انهارت عملياً المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي أمس السبت، فبعدما كانت أديس أبابا قد تغيّبت عن جولة توقيع الاتفاق الذي صاغته الولايات المتحدة والبنك الدولي، في واشنطن، أعلنت مساء أمس أنها قررت "عدم المشاركة في أي مفاوضات بشأن سد النهضة من شأنها أن تضر بالمصالح الوطنية للبلاد". كما أكدت وزارتا الخارجية والطاقة الإثيوبيتان أن أديس أبابا ستبدأ الملء الأولي لخزان سد النهضة بالتوازي مع عمليات البناء. في المقابل، كانت مصر توقّع بشكل منفرد بالأحرف الأولى على الصيغة النهائية للاتفاق، في وقت امتنع فيه السودان عن التوقيع أيضاً، على الرغم من اختراق في الموقف السوداني لصالح القاهرة في الجلسة التي سبقت الأخيرة.
وقبيل الإعلان الإثيوبي مساء أمس، كانت مصادر مصرية وسودانية قالت لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، بعدما رفضت أديس أبابا المسودة التي أعدتها الولايات المتحدة، مؤكدة أن المفاوض الإثيوبي يسعى إلى كسب مزيد من الوقت لوضع مصر أمام الأمر الواقع.
وقال مصدر سوداني إن إثيوبيا تمسكت بمبدأ الاستخدام العادل وفقاً للقانون الدولي، على حد تعبير المصدر، الذي أكد ضرورة النص على أن يتضمن الاتفاق حصة ثابتة من مياه النيل الأزرق، بدعوى استخدامها في مرحلة لاحقة في الزراعة، وباعتبار أن ذلك حق أصيل لها، لكونها دولة المنبع ولا تستفيد من هذا الكمّ من المياه التي لم تمكّنها البنية التحتية، في وقت سابق، للاستفادة من هذه المياه. وبحسب المصدر، فقد طالب وفد إثيوبيا بحفظ حق بلاده في حصة تستخدم في وقت لاحق، خصوصاً أن بلاده وقّعت اتفاقيات ضخمة مع مستثمرين أجانب في مجالات الزراعة المختلفة.
وحول السبب وراء عدم توقيع السودان على الاتفاق النهائي مع مصر، وما إذا كان ذلك تحوّلاً لصالح إثيوبيا، قال المصدر "الخرطوم متمسكة بموقفها، نحن مع اتفاق يرضي الجميع، ولا نختلف كثيراً مع ما جاء في المسودة التي أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولي، ونحن على استعداد للتوقيع في الوقت الذي يتم فيه التوافق بين القاهرة وأديس أبابا، حتى لا نُحسب على موقف من الموقفين". وأضاف "للأسف الجانب الإثيوبي فهِمَ موقفنا خلال الجلسات السابقة على أنه انحياز للموقف المصري، لكن في النهاية ما يهمنا هو التوافق لإنجاز الحل وتجنيب المنطقة أي أزمات لا تتحملها". وأوضح أن "وفد أديس أبابا صدّر صورة مغلوطة لحكومته بأن هناك تكتلاً مواجهاً لها يضم أميركا والبنك الدولي ومصر والسودان، وهذا غير صحيح، الكل كان يهدف إلى نزع فتيل الأزمة".
من جهتها، قالت وزارة الري السودانية، في بيان أمس، إن الوفد السوداني المفاوض حول سد النهضة، انخرط بعد وصوله إلى واشنطن في مفاوضات ثنائية يومي الخميس والجمعة، مع فريق وزارة الخزانة الأميركية، وأنه قدّم ملاحظاته حول مسودة الاتفاقية الشاملة التي يجري التفاوض حولها، إلى الفريق الأميركي، والذي قام بتضمينها في المسودة التي اقترحتها واشطن في الأسبوع الماضي. وأعلنت الوزارة أن السودان يؤكد التزامه بعملية التفاوض لأجل الوصول إلى اتفاق شامل لملء وتشغيل سد النهضة بما يحفظ مصالح الدول الثلاث، وبما يتضمن تشغيلاً آمناً للسد، وذلك قبل بدء عملية الملء الأول.
