مصادر حزبية حضرت الاجتماع الافتتاحي للمشاورات كشفت لـ"العربي الجديد" عن أن العثماني لم يقدم تصور الحكومة بشأن الإصلاحات السياسية المتعلقة بالقوانين الانتخابية، وأن الجلسة الأولى من المشاورات اتسمت بنقاش أولي وعام دون أن يدخل المشاركون في التفاصيل، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق في النهاية على برمجة سلسلة من اللقاءات في القريب العاجل سواء على مستوى وزارة الداخلية أو مستوى رئاسة الحكومة من أجل الخوض في التفاصيل.
وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس الحكومة أن هاجس حكومته "هو مواصلة الإصلاحات السياسية التي باشرتها بلادنا، والتي نجحت فيها'' من أجل الاستجابة لتطلعات المواطنين والمواطنات؛ كان لافتاً خلال اللقاء، مطالبة زعماء أحزاب مغربية بضرورة تحضير الأجواء السياسية العامة في البلاد من خلال إيجاد سبل مصالحة المواطنين مع السياسة، وذلك بالموازاة مع مناقشة تفاصيل تنظيم الانتخابات القادمة المنتظرة في 2021.
وبحسب زعماء أحزاب ممثلة في البرلمان المغربي، تحدثوا إلى "العربي الجديد"، فإن إنجاح المسلسل الانتخابي في ظل وجود أزمة ثقة وعزوف المغاربة عن العمل السياسي، يقتضي بدرجة أولى إيجاد سبل مصالحة المواطنين مع السياسة قبل الانتقال إلى مناقشة كيفية تنظيم الانتخابات.
وكان محمد نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المعارض، قال في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن هناك ضرورة لعقد هذا الاجتماع، من أجل ملء الفضاء السياسي الذي يعاني من فراغ كبير، ودراسة كيف يمكن أن نصالح المغاربة مع السياسة، وكذا من أجل التحضير الجيد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة سياسياً وتنظيمياً وقانونياً، وإتاحة الوقت الكافي لنقاش حقيقي حول كيف يمكن أن تكون تلك الانتخابات ناجحة على كل المستويات.
ومن جهته، اعتبر امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، المشارك في الحكومة، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن اجتماع اليوم مناسبة لوضع برنامج العمل والجدولة الزمنية للنقاش حول الترسانة القانونية المتعلقة بالانتخابات، وذلك لتفادي ضغط الوقت مع بدء العد العكسي لموعد الاستحقاقات، لافتاً إلى أن هناك العديد من القضايا التي يتعين فتح نقاش فيها من قبيل نمط الاقتراع والتمويل والعتبة والتقطيع الانتخابي.
وكان حزب الاستقلال، ثاني أكبر حزب معارض في المغرب، قد دشن مسلسل المطالبة بفتح ورش إصلاحات المنظومة الانتخابية، في 3 فبراير/ شباط الماضي، بمراسلة العثماني، مطالباً بـ"التعجيل بفتح الحكومة لورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية في إطار الحوار والتشاور مع الفرقاء السياسيين، واقتراح جملة الإصلاحات القانونية والمؤسساتية والممارسات الجيدة للخروج بتعاقد سياسي بين الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع"، وذلك بهدف "إعطاء دينامية جديدة للعمل السياسي والمؤسساتي ببلادنا، والعمل على استرجاع الثقة بالعمل السياسي، وبالمؤسسات المنتخبة، وبغية تحصين وتقوية الاختيار الديمقراطي".
وفي سياق مواز، شكل حزب التقدم والاشتراكية لجنة لإعداد تصور حول نمط الاقتراع، ومبادئ وقواعد التقطيع الانتخابي، وسبل تطوير التمثيلية النسائية في مختلف الهيئات المنتخبة، وحالات التنافي في تحمل المسؤوليات الانتدابية، وكيفيات الارتقاء بآليات تفعيل مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية بكافة أنواعها ومستوياتها، بالإضافة إلى مسألة العتبة الانتخابية، وغيرها.
ويرى الحزب المعارض أنه رغم كون المنظومة المؤطرة للانتخابات "تتخذ أشكالاً وصيغاً قانونية وتنظيمية وتقنية وتدبيرية، إلا أن مقاربتها يتعين أن تستند بالأساس إلى رؤية سياسية واضحة وعميقة ومتقدمة، باتصال وثيق ومباشر مع قضايا وإشكالات المشاركة، وتحديات إعادة الثقة في المؤسسات؛ وذلك بما يضمن ترصيد وتطوير مكتسبات بلادنا في مسارها الديمقراطي والمؤسساتي والتنموي".
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه وزارة الداخلية عن تصورها لورش مراجعة القوانين الانتخابية على بعد سنة من النزال الانتخابي، لا يخفي العديد من الأحزاب السياسية مطالبته بمراجعة نمط الاقتراع المعمول به حالياً، في اتجاه تنظيم الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة، وفق نمط الاقتراع الفردي عوض الاقتراع باللائحة.
كما تطالب الأحزاب بمراجعة التقطيع الانتخابي، والعتبة الانتخابية، وتمثيلية النساء والشباب، والمشاركة السياسية للجالية المغربية في الانتخابات، وتاريخ الانتخابات والحملة الانتخابية، وتحصين العملية الانتخابية من سلطة المال والنفوذ.