أكدت مجموعة من الجمعيات والمنظمات التونسية، اليوم الخميس، رفضها مشروع الدستور المطروح للاستفتاء، مشيرة إلى أن إعداده وصياغته وطريقة عرضه تعكس التوجه الانفرادي للرئيس قيس سعيد.
ودعت المنظمات والجمعيات في بيان يحمل عنوان "لا لدستور الانفراد بالحكم"، إلى سحب المشروع، معبرة عن "تجنّدها للقيام بكل التحركات المشروعة لتحقيق إصلاحات دستورية تحترم كرامة التونسيات والتونسيين وتستجيبُ لتطلّعاتهم في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية التزاما بشعارات الثورة".
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وشددت الجمعيات، في بيانها، على أن سعيد صادر بهذا الدستور "حق التونسيات والتونسيين في الجدال حول مصيرهم ومستقبلهم وفرض خياراته الخاصة دون تشريك مكوّنات المجتمع المدني والسياسي والأكاديميين والمختصين".
وبحسب البيان، فإن مشروع الدستور "لا يشكّل نقلة نوعية تتجاوز هنات ومطبّات دستور 2014؛ بل ارتد إلى نفي الطابع المدني للدولة وإلى إلغاء الاستناد إلى منظومة حقوق الإنسان كمرجعية تأسيسية".
ورأت المنظمات نفسها أن "المشروع يتجه إلى تكريس التداخل بين الديني والسياسي بما أوكله للدولة من أدوار ومهام دينية ليست مطلوبة من دولة مدنية تستمد شرعيتها من تعاقد مواطناتها ومواطنيها ولا من شرعيات ما ورائية".
وشددت على أن "مشروع الدستور ينسف رابطة المواطنة الجامعة لنساء تونس ورجالها دون تمييز أو تمايز على أساس المعتقد أو اللون أو الجنس، حيث حافظ على اشتراط أن يكون رئيس الدولة مسلما، كما جعل من الرئاسة وظيفة ذكورية حصريا حين تراجع على التنصيص بأن (الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة وناخب)".
وكما أورد البيان، فإن مشروع الدستور يلغي مبدأ السيادة والرقابة الشعبية على السلطة، إذ يكرّس مركزة السلط لدى الرئيس الحاكم الفرد الذي يمسك كافة السلطات مع عدم إمكانية خضوعه لأي مساءلة سياسية أو جزائية في ظل حصانته المطلقة، كما أنه يؤبد حالة الطوارئ والتدابير الاستثنائية خارج كل رقابة.
وأضافت المنظمات في البيان، أن "مشروع الدستور ينسف مبدأ التوازن بين السلطات بالحدّ من صلاحيات السلطات التشريعية والقضائية وتحويلها إلى وظائف تُعيّنُ وتُدارُ من رأس الدولة". وبينت أن "مشروع الدستور يضرب مبدأ استقلال القضاء كركيزة للديمقراطية وضمان للحقوق والحريات وذلك بتشتيت السلطة القضائية إلى ثلاثة مجالس لا رابط بينها ودون ضمان في انتخابها وتمثيليتها للقضاة".
ولفتت المنظمات إلى أن "مشروع الدستور رافق تضمينه لباب الحقوق والحريات بجملة من التضييقيات والقيود ومنها (ضرورات الأمن العام والآداب العامة)، وهي القيود المكرّسة للمسوّغات المتداولة المعهودة لتبرير القمع ومصادرة وانتهاك الحريات".
وشددت على أن "مشروع الدستور ألغى الهيئات الدستورية المتصلة بالإعلام والقضاء ومكافحة الفساد وحقوق الإنسان، بصفتها مرجعا تعديليا مستقلا، ليفسح المجال لعودة سيطرة السلطة التنفيذية على هذه المجالات الحيوية، وذلك في تعارض تام مع مكتسبات الثورة والتزام الدولة باحترام القواعد والمعايير الدولية التي غفل مشروع الدستور تماما عن ذكرها والاستناد إليها".