في المقابل، قال مصدر فني مصري في وزارة الري المصرية، إن "ما تتمسك به أديس أبابا غير منطقي بالمرة، وفي حال تم تضمينه في الاتفاق سينسف الاتفاقات الدولية الأخرى، وهو المطلب الذي تدرك إثيوبيا أن مصر لن توافق عليه تحت أي ظرف، لتستغل بذلك الفرصة لإطالة أمد الأزمة والمفاوضات". ولفت إلى أن "الجانب الفني انتهى تماماً، والأمر في الوقت الراهن في ملعب الدبلوماسيين والقانونيين"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه "من المستحيل أن تقبل مصر ببدء التخزين في السد".
وحول الرسالة التي نقلها هايلي ميريام ديسالين، مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي، للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام، أوضح المصدر المصري أن "ديسالين جاء حاملاً رسالة طلب خلالها من الجانب المصري تأجيل التوقيع على أي اتفاق إلى ما بعد الانتخابات الداخلية في بلاده، نظراً لصعوبة تلك الخطوة في الوقت الراهن"، مضيفاً أن "الوفد المصري سافر إلى واشنطن ووقّع على الاتفاق لإثبات موقف وإقرار واقع حسن النّية والتجاوب مع الجهود الدولية".
وأعلنت مصر فجر أمس توقيعها، منفردة، بالأحرف الأولى، على مسودة اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي في واشنطن، في ختام جولة المفاوضات التي عقدت بضيافة وزارة الخزانة الأميركية وبحضور ممثلي البنك الدولي، ووزراء الخارجية والري في مصر والسودان، في غياب الطرف الأصيل في هذه المفاوضات وهو الجانب الإثيوبي، الذي قاطع الجولة احتجاجاً على صياغة المسودة، ورفض مصر والولايات المتحدة إرجاء الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات المحلية الإثيوبية التي تجرى في أغسطس/آب المقبل.
اقــرأ أيضاً
وجاء الموقف المصري تأكيداً لما ذكرته مصادر في وزارة الري لـ"العربي الجديد" أمس الأول عن صدور تعليمات من السيسي بتأكيد استمرار التفاوض وتمسّك مصر به كحل وحيد للأزمة، ورفض مقترح بعض مسؤولي الري بضرورة العودة لمصر وعدم حضور الاجتماع والإعلان عن تعليق المفاوضات، والمطالبة باتّباع "خطط سياسية محضة للتعامل مع الموقف"، وهو ما رفضته الرئاسة بشكل قاطع.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، إن السودان رفض التوقيع بالأحرف الأولى على المسودة، على الرغم من المطالبة المصرية المتجددة، بزعم أن توقيع الدولتين سيكتب نهاية المسار التفاوضي ويمنع عودة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات نهائياً، وأن المسؤولين السودانيين أبلغوا نظراءهم المصريين في واشنطن بأنهم يوافقون على أكثر من 90 في المائة من محتويات المسودة، لكنهم لن يوقّعوا إلا بعد التأكد من مصداقية الجانب الإثيوبي.
وأوضحت المصادر أن التوقيع المصري على مسودة الاتفاق، ليس نهائياً بطبيعة الحال، بل يمكن أن يتم سحبه إذا ما استجدت تعديلات على محتويات المسودة، ولكن -بصفة عامة- أضافت مصر إلى المسودة عدداً من النقاط التوضيحية الخاصة بالتفريق بين حالة الرخاء والفيضان، وحالة الملء والجفاف، ليتم ضمان تمرير 37 مليار متر مكعب من المياه إلى مصر في أوقات الملء والجفاف، كرقم وسط بين ما تطالب به إثيوبيا وهو 32 مليار وما كانت تطالب به مصر وهو 40 مليار متر مكعب، على أن يُترك الرقم الخاص بأوقات عدم الملء والرخاء لآلية التنسيق بين الدول الثلاث.
