ومع مرور أسبوع كامل على احتلال "جبل أحد"، ما زال عناصر "القبعات الزرق" يمنعون المحتجين من الدخول إليه بحجة عدم استكمال عمليات تنظيفه، وهو ما اعتبره مراقبون سرقة أحد أهم معاقل الثورة في بغداد، إذ لم يكن المطعم التركي وحده الذي تعرض للاحتلال، وإنما شهدت ساحات التظاهرات في مدن بابل والناصرية وكربلاء والنجف هجمات رافقتها أعمال عنف سقط بسببها العشرات من المحتجين بين قتيل وجريح.
من جهته، أشار المتظاهر مؤيد ناصر إلى أن "عناصر القبعات الزرق اعتدوا على كثير من المحتجين بحجة شتم مقتدى الصدر والتجاوز على آل الصدر، مع العلم أن المتظاهرين لم يشتموا أحداً، وكل ما حصل هو الهتاف ضد التدخلات الإيرانية"، موضحاً، لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر التيار الصدري الذين احتلوا ساحة التحرير أزالوا صورة صفاء السراي، وبقية قتلى الاحتجاجات، ورفعوا صورا للصدر، كما أنهم أزالوا كل الرسومات التي تركها المتظاهرون على الجدران، واستبدلوها بعبارات تناهض الوجود الأميركي، وبعض المطالب التي لا تعتبر شعبية بالنسبة للمحتجين".
من جهته، قال الناشط والمحتج محيي الأنصاري إن "المطعم التركي يُمثل رمزية كبيرة للمتظاهرين، وبالتالي فإن سيطرة جهة سياسية معينة بالقوة عليه يمثل حالة سلبية تؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية للمحتجين، ويؤدي هذا الأمر إلى تقليل أعدادهم، ولا سيما أن (جبل أحد) هو المنصة الثابتة لإعلان المواقف والبيانات والتفاعل مع الوضع السياسي العام في البلاد"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد" بأن "المندسين الذين يتحدث عنهم عناصر القبعات الزرق هم حجة تمارس من خلالها السلطة والأحزاب القوة للسيطرة على الاحتجاجات".
لكن عنصرا من جماعة "القبعات الرزق" قال لـ"العربي الجديد"، إن "التيار الصدري لم يحتل (جبل أحد)، إنما يعمل على إبعاد المخربين والمندسين الذين يستهدفون القوات الأمنية والمتظاهرين بالسكاكين وقنابل المولوتوف، ويتسببون بحرف الثورة ومطالبها المشروعة"، مبيناً أن "عناصر القبعات يعملون منذ أيام على صيانة المطعم التركي وتنظيفه من مخلفات المندسين والمتظاهرين غير المؤمنين بالاحتجاجات السلمية، وقد عثرنا على أدوات جارحة وقنابل وأسلحة خفيفة".
ولفت إلى أن "وظيفة القبعات الزرق، بحسب أوامر الصدر، تقتصر على حماية المحتجين السلميين، وليس قتلهم أو الاستيلاء على احتجاجاتهم، ولكننا نمنعهم حالياً من زيارة (جبل أحد)، وسيُفتح بأمر من السيد مقتدى الصدر، وإن لم يأمر بذلك فلن يفتح أمام العراقيين". وأدان المرجع الديني علي السيستاني "تنصل" القوات الأمنية من حماية المتظاهرين، فيما طالب الحكومة الجديدة بـ"استعادة هيبة الدولة".
وقال ممثل السيستاني أحمد الصافي، خلال خطبة اليوم الجمعة في كربلاء، إنه "على الرغم من النداءات المتكررة حول ضرورة نبذ العنف والالتزام بسلمية التظاهرات، وتنقية الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح من الأعمال التي تضر بمصالح الناس وتفقده تضامن المواطنين وتعاطفهم، إلا أن ذلك لم يحل دون وقوع حوادث مؤسفة ومؤلمة خلال الأيام الماضية سفكت فيها دماء غالية بغير وجه حق، وكان آخرها ما وقع في مدينة النجف"، مؤكداً على "إدانة كل الاعتداءات والتجاوزات التي حصلت من أي جهة كانت".
وتأتي هذه الاشتباكات الأخيرة في مدينتي النجف وكربلاء بعدما حاولت جماعة "القبعات الزرق" التوغل في الساحات بحجة تنظيفها من "المندسين والمخربين والجوكرية (العملاء) الموجودين بين صفوف المحتجين"، الذين يتهمهم الصدر بأنهم "ينفذون أجندات أميركية صهيونية".
وصعّد متظاهرو ساحة الحبوبي في محافظة ذي قار العراقية (جنوب شرق)، مطالبهم من خلال الدعوة إلى إجراء استفتاء في ساحات التظاهر بهدف اختيار مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة بدلا من رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، الذي رُفض في ساحات الاحتجاج، ملوحين بالزحف إلى بغداد والتظاهر عند المنطقة الخضراء الحكومية إذا لم يتحقق ذلك.