تحالُف انفصاليي ليبيا وحفتر: سباق الفدرلة والحوار

25 أكتوبر 2014
خلال معارك بنغازي (فرانس برس)
+ الخط -

انهار التمايز بين مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، كمؤسسة تشريعية منتخبة، وبين عملية "الكرامة" التي يشنها اللواء المتقاعد خليفة حفتر على بنغازي منذ 16 مايو/أيار الماضي، منذ أعلن مجلس النواب تبنيه وتحالفه مع عملية "الكرامة"، وذلك على لسان الناطق باسمه، فرج الهاشم، الأحد الماضي، عندما قال إن عملية الكرامة يشارك فيها ضباط وجنود من الجيش الليبي، مشيراً إلى أن العملية هي "عملية للجيش الليبي". هكذا تماهت المؤسسة التشريعية بشكل رسمي مع العملية العسكرية كاتحاد يحاول كسب الشرعية والمشروعية للعملية محلياً ودولياً، وخصوصاً لأن مجلس النواب يحظى باعتراف دولي وأممي.

وبحسب مراقبين ليبيين، فإن مجلس النواب الليبي ينقسم داخلياً إلى مؤيدين لفدرلة النظام السياسي الليبي وتقسيم البلاد إلى ثلاث ولايات شرقية وغربية وجنوبية، بالعودة إلى النظام السابق إبان نشأة الدولة الليبية في خمسينات القرن الماضي، وإلى آخرين مؤيدين لحزب تحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل، وبالتالي جاءت خطوة برلمان طبرق بالإعلان عن شرعنة عملية الكرامة لإدخال التيار الفيدرالي إلى قلب معركة الكرامة، والزج بمؤيديه السياسيين والعسكريين في أتونها.

وجاءت هذه التسوية الأخيرة بعد وعود حصل عليها الفيدراليون بإقرار النظام الفيدرالي كنظام سياسي في حال استطاع المتحالفون مع حفتر في غرب ليبيا، فرض سيطرتهم والانتصار عسكرياً على قوات ما يعرف بـ"فجر ليبيا"، أو الانفصال بشرق ليبيا إذا ما انحازت الأوضاع العسكرية لـ"فجر ليبيا"، وسيطرت بشكل كامل على الغرب.

لذا، وردت أنباء تفيد بأن العسكريين والمدنيين الفيدراليين التحقوا بركب "الكرامة" وحركوا أرتالاً عسكرية في المدخل الشرقي لمدينة بنغازي. إلا أن المعلومات تشير إلى ضعف هذه التحركات العسكرية، بدليل عجزها عن الدخول حتى الآن إلى بنغازي والسيطرة عليها. وكل ما فعلته هو هدم منازل عائلات مؤيدين لمجلس شورى ثوار بنغازي في الأحياء الواقعة على الأطراف الشرقية لبنغازي.

ويرى المراقبون أن كل المكونات والفصائل المؤيدة للواء المتقاعد في شرق البلاد، وداعميها الإقليميين، يدركون أن العمليات العسكرية لم تعد تملك متسعاً من الوقت، ولذا يجهدون لتحقيق أي تقدم من خلال إنزال أكبر عدد من القوات لديهم من كل المناطق المؤيدة لهم، والتي يمتد إليها نفوذ اللواء حفتر بمناطق شرق بنغازي. كذلك يحاولون الاستعانة بكل دعم لوجستي خارجي متاح، خصوصاً من الخبراء العسكريين، والطلعات الجوية المستمرة لمقاتلات تشير تسريبات إلى أنها مصرية، تقصف مواقع أغلبها في مدينة بنغازي، مع تحريك الجيوب الداخلية في المدينة، أو ما اصطلح عليه باسم "الصحوات" والتي تستهدف كل المؤيدين لمجلس شورى الثوار.

يأتي ذلك مع نشاط علني وخفي للدبلوماسية المصرية والإماراتية في محاولة لكسب الوقت بوضع شروط على الحوارين الأممي الذي أعلنته وتبنته بعثة الأمم المتحدة بليبيا، في مدينة غدامس جنوبي ليبيا في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، ومبادرة الجزائر للحوار والتي تُعد أكثر شمولاً من مبادرة الامم المتحدة، كونها تضم أغلب أطراف الصراع الليبي، ما عدا أعوان النظام السابق بحسب تسريبات جزائرية، رغم إعلان أحمد قذاف الدم من مصر رغبته في حضور مفاوضات الجزائر.

في غرب ليبيا، أكثر ما كان لافتاً، دعوة رئيس الحكومة، عبد الله الثني، سكان طرابلس إلى العصيان المدني وعدم التعاون مع حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة عمر الحاسي. وعلى الرغم من أن الدعوة لم تجد آذاناً صاغية في العاصمة، إلا أن قوات "فجر ليبيا" فهمت دعوة الثني بشكل مغاير، إذ إنها اعتبرت بيان العصيان بمثابة إذن لخلايا نائمة مؤيدة لحكومة الثني في العاصمة، للتحرك، وإحداث شغب وفوضى، تكسب من خلاله الحكومة فائدة ضرب الصورة الايجابية التي بدأت تظهر بها طرابلس، عبر الأمن النسبي وتحقيق الاحتياجات الأساسية للناس وتوفير الكهرباء والوقود وانتظام مؤسسات العمل الحكومي والمدارس، ولمحاولة تشتيت "فجر ليبيا" بين التصدي لهذه الخلايا، وبين حربها التي تشنها على جيش القبائل في جبل نفوسه.

لذلك، أعلنت قوات "فجر ليبيا"، أمس الخميس، رفعها حالة التأهب القصوى داخل طرابلس، مشيرة إلى كشفها مجموعات ممن وصفتهم بـ"البلطجية" في عدة مناطق من طرابلس، جاءتهم أوامر من الثني، بحسب "فجر ليبيا"، ومن رئيس الوزراء السابق علي زيدان، بإثارة الفوضى والشغب بالعاصمة في اليوم السبت.

المساهمون