وأضافت المصادر أن القاهرة في المرحلة الحالية تريد البرهنة أمام الدول الغربية والمنظمات العالمية والجهات المانحة أن المشاكل مرجعها الجانب الإثيوبي وحده، وأن مصر ترغب في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبالتالي فلا محل للدعاية الدبلوماسية الإثيوبية التي تنشرها في عواصم دول المستثمرين الأساسيين، كروما وباريس وبرلين وبكين، والتي ترتكز على أن مصر لا تستحق لعب دور الطرف الأضعف، أو المظلوم، في معادلة مياه النيل، نظراً لعدم استفادة إثيوبيا وباقي دول المنبع بالمياه، والحاجة الماسة لإنجاز مشروع السد في أسرع وقت ممكن لاستخدامه في توليد الكهرباء.
وذكرت المصادر المصرية أن المكسب الوحيد من جولة واشنطن الأخيرة، هو إصدار وزارة الخزانة الأميركية بياناً يؤكد أهمية وحتمية عدم البدء في ملء سد النهضة من دون إبرام اتفاق بين الدول الثلاث، تماشياً مع المبادئ المنصوص عليها في اتفاق المبادئ الموقّع عام 2015 ولا سيما عدم التسبّب في ضرر كبير لدولتي المصب، والامتناع أيضاً عن إجراء ملء اختباري.
الأمر الذي يعكس، بحسب المصادر، ليس فقط التوافق المصري الأميركي، بل أيضاً غضب واشنطن من التصعيد الإثيوبي الذي أحرج الإدارة الأميركية، التي أيضاً لم تغلق الباب في وجه أديس أبابا، بل منحتها فرصة لما وصفته بـ"استكمال مشاوراتها الوطنية" تمهيداً لتوقيع الاتفاق، من دون التسليم بفكرة الإرجاء لما بعد الانتخابات.
وأكد بيان الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة قامت بتسهيل إعداد اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي بناءً على الأحكام التي اقترحتها الفرق القانونية والتقنية في مصر وإثيوبيا والسودان وبمساهمة فنية من البنك الدولي. وذكر أن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين شارك في اجتماعات ثنائية منفصلة مع وزيري الخارجية ووزيري الموارد المائية في مصر والسودان، يومي الخميس والجمعة الماضيين، وتبادل الوزراء خلال اجتماعات ثنائية منفصلة، تعليقاتهم على الاتفاق.
وذكر البيان أن واشنطن ترى أن العمل المنجز خلال الأشهر الأربعة الماضية قد أسفر عن اتفاق يعالج كل القضايا بطريقة متوازنة ومنصفة، مع مراعاة مصالح البلدان الثلاثة، وأن هذه العملية تعتمد على 7 سنوات سابقة من الدراسات والمشاورات الفنية بين الدول الثلاث، وأن الاتفاق يعالج كل القضايا المعلقة بشأن ملء وتشغيل السد، ويلبي مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، ومبدأ الالتزام بعدم إحداث ضرر جسيم ومبدأ التعاون.
وكانت مصادر فنية في وزارة الري المصرية قد قالت، لـ"العربي الجديد"، إن "إرجاء الملء، وهو إجراء ضروري حالياً كنوع من التصعيد المقابل من مصر والسودان والولايات المتحدة احتجاجا على الانقلاب الإثيوبي الأخير، فإنه يأتي على عكس ما كانت ترجوه مصر على المستوى الفني" فهي كانت ترغب في أن يتم الملء بدءاً من العام الحالي وبأسرع وقت، لاستغلال سنوات الفيضان والرخاء، كحل أفضل من الانتظار والإرجاء لسنوات لا يمكن التنبؤ حاليا بحجم فيضان النيل فيها".
وقبيل الإعلان الإثيوبي مساء أمس، كانت مصادر مصرية وسودانية قالت لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، بعدما رفضت أديس أبابا المسودة التي أعدتها الولايات المتحدة، مؤكدة أن المفاوض الإثيوبي يسعى إلى كسب مزيد من الوقت لوضع مصر أمام الأمر الواقع.
