تونس: مقترح توسيع الائتلاف الحكومي يواجَه بالرفض

18 مايو 2020
مضى شهران على عمل حكومة الفخفاخ (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكتفِ أحزاب تونسية في الائتلاف الحكومي برفض اقتراح حركة النهضة توسيع الائتلاف، عبر ضمّ أحزاب جديدة له، بهدف ضمان مزيد من الاستقرار والدعم للحكومة، بل إنها رأت أن هذا الأمر سيفتح الباب أمام المحاصصة، وقد يزيد من الاحتقان ويقلب التوازنات. ويأتي الرفض خصوصاً من قبل حركة الشعب والتيار الديمقراطي وتحيا تونس، إذ تعتبر هذه الأحزاب أنه لم يمرّ على حكومة إلياس الفخفاخ سوى شهرين، وأنه يجب ترك الوقت لها لتعمل. وأكد رئيس الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الدعوة إلى توسيع الائتلاف الحكومي لا تستقيم، وخصوصاً بعد شهرين من التصديق على الحكومة، وبالتالي هناك أسباب أخرى لهذه الدعوة بعيداً عما قُدم من تبريرات، كادعاء البحث عن حكومة وحدة وطنية". وأوضح أنّ "الحكومة الحالية هي حكومة وحدة وطنية، إذ تضم مختلف العائلات السياسية، ومنها التيار الإسلامي والتيار الاجتماعي الديمقراطي والقومي والدستوري". وأشار العجبوني إلى أنّه "في كل ديمقراطية ناشئة توجد أحزاب تحكم وأخرى في المعارضة، ومبرر أن هذه الدعوة تهدف إلى تمرير المحكمة الدستورية بأغلبية مريحة، غير صحيح، لأن المسألة لا تتعلق بأغلبية، إذ كانت هناك أغلبية بين النهضة ونداء تونس، ومع ذلك لم تُمرَّر المحكمة الدستورية"، مضيفاً أنّ "المحكمة استحقاق دستوري مهم لا علاقة له بالأحزاب في السلطة والمعارضة".

واعتبر العجبوني أن "الهدف من توسيع الائتلاف الحكومي، تعميم المسؤولية بين الجميع"، مبيناً أن "تونس لم تغنم شيئاً من سياسة التوافق، كذلك إن وجود قلب تونس وائتلاف الكرامة يخدم حركة النهضة، وذلك لضمان عدم سحب الثقة من رئيسها (راشد الغنوشي) في البرلمان". وقال العجبوني إن "توسيع الائتلاف يعني الاستغناء عن وزراء مستقلين وتعويضهم بوزراء من الأحزاب الجديدة، ما يدفع إلى المحاصصة، وقد يزيد من الاحتقان ويقلب التوازنات"، و"هذا الأمر سيدفع إلى تعميق أزمة الثقة والخلافات بين مكونات الائتلاف الحكومي، وهي خلافات برزت منذ تشكيل الحكومة"، مشيراً إلى أنّ "هناك اختلافات في العديد من المسائل والرؤى وفي التعيينات". وأشار العجبوني إلى أنه "لا يوجد أي مشروع قانون قدمته الحكومة الحالية ورُفض، أو لم يُصوّت عليه الائتلاف الحكومي، وبالتالي كل ما يروج عن غياب الدعم من الأحزاب المشاركة في الحكم خاطئ". ويوضح العجبوني أن أطرافاً من الائتلاف الحكومي "رفضت التصويت فقط على اتفاقيات أعدتها الحكومة السابقة، التي لا يعتبر النظر فيها مسألة استعجالية، خصوصاً أن البرلمان يعمل في ظروف استثنائية وعن بعد، وبالتالي يمكن إرجاء النظر والنقاش حولها".

ورأى القيادي في حزب تحيا تونس، وليد جلاد، أنّ "الدعوة إلى توسيع الائتلاف الحكومي لا معنى لها، بل هي تشويش على عمل الحكومة التي تحظى حالياً بدعم حزبي، وهي بصدد تمرير القوانين، وحتى المعارضة تصوت عليها، وبالتالي فالتوسيع كلمة حق أريد بها باطل"، معتبراً أنّ "هذه الدعوة تعني تحويراً حكومياً، وتونس ليست بحاجة إلى هذا الأمر، خصوصاً بعد مضي شهرين فقط على منح الحكومة الثقة". وأضاف جلاد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "توسيع الائتلاف عنوان يخفي أهدافاً أخرى، ومن شأنه التشويش على الحكومة، لا تعزيز دورها كما يُدَّعى"، داعياً إلى "دعم الائتلاف الحكومي قبل التفكير في توسيعه، لأنه بحاجة إلى مزيد من التضامن والحد من التجاذبات". وبين أن "الإشكال يكمن في غياب التضامن وتقريب وجهات النظر وأخلقة الحياة السياسية، والابتعاد عن التجاذبات السياسية"، مشيراً إلى أنّ "التجاذبات الحاصلة لا تليق بمكونات الائتلاف الحاكم، وأن أزمة الثقة كبيرة وعميقة، وتنعكس في التصريحات المتشنجة وغياب الدعم السياسي للحكومة، وهذا مُختلف عن الدعم البرلماني".

وشدد النائب عن حركة الشعب عبد الرزاق عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أنّه "لا يوجد أي موجب لتوسيع الائتلاف الحكومي، خصوصاً في هذا الظرف، ولأنه لم يمضِ على عمل الحكومة أكثر من شهرين"، مضيفاً أن الحكومة نجحت في تجنب كارثة فيروس كورونا، وبالتالي يجب منحها المزيد من الوقت للعمل ومواجهة التحديات المقبلة جراء تداعيات أزمة كورونا. وأكد أنّه "لا بد من ترك فرصة للحكومة للإيفاء بالتزاماتها والقيام بالإصلاحات المطلوبة، ثم يجري تقييم العمل والأداء"، معتبراً أنّ التوسيع يعني فقط دخول أحزاب لتأمين مزيد من الأصوات في البرلمان. وقال إن "هذه النقاشات استغرقت الكثير من الوقت في أثناء تشكيل الحكومة، ودُعيَ إلى تجنب الإقصاء والتزام الوثيقة التعاقدية. الآن لا معنى للدعوة للتوسيع، خصوصاً أن إقالة أي وزير ستطرح العديد من الإشكاليات، فهل الإقالة لأنه لم يؤدّ دوره، أم لأننا بحاجة لمنصب شاغر لترضية حزب آخر فقط من أجل توسيع الائتلاف الحكومي؟ وبالتالي سيتحول الأمر إلى محاصصة".
المساهمون