4 سنوات على عمليات تحرير الموصل من "داعش" والخراب لا يزال ماثلًا

16 أكتوبر 2020
الموصل ترزح تحت الدمار (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

يوافق اليوم الجمعة الذكرى السنوية الرابعة لانطلاق العمليات العسكرية العراقية لتحرير مدينة الموصل وطرد عناصر "داعش" الذين احتلوها بعد انسحاب الجيش والشرطة إبان حكومة نوري المالكي عام 2014. واستمرت تلك المعركة لأكثر من تسعة أشهر، شارك فيها أكثر من 100 ألف عنصر من القوات العراقية و"الحشد الشعبي" والبشمركة وقوات العشائر، بدعم بري وجوي واسع من التحالف الدولي ضد "داعش" بقيادة واشنطن.
وبالرغم من مرور أكثر 3 سنوات على تحرير المدينة، إلا أن آثار الحرب لا تزال شاخصة فيها، إذ خلفت المعارك بحسب تقارير حكومية وبرلمانية ومنظمات محلية أكثر من 40 ألف قتيل وجريح ومفقود بين المدنيين، ودماراً هائلاً أتى على أكثر من 70 في المائة من المدينة.
ولم تشهد مدينة الموصل، وعموم محافظة نينوى، الإعمار الذي وعدت به الحكومة العراقية، أو الولايات المتحدة وباقي الدول الأعضاء ضمن التحالف الدولي عقب تحرير المدينة نهاية العام 2017. ولا يزال الخراب يملأ المدينة وتحديداً الجانب الأيمن منها، دون تعمير لشبكات الطرق والجسور التي تربط ضفتي المدينة التي يمر من وسطها نهر دجلة، إضافة إلى المستشفيات، والربط الكهربائي، فضلاً عن الفقر والبطالة.
ويرجع مسؤولون محليون وناشطون من الموصل أبرز أسباب عدم تقدم الجانب العمراني والتعمير في المدينة إلى الصراع السياسي بين القوى النافذة في محافظة نينوى، إضافة إلى دخول الفصائل المسلحة وألوية "الحشد الشعبي" على خط العمل التجاري والاقتصادي والتحكم بدوائر الدولة في المنطقة.
وفي السياق، قال الناشط من مدينة الموصل يحيى الأعرجي لـ"العربي الجديد"، إن "من أبرز المشاكل التي تعاني منها أحياء مركز محافظة نينوى، هي تردي الواقع الصحي، حيث لم تتمكن الحكومة العراقية من إعادة تعمير وبناء المستشفيات الحكومية ومعالجة ما لحق بها من تخريب وتدمير خلال العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة"، مبيناً أن "مستشفيات مهمة مثل السلام والشفاء لا تزال على وضعها منذ إعلان تحرير الموصل".
وأوضح أن "أهالي المدينة يضطرون إلى السفر باتجاه الشمال، نحو أربيل والسليمانية من أجل زيارة الأطباء وإجراء العمليات الجراحية، أو مراجعة المستشفيات الأهلية في الموصل"، مضيفاً أن "المدينة تعاني من نقص الجسور وشبكات الطرق، ومنذ أربع سنوات، تعتمد على جسرين حديديين".

 

ولفت إلى أن "من المشاكل التي يعاني منها الأهالي، القصور في ملف تعويض المتضررين وضحايا العمليات العسكرية، إذ لا تزال المئات من العوائل تنتظر معاملاتها المتوقفة"، مستغرباً من دعوات الحكومة لعودة النازحين من دون "تعويض المتضررين أو تعمير المناطق التي تعاني من عدم وجود المياه الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي، كما أن بعض الأحياء تعاني من مشاكل سياسية وأخرى تتمثل بالصراعات بين الوقفين الشيعي والسني".
من جهته، أشار المسؤول المحلي في الموصل، أضحوي الصعيب، إلى أن "بعض أجزاء مدينة الموصل لا تزال مدمرة، وبعضها تشهد صعوبة في الوصول إليها بسبب تراكم الأنقاض ومخلفات الحرب"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "القطاع الصحي هو الأكثر تأثراً بالحرب وما بعدها، وذلك بسبب الفساد".
واستدرك بالقول "ليست كل المناطق متأثرة، لأن بعضها تشهد تعميراً مستمراً وتقدماً على مستوى البنية التحتية، أما في مناطق أخرى لا يزال الخراب قائماً، بسبب الجهات صاحبة النفوذ فيها".
وأدت المعارك أدت إلى تعرض 14 مشفى حكومياً للدمار الجزئي، بنسب تتراوح بين 20% و80% للمباني والأجهزة والإمكانات الطبية، بينما أسفرت العمليات الحربية عن تدمير كامل لمشفيي ابن سينا والجمهوري، بحسب مصادر مسؤولة في المدينة.
إلى ذلك، أكد المحافظ الأسبق لمحافظة نينوى، أثيل النيجفي، أن "المدينة لم تشهد حملات الإعمار والبناء التي وعدت بها الحكومة العراقية ومنظمات المجتمع المدنية، والمنظمات الدولية، لأسباب تتعلق بالوضع الأمني فيها من جهة، والفساد واختلاس أموال المشاريع من جهة أخرى، لأن معظم الجهات المانحة للموصل، لا تثق بالمسؤولين المحليين في المدينة".
وأردف في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "بناء وإعادة الحياة في المدينة مرتبط بإخراج السلاح المنفلت والفصائل المسلحة التي تسيطر على الأرض والتي تمتلك المقرات، التي باتت تتحكم بكل المشاريع وتحاول الحصول على نسب مالية مما قد يُنجر، وبالتالي فإن كل شيء متوقف في المدينة بناءً على موافقة الفصائل المسلحة، وهذا يعني أن الدولة ضعيفة في الموصل، وسلطة السلاح هي الأقوى".

 

من جهة أخرى، لم يوجه القضاء العراقي استدعاء لمن وردت أسماؤهم في تحقيق لجنة سقوط الموصل، الذي وقع في 10 يونيو/حزيران 2014، لاعتبارات سياسية مختلفة، لا سيما أن المتهم الأول بالقضية هو رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي. ويتحمل الأخير المسؤولية بحسب تقرير لجنة تحقيق برلمانية رسمية، الذي قال إن "المالكي و35 مسؤولاً كبيراً، يتحملون مسؤولية تسليم الموصل للتنظيم من دون قتال".
وتسبب سقوط المدينة بانهيار قطعات الجيش العراقي بشكل متسارع، لتسقط مدن شمال العراق الرئيسية بقبضة "داعش"، وأبرزها تكريت والحويجة والقيارة وتلعفر والحضر وتلكيف وربيعة والشرقاط، قبل أن يلتف التنظيم، ويسيطر على مدن في غرب العراق أيضاً.

المساهمون