وقال مصدر سوداني إن إثيوبيا تمسكت بمبدأ الاستخدام العادل وفقاً للقانون الدولي، على حد تعبير المصدر، الذي أكد ضرورة النص على أن يتضمن الاتفاق حصة ثابتة من مياه النيل الأزرق، بدعوى استخدامها في مرحلة لاحقة في الزراعة، وباعتبار أن ذلك حق أصيل لها، لكونها دولة المنبع ولا تستفيد من هذا الكمّ من المياه التي لم تمكّنها البنية التحتية، في وقت سابق، للاستفادة من هذه المياه. وبحسب المصدر، فقد طالب وفد إثيوبيا بحفظ حق بلاده في حصة تستخدم في وقت لاحق، خصوصاً أن بلاده وقّعت اتفاقيات ضخمة مع مستثمرين أجانب في مجالات الزراعة المختلفة.
من جهتها، قالت وزارة الري السودانية، في بيان أمس، إن الوفد السوداني المفاوض حول سد النهضة، انخرط بعد وصوله إلى واشنطن في مفاوضات ثنائية يومي الخميس والجمعة، مع فريق وزارة الخزانة الأميركية، وأنه قدّم ملاحظاته حول مسودة الاتفاقية الشاملة التي يجري التفاوض حولها، إلى الفريق الأميركي، والذي قام بتضمينها في المسودة التي اقترحتها واشطن في الأسبوع الماضي. وأعلنت الوزارة أن السودان يؤكد التزامه بعملية التفاوض لأجل الوصول إلى اتفاق شامل لملء وتشغيل سد النهضة بما يحفظ مصالح الدول الثلاث، وبما يتضمن تشغيلاً آمناً للسد، وذلك قبل بدء عملية الملء الأول.
في المقابل، قال مصدر فني مصري في وزارة الري المصرية، إن "ما تتمسك به أديس أبابا غير منطقي بالمرة، وفي حال تم تضمينه في الاتفاق سينسف الاتفاقات الدولية الأخرى، وهو المطلب الذي تدرك إثيوبيا أن مصر لن توافق عليه تحت أي ظرف، لتستغل بذلك الفرصة لإطالة أمد الأزمة والمفاوضات". ولفت إلى أن "الجانب الفني انتهى تماماً، والأمر في الوقت الراهن في ملعب الدبلوماسيين والقانونيين"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه "من المستحيل أن تقبل مصر ببدء التخزين في السد".
وحول الرسالة التي نقلها هايلي ميريام ديسالين، مبعوث رئيس الوزراء الإثيوبي، للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام، أوضح المصدر المصري أن "ديسالين جاء حاملاً رسالة طلب خلالها من الجانب المصري تأجيل التوقيع على أي اتفاق إلى ما بعد الانتخابات الداخلية في بلاده، نظراً لصعوبة تلك الخطوة في الوقت الراهن"، مضيفاً أن "الوفد المصري سافر إلى واشنطن ووقّع على الاتفاق لإثبات موقف وإقرار واقع حسن النّية والتجاوب مع الجهود الدولية".
وأعلنت مصر فجر أمس توقيعها، منفردة، بالأحرف الأولى، على مسودة اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي في واشنطن، في ختام جولة المفاوضات التي عقدت بضيافة وزارة الخزانة الأميركية وبحضور ممثلي البنك الدولي، ووزراء الخارجية والري في مصر والسودان، في غياب الطرف الأصيل في هذه المفاوضات وهو الجانب الإثيوبي، الذي قاطع الجولة احتجاجاً على صياغة المسودة، ورفض مصر والولايات المتحدة إرجاء الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات المحلية الإثيوبية التي تجرى في أغسطس/آب المقبل.
