3 من كبار مسؤولي النظام السوري أمام القضاء الفرنسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية

19 مايو 2024
جنود تابعون للنظام السوري في ريف حلب 19 يوليو 2022 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في باريس، تجري محاكمة غيابية لثلاثة مسؤولين أمنيين سوريين بتهم التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، مرتبطة بمقتل اثنين من الفرنسيين ذوي الأصول السورية في 2013، مما يمثل خطوة مهمة نحو محاسبة النظام السوري.
- الضحيتان، باتريك الدباغ ووالده مازن، تعرضا للتعذيب القاسي في مطار المزة، ما يعكس الانتهاكات الوحشية للنظام السوري ضد المعتقلين.
- هذه المحاكمة تسلط الضوء على الجرائم الممنهجة للنظام السوري وتؤكد على أهمية الجهود الدولية في مكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز المساءلة لانتهاكات حقوق الإنسان.

تبدأ أمام محكمة الجنايات في العاصمة الفرنسية باريس، الثلاثاء المقبل، محاكمة ثلاثة مسؤولين أمنيين كبار لدى النظام السوري، غيابياً، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب؛ على خلفية مقتل اثنين من المواطنين الفرنسيين، من أصل سوري عام 2013.

وذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد، أنه لأول مرة ستجري في فرنسا محاكمة غيابية بحق كل من: المدير السابق لمكتب الأمن الوطني علي مملوك، والمدير السابق للمخابرات الجوية جميل حسن، والمدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية عبد السلام محمود.

لأول مرة ستجري في فرنسا محاكمة غيابية بحق ثلاثة مسؤولين من النظام السوري

 ووفق الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، تهدف الإجراءات إلى محاكمة أعلى المسؤولين في النظام منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/ آذار 2011 ضد الرئيس بشار الأسد، إذ سبق لمسؤولين أقل شأناً أن خضعوا لمحاكمات في أماكن أخرى في أوروبا، خصوصاً في ألمانيا، بشأن انتهاكات النظام السوري. 

وستضم هيئة محكمة الجنايات ثلاثة قضاة من دون محلفين، وسيتم تصوير جلسات الاستماع المقررة على مدى 4 أيام لحفظها ضمن أرشيف القضاء. كما سيتم لأول مرة توفير الترجمة العربية للجمهور، ضمن المحكمة.

 وتتعلق القضية بالضحيتين باتريك الدباغ ووالده مازن. وكان باتريك، وهو من مواليد 1993 طالباً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق حينذاك، بينما كان والده مواليد 1956، مستشاراً تربوياً رئيسياً في المدرسة الفرنسية بالعاصمة السورية دمشق، وقد اعتُقل الاثنان في نوفمبر 2013 على يد عناصر قالوا إنهم من جهاز المخابرات الجوية السورية.

 ووفق صهر مازن، الذي اعتُقل في الوقت ذاته ثم أُطلق سراحه بعد يومين، فقد نُقل الشخصان اللذان يحملان الجنسيتين الفرنسية والسورية، إلى مطار المزّة قرب دمشق، الذي يوصف بأنه أحد أسوأ مراكز التعذيب لدى النظام. ومنذ ذلك الوقت لم تظهر أي مؤشرات على أنهما على قيد الحياة، إلى أن تم إعلان وفاتهما في أغسطس/ آب 2018. ووفق شهادات الوفاة المرسلة إلى العائلة، فقد توفي باتريك في 21 يناير/ كانون الثاني 2014، ومازن في 25 نوفمبر 2017.

كما طُردت زوجة مازن الدباغ وابنته من منزلهما في دمشق الذي استولى عليه عبد السلام محمود.

وجاء في اللائحة الاتهامية، أن قضاة التحقيق اعتبروا أنه "من الثابت أن الرجلين عانيا، مثل آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، تعذيباً قاسياً لدرجة أنهما ماتا بسببه".

كما قدّم عشرات الشهود، بينهم العديد من الفارين من قوات النظام السوري ومحتجزون سابقون في سجن المزّة، تفاصيل للمحققين الفرنسيين واللجنة الدولية للعدالة والمساءلة، وهي منظمة غير حكومية، بشأن التعذيب في هذا السجن، مؤكدين استخدام الضرب بقضبان من الحديد على أخمص القدمين والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي داخل السجن.

ونص الاتهام على أن هذه الوقائع "من المرجح أن تشكل جرائم حرب وابتزازاً وتمويه ابتزاز"، كما أن "الحجز على ممتلكات سوريين اختفوا أو وُضعوا في معتقلات أو مهجّرين قسراً أو لاجئين، كان ممارسة منتشرة للنظام السوري".

ونقلت "فرانس برس" عن المحامية كليمانس بيكتارت التي تمثل عدداً من الأطراف المدنية أن "كثيرين قد يعتبرون هذه المحاكمة رمزية، لكنها جزء من عملية طويلة ويجب قراءتها في ضوء المحاكمات". واعتبرت أن "كل هذا يصبّ في جهد لمكافحة الإفلات من العقاب على جرائم النظام السوري"، مشددة على ضرورة عدم نسيان جرائم النظام التي قالت إنها لا تزال تُرتكب حتى اليوم. وقالت بيكتارت إن هذه المحاكمة بمثابة تذكير بأنه "يجب ألا نقوم بأي حال من الأحوال بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد".

محاكمة ضباط النظام السوري: خطوة جديدة نحو العدالة؟

من جانبه، قال المحامي المعتصم الكيلاني المختص بالقانون الدولي لـ"العربي الجديد" إن هذه المحاكمة ستكون خطوة جديدة من خطوات العدالة في سورية، خاصة أنها تلاحق ثلاثة من أهم الشخصيات الأمنية لدى النظام السوري، ممن يعتبرون حجر الأساس للمنظومة الأمنية التابعة لبشار الأسد.

وأضاف الكيلاني المقيم في باريس، أنه بناء على ازدواجية الجنسية التي يتمتع بها الضحايا، فإن لدى القضاء الفرنسي الاختصاص في الملاحقة القضائية واستصدار الأحكام الغيابية بحق المشتبه بهم. وأعرب عن اعتقاده بصدور أحكام بالسجن لمدة 20 عاماً لكل من المشتبه بهم على الأقل، وذلك يوم 24 هذا الشهر في الجلسة الختامية، مضيفاً أنه يمكن للمشتبه بهم بعد استصدار الحكم في حقهم عند مثولهم أمام القضاء الفرنسي، أن يطالبوا بإعادة المحاكمة حفاظاً وضماناً لحق الدفاع.

كما أكد المحامي السوري زيد العظم لـ"العربي الجديد" أهمية هذه المحاكمة في مسار العدالة الذي ينتظره الشعب السوري مهما طال الزمن. ورأى العظم المقيم في باريس أيضاً أن أهمية المحاكمة تكمن في أنها ستسهم في الكشف عن المزيد من جرائم التعذيب والإجرام الممنهج الذي تتبعه أجهزة النظام السوري الأمنية، وهو ما يعزز المطالب بضرورة التشدد حيال النظام السوري، وعدم طي صفحة جرائمه بحق الشعب السوري.

ولا يزال مصير عشرات الآلاف من المفقودين والمخطوفين والمعتقلين مجهولاً في سجون النظام السوري ومعتقلاته.

 وكان مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا قد طلب من محكمة الاستئناف، في منتصف يناير الماضي، البتّ في صلاحية مذكرة الاعتقال بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد المتهم بالتواطؤ في الهجوم الكيميائي على الغوطة الشرقية في العام 2013، بحسب وكالة فرانس، وهو ما أثار استنكار منظمات حقوقية سورية ودولية.

المساهمون