إصابات كورونا بالعراق تتجاوز 6 آلاف والمتظاهرون يدرسون جدوى الانسحاب من الميادين

01 يونيو 2020
المعتصمون يتخوفون من طردهم (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -

أمام الارتفاع الملحوظ في أعداد المصابين بفيروس كورونا في عموم البلاد، أصبح المحتجون المعتصمون في ساحات وميادين بغداد ومدن وسط وجنوب العراق في حيرة من أمرهم وأمام خيارين تتم دراستهما حالياً، الأول هو البقاء في خيم الاعتصام، والثاني هو الانسحاب. في وقت لجأ فيه ناشطون إلى استفتاءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتوصل إلى نتيجة في هذا الشأن.

ومنذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يواصل المتظاهرون في العراق احتجاجاتهم، ويطالبون بانتخابات مبكرة وقانون جديد، وكانوا قد تعرّضوا طيلة الأشهر الثمانية الماضية إلى "قمعٍ مفرط" بحسب منظمات حقوقية دولية، ما أسفر عن مقتل نحو 700 متظاهر وجرح ما لا يقل عن 26 ألفاً آخرين.


ولم تكن فكرة دراسة جدوى الانسحاب أو البقاء في الساحات واردة، لولا عبور العراق حاجز 6 آلاف إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، وهو ما دفع الحكومة العراقية إلى إعادة تطبيق حظر التجول الشامل مع تشديد الإجراءات الوقائية من المرض. وخلال اليومين الماضيين، شهدت الفكرة تداولاً على "فيسبوك" و"تويتر"، في سبيل اتخاذ القرار.

وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المحتجين والمعتصمين أن خيار الانسحاب يمثل طعنة لضحايا الاحتجاجات والتطور الذي توصل إليه المتظاهرون في تحقيق مطالبهم من خلال الضغط على السلطات، يشير آخرون إلى أن خطر انتشار فيروس كورونا قد يفتك بالمعتصمين في الخيام، لا سيما في محافظتي بغداد والنجف. ويطرح هؤلاء خيار الإبقاء على أقل عدد ممكن كحراس للساحات والميادين، لحين انتهاء الجائحة، ولمنع استيلاء قوات الأمن عليها وهدم خيام المعتصمين.

وفي السياق، قال الناشط المدني وأحد المعتصمين في ساحة التحرير ببغداد، علاء الراوي، إن "المعتصمين في ساحة التحرير يعانون أصلاً من الإهمال والتراجع في الأعداد، وقد شحت التبرعات، وهناك نقص في الخدمات ومنها الأكل والشرب، إضافة إلى الخطر الذي يداهم الجميع ويطرق ناقوس الخطر في كل بغداد، وهو ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس الجديد"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الانسحاب الوقائي هو الحل الأمثل في مثل هذه المرحلة، ولكن لحد الآن لم يتم اتخاذ هذا القرار، خصوصاً أن ساحة التحرير ملتزمة بكل إجراءات السلامة لمواجهة كورونا، وتشهد تعفيراً مستمراً، ولكن تشهد دراسة لهذا المقترح".

في المقابل، لا يتفق مع ذلك الناشط المدني إبراهيم عبد العظيم، حيث أكد لـ"العربي الجديد"، أن "السلطات في المنطقة الخضراء والأحزاب الحاكمة جميعها تتحين الفرصة من أجل إعادة فرض سيطرتها على ساحة التحرير التي تعتبر أم الساحات، وهي تنتظر الساعة التي ينسحب فيها المنتفضون ضد النظام الحاكم، ولذلك فإن أي تراجع يمثل ضربة قاضية لمسيرة الحراك الشعبي في العراق"، موضحاً أن "المشاورات لا تزال مستمرة بين المحتجين من أجل الوصول إلى نتيجة، ولكنّ هناك فريقا منهم يذهب إلى تقليل أعداد المعتصمين، من أجل منع انتشار الفيروس من جهة، وعدم ترك الساحة من جهة أخرى".


أما عضو تنسيقية تظاهرات ساحة الصدرين في محافظة النجف، علي الحجيمي، فقد بيَّن أن "المعتصمين في مدينة النجف على اتصال ببعض الناشطين في محافظات البصرة وميسان وبغداد، وأن خيار الانسحاب الوقائي ليس جديداً ويتم تناوله منذ أسبوع تقريباً، ولكن هناك معارضة من بعض الناشطين بشأن الانسحاب، لأنه قد يكون الخيار غير المتعب بالنسبة للسلطات للسيطرة على الساحات ومنع كل أشكال الاحتجاج السلمي في البلاد"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "ساحة التحرير هي الأم، وبالتالي فنحن ننتظر القرار منها، وهناك استفتاءات تجري على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي".


وكان رئيس تحالف "تمدن" النائب فائق الشيخ علي، الذي يعتبر من أبرز أعضاء مجلس النواب الداعمين للحراك الشعبي و"احتجاجات تشرين"، قد أشاد بانسحاب المتظاهرين من ساحات الاحتجاج بسبب انتشار فيروس كورونا في البلاد.


وغرّد عبر حسابه في "تويتر"، "أيها المتظاهرون الأبطال: حسنا فعلتم بانسحابكم الجزئي المؤقت من سوح التظاهر بسبب وباء كورونا"، مضيفاً: "لقد قدمتم الدماء من أجل قضية وطن وكرامة وحياة كريمة. لا من أجل داء وبيل. حينما تمر الأزمة ستعودون إلى ساحاتكم بأقوى مما سبق، وقد لا تحتاجون إلى ذلك حينما يميت الله حكامنا بإذنه تعالى!".


إلى ذلك، قال الناشط أحمد قاسم، عبر "تويتر" إن "انسحاب المتظاهرين في هذه الأوقات هو قرار عقلي (متعقل). خاصة بعد كل ما رأيناه من تعامل السلطة، بمرض فيروس كورونا، والرجوع بعد مدة لا تقل عن 30 يوماً، نحن نواجه مرضا لا يوقفه شيء حتى الأن سوى الوقاية منهُ".