القوات العراقية وحدات من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

ولا تتوقف آثار احتلال تنظيم "داعش" للموصل وما تسبب به من ويلات ودمار واسع فيها على البنى التحتية التي دمرت بنحو 80 بالمائة منها، إذ إن المعارك تسببت بمقتل وإصابة وتغييب ما لا يقل عن 40 ألف مواطن من أهالي المدينة، نتيجة القصف الجوي والصاروخي والضربات المدفعية التي طاولت المدينة قبل اقتحامها، عدا عن العمليات الإرهابية للتنظيم نفسه.

آثار الخراب واضحة

وما زالت آثار الخراب حتى الآن واضحة على معظم أحياء الموصل ومناطقها، سواء على مستوى المنازل والمباني السكنية أو البنى التحتية، ويقول مسؤول بارز في ديوان المحافظة إن كل جهود السنوات الخمس الماضية في الإعمار لم تتعد أكثر من 15 بالمائة، والخراب الباقي بحاجة إلى مبالغ ضخمة ولم تف بغداد بوعودها في منح السكان مبالغ تعويضية عن منازلهم لإعمارها أو لإعمار المباني والمنشآت الخدمية العامة.

ويضيف المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لغاية الأسبوع الماضي، تم انتشال جثث جديدة. هناك جثث ما زالت تحت الأنقاض لمدنيين قضوا بالقصف، وهناك أيضاً آلاف المواطنين مختفين لا يعلم أحد مصيرهم ويعتقد أنهم قضوا أيضاً بالمعارك. والمدينة لم تحصل إلا على الوعود الكلامية"، وفقاً لتعبيره.

المدينة آمنة حالياً، حيث إن تنظيم "داعش" انتهى فيها، لكن المشكلة التي تواجه المدنيين في الموصل، وفقاً للمسؤول ذاته الذي طلب عدم ذكر اسمه، هي "سيطرة الفصائل المسلحة التي ترفض الخروج من المدينة، بل ودخولها على خطوط حيوية مرتبطة بحياة السكان، منها المشاريع التنموية والعمرانية والتجارية، والترويج لمشاريع سياسية قريبة من طهران".

الموصل محتلّة

في السياق، قال الناشط من مدينة الموصل يحيى الأعرجي، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي الموصل لا يفرحون في يوم إعلان تحرير مدينتهم، بل إن هذا اليوم يمثل ذكرى أليمة، لأنها تعيد شريطاً من الذكريات عن المفقودين والمغيبين والذين قتلوا خلال فترة اشتداد الحرب على الإرهابيين".

وبين أن "المدينة لا تزال تعاني من أنقاض لم يتم رفعها، وهناك مقابر جماعية لم يتم اكتشافها، ناهيك عن كون ملف تعويض الأهالي شهد عرقلة كبيرة بسبب إرادات سياسية لا تريد أن تعود الحياة إلى طبيعتها في المدينة".

وأضاف الأعرجي أن "مدينة الموصل تحوَّلت بعد تحريرها إلى معسكر لعمل الفصائل المسلحة والجهات الحزبية التي تتحدر من محافظات أخرى، وهي تفرض إرادة سياسية وأمنية وشروطاً قاسية مقابل عمل التجار والمستثمرين"، مشيراً إلى أن "الموصل حالياً محتلة بعلم الدولة، وتحتاج إلى قرارات حكومية حازمة بشأن الاهتمام بها وإبعاد الدخلاء عليها".

استعراض إعلامي

من جهته، لفت النائب عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري إلى أن "الخراب لا يزال يمثل علامة من علامات الموصل حالياً، وأن أجزاءً منها لم تشهد أي عمليات تأهيل وتعمير، وتحديداً أحياء الجانب الأيمن من المدينة، وهي مهملة بشكلٍ كبير"، موضحاً في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "الزيارات التي يبادر بها مسؤولون وشخصيات حكومية لا تعبر عن حالة الاهتمام التي يطالب بها الأهالي، بل هي شكل من أشكال الاستعراض الإعلامي، وغالباً لا تترك أي آثار أو قرارات إيجابية وواقعية".

من جهة أخرى، أعلنت اليونسكو، في الذكرى الخامسة لتحرير الموصل من سيطرة "داعش"، أنها "تعمل مع شركائها على توسيع نطاق جهود #إحياء_روح_الموصل، واستجابة منا لرغبة أهالي الموصل واحتراماً لعظمة التاريخ، سنعيد بناء المعالم الأثرية كسابق عهدها كي نمضي بالمدينة على درب التعافي وإعادة الإعمار".

وكانت وزارة التخطيط العراقية قد أعلنت في وقت سابق أن كلفة الدمار الذي خلفه احتلال تنظيم "داعش" لأجزاء واسعة من العراق، بلغت أكثر من 88 مليار دولار، كان نصيب الموصل منها كبيراً، بعد تدمير أكثر من 56 ألف منزل، وتسجيل أسماء 11 ألف مفقود.

وخاض العراق، بدعم من التحالف الدولي، معارك عنيفة لاستعادة السيطرة على الموصل بدءاً من أكتوبر/ تشرين الأول 2016، استمرت لنحو 10 أشهر، لتنتهي بطرد مسلحي "داعش" في يوليو/تموز 2017، مخلّفة عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين.

وكان القضاء العراقي، عام 2015، قد تسلّم بنود التحقيق بسقوط المدينة على أيدي "داعش" من البرلمان، إلا أنه لم يستدعِ أياً من الأسماء التي ذكرها التقرير البرلماني، وعلى رأسهم نوري المالكي، المتهم الأول بالقضية وفقاً لنصّ التقرير البرلماني، الذي جاء فيه أن "المالكي و35 مسؤولاً كبيراً يتحمّلون مسؤولية تسليم الموصل للتنظيم من دون قتال". ويواجه القضاء اتهامات وانتقادات بالمماطلة في إنهاء الملف وعدم استعمال الإجراءات القانونية في القبض على المتهمين والتحقيق معهم.

المساهمون