استمرت أمس الجمعة الاتصالات والمشاورات بين مختلف الأحزاب الإسرائيلية، في محاولة لاستباق بدء المشاورات الرسمية لدى الرئيس الإسرائيلي، رؤبين ريفلين، بعد غدٍ الإثنين، لتكليف أحد قادة الأحزاب الإسرائيلية بتشكيل الحكومة، في موازاة بدء جلسات الاستماع لشهود الادعاء في محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
كثّف نتنياهو ضغوطه على زعيم حزب "يمينا" نفتالي بينت لضمه إلى معسكره
ومع تمخض الانتخابات الإسرائيلية في 23 من شهر مارس/ آذار الماضي عن عدم تمكن معسكر نتنياهو من الحصول على 61 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست، وحصول معسكره فقط على 52 مقعداً، كثّف نتنياهو من الضغوط الممارسة على زعيم حزب "يمينا" الاستيطاني، نفتالي بينت، على أمل ضمّه إلى المعسكر المؤيد له، لترشيحه للحصول على تكليف بتشكيل الحكومة. وعقد الرجلان أمس الجمعة اجتماعاً مطولاً، قالت مصادر حزبية إن نتنياهو قدّم عروضاً سخية لبينت خلاله، ومنها الحصول على مناصب وزارية عديدة، بينها وزارة الأمن، وتحصين سبعة مواقع لأعضاء حزبه على لائحة "الليكود" في حال جرت انتخابات خامسة.
في المقابل، لم تصدر عن حزب بينت تصريحات واضحة أو قاطعة لجهة قرار الأخير ما إذا كان سيدعم حكومة برئاسة نتنياهو، أم يمضي في التعاون مع أحزاب المعسكر المناهض للأخير، على أمل ابتزاز هذه الأحزاب للقبول بمطلبه بترؤس الحكومة لفترة قصيرة، مقابل دعمه لمعسكر يئير لبيد المناهض لنتنياهو، والذي يضّم جملة من أحزاب اليمين والوسط واليسار، ومن ضمنها القائمة المشتركة لثلاثة أحزاب عربية، تتفق على وجوب التخلص من حكم نتنياهو، لكنها تختلف في ما بينها حول من يكون مرشحاً باسم هذا المعسكر لرئاسة الحكومة.
وفيما يسعى نتنياهو لضمّ بينت إلى معسكره للوصول إلى 59 عضواً يؤيدون تكليفه بتشكيل الحكومة، أعلن أمس زعيم حزب "الصهيونة الدينية"، بتسليئيل سموطريتش، أن حزبه لن يؤيد أي حكومة يشكلها نتنياهو في حال اعتمدت الأخيرة، ولو من خارج الائتلاف الحكومي، على دعم من القائمة العربية الموحدة، بقيادة منصور عباس. فيما يواجه معسكر يئير لبيد الذي قد يحصل على ترشيح من القائمة المشتركة للأحزاب العربية، بقيادة أيمن عودة، هو الآخر تهديدات مشابهة من حزب "تكفا حداشاه" بقيادة غدعون ساعر، بعدم القبول بتشكيل ائتلاف حكومي يعتمد على دعم من أي من الأحزاب العربية، سواء من القائمة العربية الموحدة، بقيادة عباس، أم من القائمة المشتركة التي يرأسها أيمن عودة.
وفي ظلّ عدم قدرة أي من المعسكرين على تأمين أغلبية 61 صوتاً، فإن المعسكرين، سواء بقيادة بنيامين نتنياهو أم يئير لبيد، يسعيان على الأقل حتى يوم غدٍ الأحد لضمان أن يكونا الأكبر من حيث عدد المؤيدين للحصول على التكليف بتشكيل الحكومة، واستغلال مهلة الـ28 يوماً الأولى التي يمنحها الرئيس للمكلف بشكيل الحكومة، لإحداث اختراق في الطريق المسدود نحو حلّ الأزمة السياسية في إسرائيل. ويراهن مؤيدو نتنياهو على أن يتمكن في حال فاز بالتكليف بتشكيل الحكومة، في استمالة أعضاء من أحزاب اليمين، خصوصاً من حزب "تكفا حدشاه" بقيادة غدعون ساعر، للوصول إلى أغلبية تضمن له عرض حكومة ائتلاف جديدة تحظى بأغلبية عند عرضها على الكنيست.
مع ذلك، أشار المراسل السياسي في القناة 12، عميت سيغال، في زاويته الأسبوعية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى احتمال أن يقبل نتنياهو بالعروض المقترحة عليه، بأن يُرّشح نفسه لرئاسة الدولة، مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس الحالي، رؤبين ريفلين، لأن القانون الأساسي لرئيس الدولة يكفل للرئيس عدم محاكمته، ووقف أي إجراءات جنائية ضده. وقال سيغل إن نتنياهو الذي رفض الفكرة سابقاً بات أقل معارضة لها أخيراً، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات الأخيرة. ولفت إلى أن بمقدور نتنياهو أن يتجه لهذا الخيار خلال الشهرين المقبلين في حال ظلّت الأزمة السياسية الحالية، لا سيما أنه خاض أربع جولات انتخابات منذ إبريل/ نيسان 2018 بهدف التخلص من محاكمته عبر محاولة سنّ قانون لا يجيز محاكمة رئيس الحكومة ما دام يشغل منصبه.
احتمال أن يقبل نتنياهو بالعروض المقترحة عليه، بأن يُرشح نفسه لرئاسة الدولة
في المقابل، كثف زعيم حزب "كاحول لفان"، بني غانتس، من دعواته للإعلان عن فقدان نتنياهو أهلية الحكم، بعدما رفض يوم الخميس الماضي تعيين وزير للعدل، لتبقى الحكومة الإسرائيلية حالياً من دون وزير عدل، مع كل ما يترتب على ذلك من قدرة الحكومة على أداء عملها وفق القانون.
إلى ذلك، يعتزم المعسكر المناهض لنتنياهو أن يحاول في أول يوم لالتئام الكنيست في السادس من شهر إبريل/ نيسان الحالي تغيير رئيس الكنيست الحالي، ياريف ليفين، وطرح مقترح قانون يمنع أي عضو كنيست توجد ضده لائحة اتهام من الحصول على تكليف لتشكيل الحكومة. وستكون الأيام القريبة الحاسمة في تحديد هوية من سيحظى بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وبالتالي هل ستتشكل حكومة جديدة خلال 28 يوماً أم تعود إسرائيل لانتخابات خامسة تبعاً للقرار الذي سيتخذه بينت، خصوصاً أنه من المقرر أن يلتقي مساء اليوم السبت مع زعيم المعارضة يئير لبيد للبت في مطالبه مقابل ترشيح لبيد لتشكيل الحكومة.