2024 تونسياً... آمال مؤجلة

01 يناير 2024
احتجاجات تونسية في العاصمة، يوليو الماضي (ياسين محجوب/فرانس برس)
+ الخط -

بداية العام الماضي 2023، قلنا إنه سيكون عاماً صعباً على التونسيين، وقد كان فعلاً، ولكن أحداً لم يكن يتوقع أن يكون السقوط بتلك الدرجة، والتراجع عن مكتسبات الثورة بذلك الخسران الكبير. لم يتوقع أكثر المتشائمين أن تفتح أبواب السجون على مصراعيها ويُزجّ فيها بالمعارضين للرئيس قيس سعيّد من كل العائلات السياسية، من دون محاكمات، وأن يجرى اتهامهم بالإرهاب والعمالة والتآمر على أمن الدولة.

وفي السجن اليوم، سياسيون ومدونون وصحافيون وناشطون ورجال أعمال، لا يزال أغلبهم ينتظر محاكمته، وفيهم من ينتظر حتى مجرد التحقيق معه ومعرفة التهمة الموجهة إليه، بينما سعيّد يقول في تهنئته التونسيين بالعام الجديد: "سنواصل مسيرة النضال والتحرير... فبعقولنا وبرؤوسنا وبقدرات أبناء هذا الشعب، سنبني إن شاء الله مستقبلاً أفضل بكثير مما تحقق، وسنصل إلى تحقيق آمالنا وأحلامنا وأمانينا". يقول هذا الكلام بينما طوابير التونسيين على سلع كثيرة لا تنتهي، والشباب يبحثون بكل وسيلة عن سبيل الخروج من بلاد فُقد فيها الأمل.

ولكن العام الذي مضى ترك دروساً بليغة لمن يريد أن يقرأ ويستفيد، ويحد من فداحة الكارثة، واستمرارها بالخصوص. فمن بين الذين سجنهم قيس سعيّد من كان يعينه على ضرب الديمقراطية وإسقاط منظومة الثورة، ومن كان يتوهم أنه سيأكل الثمرة وحده، أو في أسوأ الحالات سيقتسمها مع سعيّد، ولكن الثورين الأسود والأبيض أُكلا في اليوم نفسه وضاع الجميع.

وهناك اليوم من هو خارج السجن، من لا يزال يتفرج على المشهد، بنفس الأوهام ونفس الحسابات، ويتصور أنه بعيد عن أبواب المعتقل، بينما يلوّح الرئيس لهم كل يوم بالتهديد، وسيطاولهم بالتأكيد سوط العام الانتخابي، هذا إذا قرر سعيّد أن ينظّم الانتخابات الرئاسية في موعدها نهاية العام الجديد، ولا نرى مانعاً من أن يفعل، فأغلب خصومه في السجن ولا منافس أمامه، والساحة الدولية منشغلة بمشاكلها، بينما يلوذ التونسيون بالصمت من جديد، لا يذهبون إلى انتخابات سعيّد ولكنهم لا يقولون شيئاً عما يحدث حولهم، إلى حد الآن على الأقل.

لا أحد يعرف إلى أين ستتجه الأمور في هذا العام التونسي الجديد، ولكن كل المؤشرات تشير إلى أنه سيكون عاماً صعباً جديداً، وأن ضرب الحريات سيتواصل، ومحاولة تكميم الأفواه المزعجة للرئيس ستتأكد. اليوم الاثنين، يمثل الصحافي زياد الهاني أمام التحقيق، مرة أخرى من أجل انتقاده حكومة الرئيس، وكان قد قُبض عليه الأسبوع الماضي، ما يعني أنها مرحلة مفتوحة على كل الاحتمالات الصعبة، التي لا تحمل آمالاً.

المساهمون