3 رسائل من القاهرة لعباس... وبلينكن يرفض مبادرة مصرية

02 فبراير 2023
عباس يتوسط حسني (إلى اليمين) وكامل (وكالة "وفا" الفلسطينية)
+ الخط -

زيارة خاطفة قام بها رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، ورئيس جهاز المخابرات الأردنية أحمد حسني، إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، أمس الأول الثلاثاء، قبل لقاء عباس ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولة، بدأت يوم الإثنين الماضي، شملت مصر ورام الله وتل أبيب.

في هذا الإطار، علمت "العربي الجديد" أن زيارة عباس كامل جاءت بتنسيق مسبق بين المسؤولين في مصر وبلينكن، الذي طالب الجانب المصري بالضغط على عباس من أجل التوصل لتهدئة في الضفة الغربية، ومنع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، أو دخول قطاع غزة على خط المواجهة، بدعم من أطراف إقليمية، وفق تخوفات الإدارة الأميركية.

طالبت مصر عباس بالإعلان عن عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال

واستقبل عباس، في مقر الرئاسة، بمدينة رام الله، الثلاثاء الماضي، كامل وحسني. ونقل رئيسا جهازي المخابرات، بحسب الإفادة الرسمية الفلسطينية، "رسالة دعم وتضامن كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والتأكيد على دعمهما للرئيس محمود عباس، وفلسطين وشعبها الشقيق، والحرص على الأمن والاستقرار في المنطقة".

من جانبه، أكد عباس، وفق الإفادة نفسها، أهمية استمرار التنسيق مع الجانبين المصري والأردني، وشكره للجهود التي تبذلها كل من مصر والأردن للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

3 رسائل من القاهرة لعباس

ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن اللواء عباس كامل حمل ثلاث رسائل رئيسية من القاهرة لرئيس السلطة الفلسطينية، أولاها تتمثل في ضرورة الإعلان الرسمي عن عودة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وهو المطلب نفسه الذي أكد عليه بلينكن خلال لقائه المسؤولين المصريين في القاهرة، حيث شدد على ضرورة عودة التنسيق دون أي شروط من جانب السلطة الفلسطينية.

كما حمل لقاء رئيسي المخابرات الأردني والمصري بعباس وعدد من المسؤولين في السلطة الفلسطينية ضرورة الإعلان الرسمي عن استعداد الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية للعمل الجاد على استعادة الأمن والسيطرة على الوضع في مدن الضفة الغربية، وذلك لتمكين الوسطاء من ممارسة ضغوط على حكومة الاحتلال بوقف التصعيد.

وخلال اللقاء، أكد عباس لرئيسي المخابرات المصرية والأردنية أن ضبط الأوضاع الأمنية في الضفة لا يقتصر على السلطة فقط، وأن الأمر يرتبط بشكل مباشر بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، إذ ينشط عناصرهما في عمليات ضد الاحتلال، وهو ما استتبعه نقل كامل للرسالة المصرية الثالثة بأن القاهرة بصدد إيفاد وفد أمني رفيع المستوى إلى قطاع غزة للقاء قيادات حركتي حماس والجهاد من أجل التوصل لتفاهمات واضحة بشأن الحفاظ على الهدنة، ومنع التصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي.

ضغوط على عباس

ما جعل اللقاء بين عباس ورئيسي جهاز المخابرات المصري والأردني متوتراً، هو كون الضغوط والطلبات التي قدمت إلى عباس لم يقابلها الحديث عن أي ضغوط ستتم ممارستها بالمقابل على حكومة الاحتلال من أجل وقف ممارساتها، وأن الأمر لم يكن سوى إشارات بمطالب ستنقلها مصر للجانب الأميركي وحكومة الاحتلال بشأن تحسين الأوضاع في مدن الضفة، وأوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

في غضون ذلك، من المقرر أن يصل وفدان أمنيان مصريان إلى كل من قطاع غزة ورام الله وتل أبيب خلال الأيام القليلة المقبلة، بهدف تبادل الرسائل بين الأطراف كافة من أجل نزع فتيل موجة التصعيد الجديدة، والتي تنذر بمواجهة شاملة.

رفض أميركي لمبادرة مصرية

في سياق متصل، كشف مصدر دبلوماسي أميركي في القاهرة عن رفض بلينكن خلال زيارته للقاهرة مبادرة مصرية بهدف إحياء مسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.


الضغوط والطلبات التي قدمت لعباس لم يقابلها حديث عن أي ضغوط على الاحتلال من أجل وقف ممارساته

وكشف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن المبادرة المصرية كانت تتمثل في دعوة القاهرة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مفاوضات تمهيدية في مدينة شرم الشيخ برعاية مصرية في مارس/ آذار المقبل، بمشاركة الإدارة الأميركية والأردن، وهو المقترح الذي رفضه بلينكن بدعوى عدم ملاءمة الأوضاع الحالية لمثل تلك المبادرة.

وأوضح المصدر أن رؤية بلينكن والإدارة الأميركية في هذا الشأن، تدور حول أن مثل تلك الخطوة تحتاج لتهيئة واسعة حتى تكون مجدية ولا تكون مجرد مباحثات شكلية فقط، مضيفاً أنه في الوقت ذاته فإن تركيز الإدارة الأميركية منصب في الوقت الحالي على التعامل مع الملف الإيراني بالتنسيق مع إسرائيل.

وكان بلينكن قد غرد، عقب لقاء السيسي، الإثنين الماضي، أنه "عقد لقاءً هاماً مع الرئيس عبد الفتاح السيسي حول العلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة"، مشيراً إلى أنه تناول مع السيسي دور مصر المهم في الاستقرار الإقليمي والتعاون الثنائي وأهمية التقدم في حقوق الإنسان.

من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه أجرى مباحثات مع بلينكن تضمنت بحث سبل تحقيق التهدئة، والتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، مؤكداً أن المباحثات تناولت العمل على منع أي نوع من التصعيد، وإيجاد نوع من الإطار السياسي لوضع حل دائم وشامل لحل الدولتين.

وأضاف شكري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بلينكن، أن القاهرة تعول على التعاون مع واشنطن لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وأن المباحثات عكست التقارب في المصالح الاستراتيجية بين البلدين. 

من جهته، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي إنه في هذا السياق تم استعراض التطورات والأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، والجهود المشتركة والمساعي المصرية الجارية لاحتواء التوتر المتصاعد خلال الأيام الماضية.

وأضاف: أشار السيسي إلى أن تطورات الأحداث الأخيرة تؤكد أهمية العمل بشكل فوري في إطار المسارين السياسي والأمني لتهدئة الأوضاع والحد من اتخاذ أي إجراءات أحادية من الطرفين. وأكد راضي موقف مصر الثابت بالتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية، وعلى نحو يحل تلك القضية المحورية في المنطقة ويفتح آفاق السلام والاستقرار والتعاون والبناء.

بينما أكد بلينكن، بحسب البيان الرئاسي المصري، أن واشنطن تعول على التنسيق الحثيث مع القاهرة لاستعادة الاستقرار وتحقيق التهدئة، واحتواء الوضع ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

المساهمون