المرشح الأميركي جو بايدن وأزمة كورونا: إلى الوراء دُر

02 ابريل 2020
يمثل العزل بالنسبة لبايدن ضربة قاصمة (فرانس برس)
+ الخط -
انكفأ مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة جون بايدن بعدما سجل عودة تاريخية لقمة السباق إلى ترشيح الحزب الديمقراطي، إذ انقلبت الحملة الرئاسية الأميركية فجأة رأسا على عقب بسبب وباء كوفيد-19، ولم يعد صوته مسموعاً بعدما لزم منزله في أوج حملته، فيما يتصدر دونالد ترامب وسائل الإعلام.

وحقق نائب الرئيس السابق باراك أوباما في منتصف آذار/مارس سلسلة من الانتصارات، ما دفع للاعتقاد بأن خروج آخر منافسيه الكبار في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين بيرني ساندرز أمر لا مفر منه. إلا ان أزمة فيروس كورونا بدلت الأحوال.

وبينما كان يدعو لسنوات إلى إصلاح شامل للنظام الصحي الأميركي، ما زال السيناتور المستقل ساندرز مصراً على مواصلة الحملة عبر إدارة نقاشات حول الوباء تبث على الإنترنت، مؤكداً أنه لا يزال يرى "طريقاً ضيقاً نحو الفوز".

ويبدو أن ساندرز الذي يجهد لإسماع صوته عبر وسائل الإعلام، يعقد مع ذلك مهمة بايدن الذي يتعين عليه هزيمة هذا الخصم وشن الحملة ضد الرئيس الجمهوري الذي سيترشح لولاية ثانية في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر.

الأزمات أوقات رئاسية

ويرى أستاذ الاتصالات السياسية في جامعة ميشيغن جوش باسيك أن "الأزمات هي أوقات رئاسية بامتياز. وفي هذا السياق، لا يملك بايدن ببساطة القدرة على فرض نفسه".

ويحظى ترامب بمنبر مهم عبر مؤتمراته الصحافية الطويلة التي يعقدها بشكل يومي حول الوضع الذي يتطور بسرعة. وسجلت في الولايات المتحدة أكثر من خمسة آلاف وفاة و215 ألف إصابة.

وارتفعت شعبية ترامب منذ أن قرر أن يكون نجم هذه المؤتمرات الصحافية، لتبلغ 50 بالمئة تقريباً. كما ارتفعت أسهم الديمقراطي حاكم مدينة نيويورك أندرو كومو، الذي لا ينوي الترشح للرئاسة، بفضل إحاطاته حول الوباء الذي يعصف بشدة بولايته، ما دفع ترامب لاعتباره مرشحًا أفضل بكثير من بايدن، وإن نفى المعني بالأمر رغبته بالترشح في اللحظة الأخيرة.

في المقابل، يضاعف بايدن (77 عاما)، المقابلات عبر استديو تلفزيوني تم إحداثه على عجل في قبو منزله. ولكن دون أن ينجح في فرض نفسه على القنوات المشبعة أصلاً بالأخبار، وخصوصاً بعدما تم تأجيل الانتخابات التمهيدية، ما أدى إلى شح التغطية الإعلامية للانتخابات.

وما زال الغموض يحيط بمصير انتخابات ويسكونسين المقررة في السابع من نيسان/إبريل. ولن يقوم المرشحون بحملة ميدانية حتى وإن تقرر إجراء الاقتراع.

ويمثل العزل بالنسبة لبايدن، الذي عرفت عنه براعته في إقامة علاقات ودية مع الناخبين الذين يقابلهم، ضربة قاصمة. وكان قد صرح لشبكة سي إن إن الإخبارية، الثلاثاء: "إن ذلك لا يقلقني"، موضحاً أن الرسائل التي يرسلها من منزله والتي تتركز في غالبيتها على الوباء "قد شاهدها 20 أو 30 مليون شخص"، وفقاً لفريقه.

وقالت خبيرة السياسة في الجامعة الأميركية إيمي داسي، التي قدمت استشارات لباراك أوباما وجون كيري بشأن حملاتهما: "لن أقول إنه عزل" عن الناخبين.

وأضافت داسي، التي شغلت سابقاً مسؤوليات في الحزب الديمقراطي، أن "المرشح يعتمد على العديد من الأدوات" بما في ذلك الافتراضية، موضحة أن "الحملات هي في نهاية الأمر محادثة مع الناخبين (...) وهو ليس الوحيد" الذي يتوجه إليهم، لأن مؤيديه "يمكنهم أيضًا نقل رسالته".

صورة مطمئنة

لا يزال الطريق إلى البيت الأبيض غير واضح إلى حد كبير، في ظل هذه الظروف غير المسبوقة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتانا ديفيد باركر، أن "الناس يلجأون في أوقات الأزمات إلى السلطة التنفيذية من أجل الاطمئنان". لكنه يؤكد أنه في حالة ترامب "يبدو أن هذا التأثير قد انخفض إلى حد ما".

 وقد شهد الرئيسان الجمهوريان جورج بوش وابنه جورج دبليو بوش ارتفاعاً في شعبيتهما لتصل إلى 90 بالمئة، إثر حرب الخليج الأولى وأحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 على التوالي.

كما يواجه ترامب انتقادات شديدة بسبب إدارته للأزمة بعد بث فيديو لتصريحاته تقلل من خطر الإصابة بفيروس كورونا في بداية العام، بالإضافة إلى تفشي البطالة. ومن شأن هذه الانتقادات أن تؤثر على صناديق الاقتراع.

وأشار ديفيد باركر إلى أنه يجب على بايدن "قبل كل شيء أن يؤكد كيف يمكن لأسلوب رئاسته أن يكون مختلفاً وأن يقدم صورة مطمئنة".

وفي إعلان دعائي للحملة، كشف عنه يوم الأربعاء، يقارن نائب الرئيس السابق نفسه بترامب الذي ينتقد بغضب أحد الصحافيين، في حين يظهر بايدن نفسه وهو يجيب بهدوء في مقابلة حول الوباء. واختتم الإعلان بالقول إنه في هذه الأوقات الصعبة "نحتاج إلى رئيس. في تشرين الثاني/ نوفمبر، بإمكانكم انتخاب أحدهم". يبقى أن نرى ما إذا كان الناخبون سينصتون إليه أم لا.

(فرانس برس)

المساهمون