3 أسباب وراء التحوّل بموقف الدنمارك من حرب غزة والتصويت ضدّ إسرائيل

14 ديسمبر 2023
تظاهرات شعبية في الدنمارك ضد الحرب على غزة(العربي الجديد)
+ الخط -

يمكن ربط التحوّل الجذري في موقف الدنمارك من الحرب على قطاع غزّة، بثلاثة أسباب ساهمت مباشرةً في تصويت كوبنهاغن ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل يومين. وتتمثل هذه الأسباب بالردّ الإسرائيلي المتطرّف، والضحايا الفلسطينيين، وحجم الكارثة في غزّة، إضافة إلى التظاهرات المناهضة للحرب.

وتناولت الافتتاحية اليومية لصحيفة "إنفورماسيون" الدنماركية، اليوم الخميس، تحولات ملحوظة في الساحة السياسية الدنماركية، حيث ألقت الضوء على تأثير التظاهرات والدعوات المناهضة للحرب الدامية في غزة على الساحة الوطنية، حتى في أروقة حكومة الدنمارك ذاتها. وتشير الصحيفة إلى تغيير جذري في المواقف السياسية لحكومة الائتلاف اليمينية والوسطية، التي تترأسها ميتا فريدركسن، ووزير خارجيتها الليبرالي لارس لوكا راسموسن.

وقد ألقت الصحيفة الأوسع انتشاراً في الدنمارك، الضوء على الدور المحوري لراسموسن في هذا التحول الذي يعمل على تغيير الدعم السياسي الدنماركي. يُذكر أن راسموسن، الذي شغل منصب رئيس الحكومة في الفترة السابقة ويتولى حالياً وزارة الخارجية، قد تعهد العام الماضي بتبني "سياسة براغماتية وأكثر انفتاحاً وفهماً لقضايا عالم الجنوب".

وتُسلط الصحيفة الضوء على التغيير الكبير الذي طرأ على مواقف فريدركسن، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتنسف بتأييدها المطلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ورفضها التعاطف مع الضحايا الفلسطينيين طوال 60 يوماً كل ما وعد به راسموسن.

وفقاً لصحيفة "إنفورماسيون"، رغم وصفها للتأخير بأنه "فات الأوان" نتيجة للضرر الذي لحق بسمعة الدنمارك، فإن تصويت كوبنهاغن يوم الثلاثاء الماضي "لصالح فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة" يمثل تحولاً في الموقف من الأحداث في غزة. هذا التصويت يعد تصويتاً ضد إسرائيل، والولايات المتحدة، اللتين رفضتا فكرة وقف إطلاق النار فوراً.

وفي توضيحها للتغيير الذي رصدته، أوضحت الصحيفة أن "الحرب في إسرائيل وغزة تضع المرء أمام تحدٍّ معقد يتطلب حمل فكرتين متناقضتين في العقل في ذات اللحظة: مقاومة الإرهاب والرد العسكري الإسرائيلي المتطرف، الذي أدى إلى نزوح مليوني شخص، وفاقم من مأساة الآلاف من الأطفال الفلسطينيين الأبرياء، محولاً وضع غزة إلى ما يشبه الجحيم على الأرض'".

وأضافت الصحيفة: "يبدو أنه كان من الصعب على فريدركسن إظهار ذات التعاطف مع الخسائر في الأرواح من الجانبين. وعبّرت عن رفضها في مقابلة مع القناة الثانية الدنماركية قبل أسابيع وضع الزهور أيضاً للأطفال الفلسطينيين القتلى بعد أن فعلت ذلك لضحايا إسرائيليين".

الصورة
مقاطعة لاسرائيل في الدنمارك/سياسة/العربي الجديد
تحول في موقف الحكومة الدنماركية من الأحداث في غزة(العربي الجديد)

وتشير الصحيفة إلى أن "الكارثة التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول قد انتهت، فيما تستمر كارثة استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقاً لما صرح به مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الذي وصفها بأنها "نهاية العالم"، وتزداد سوءاً، ما يبرز الضرورة الملحّة لوقفها.

وتُوضح الصحيفة أن "رئيسة الحكومة تظل ملتزمة الابتعاد عن بعض "البلهاء" من بين المتظاهرين الذين أشادوا بعمل حماس (7 أكتوبر)، أكثر من اهتمامها بالقضية العادلة التي تظاهر الآلاف الآخرون من أجلها: وقف تهجير وتدمير الآلاف من البشر وفقدان الأرواح".

وتلفت "إنفورماسيون" الانتباه إلى "كيف قامت الدنمارك بتغيير موقفها في هذا السياق، حيث لا يُعد القرار الذي اتخذه وزير الخارجية لارس لوكا راسموسن مصادفة، بل يؤكد بشكل أكبر من رئيسة الحكومة ضرورة التعاطف المزدوج مع الضحايا، ما أدى إلى تبني قرار التصويت مع الجمعية العامة، وهو قرار يبدو في الجوهر متسقاً مع تحول العديد من الدول الأوروبية الأخرى، في ظل تفاقم الأوضاع في غزة".

وأضافت الصحيفة في انتقاد لفريدركسن: "الأمر المحزن أن هذا التدهور في وضع غزة نتيجة متوقعة للحرب التي دعمتها رئيسة الحكومة. لكنها اليوم أيضاً تقف في مكان مختلف. ورداً على سؤال عن وضع الزهور على أرواح الأطفال الفلسطينيين هذا الأسبوع، قالت: "إذا كنت تسألني اليوم إذا كان بإمكاني، كرئيسة وزراء الدنمارك، أن أفكر في وضع الزهور للضحايا المدنيين في غزة، فإن الإجابة هي بالطبع وبشكل كامل، ولا لبس فيه: نعم".

وختمت "إنفورماسيون" افتتاحيتها بالقول: "يمكن للمرء أن يأسف لأن الأمر يتطلب مثل هذه الخسائر الكارثية لإحضارها إلى هنا (الموقف الجديد لفريدركسن)، لكن يمكنك أيضاً ملاحظة أنها لا تستطيع تجاهل الاحتجاجات والتظاهرات والدعوات، وهي بالفعل تحرك شيئاً (وتقصد في مواقف الدول)".