وجاء الموقف المصري تأكيداً لما ذكرته مصادر في وزارة الري لـ"العربي الجديد" أمس الأول عن صدور تعليمات من السيسي بتأكيد استمرار التفاوض وتمسّك مصر به كحل وحيد للأزمة، ورفض مقترح بعض مسؤولي الري بضرورة العودة لمصر وعدم حضور الاجتماع والإعلان عن تعليق المفاوضات، والمطالبة باتّباع "خطط سياسية محضة للتعامل مع الموقف"، وهو ما رفضته الرئاسة بشكل قاطع.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية، إن السودان رفض التوقيع بالأحرف الأولى على المسودة، على الرغم من المطالبة المصرية المتجددة، بزعم أن توقيع الدولتين سيكتب نهاية المسار التفاوضي ويمنع عودة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات نهائياً، وأن المسؤولين السودانيين أبلغوا نظراءهم المصريين في واشنطن بأنهم يوافقون على أكثر من 90 في المائة من محتويات المسودة، لكنهم لن يوقّعوا إلا بعد التأكد من مصداقية الجانب الإثيوبي.
وأوضحت المصادر أن التوقيع المصري على مسودة الاتفاق، ليس نهائياً بطبيعة الحال، بل يمكن أن يتم سحبه إذا ما استجدت تعديلات على محتويات المسودة، ولكن -بصفة عامة- أضافت مصر إلى المسودة عدداً من النقاط التوضيحية الخاصة بالتفريق بين حالة الرخاء والفيضان، وحالة الملء والجفاف، ليتم ضمان تمرير 37 مليار متر مكعب من المياه إلى مصر في أوقات الملء والجفاف، كرقم وسط بين ما تطالب به إثيوبيا وهو 32 مليار وما كانت تطالب به مصر وهو 40 مليار متر مكعب، على أن يُترك الرقم الخاص بأوقات عدم الملء والرخاء لآلية التنسيق بين الدول الثلاث.
وأضافت المصادر أن القاهرة في المرحلة الحالية تريد البرهنة أمام الدول الغربية والمنظمات العالمية والجهات المانحة أن المشاكل مرجعها الجانب الإثيوبي وحده، وأن مصر ترغب في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبالتالي فلا محل للدعاية الدبلوماسية الإثيوبية التي تنشرها في عواصم دول المستثمرين الأساسيين، كروما وباريس وبرلين وبكين، والتي ترتكز على أن مصر لا تستحق لعب دور الطرف الأضعف، أو المظلوم، في معادلة مياه النيل، نظراً لعدم استفادة إثيوبيا وباقي دول المنبع بالمياه، والحاجة الماسة لإنجاز مشروع السد في أسرع وقت ممكن لاستخدامه في توليد الكهرباء.
الأمر الذي يعكس، بحسب المصادر، ليس فقط التوافق المصري الأميركي، بل أيضاً غضب واشنطن من التصعيد الإثيوبي الذي أحرج الإدارة الأميركية، التي أيضاً لم تغلق الباب في وجه أديس أبابا، بل منحتها فرصة لما وصفته بـ"استكمال مشاوراتها الوطنية" تمهيداً لتوقيع الاتفاق، من دون التسليم بفكرة الإرجاء لما بعد الانتخابات.
وأكد بيان الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة قامت بتسهيل إعداد اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي بناءً على الأحكام التي اقترحتها الفرق القانونية والتقنية في مصر وإثيوبيا والسودان وبمساهمة فنية من البنك الدولي. وذكر أن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين شارك في اجتماعات ثنائية منفصلة مع وزيري الخارجية ووزيري الموارد المائية في مصر والسودان، يومي الخميس والجمعة الماضيين، وتبادل الوزراء خلال اجتماعات ثنائية منفصلة، تعليقاتهم على الاتفاق.
وذكر البيان أن واشنطن ترى أن العمل المنجز خلال الأشهر الأربعة الماضية قد أسفر عن اتفاق يعالج كل القضايا بطريقة متوازنة ومنصفة، مع مراعاة مصالح البلدان الثلاثة، وأن هذه العملية تعتمد على 7 سنوات سابقة من الدراسات والمشاورات الفنية بين الدول الثلاث، وأن الاتفاق يعالج كل القضايا المعلقة بشأن ملء وتشغيل السد، ويلبي مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، ومبدأ الالتزام بعدم إحداث ضرر جسيم ومبدأ التعاون.
وكانت مصادر فنية في وزارة الري المصرية قد قالت، لـ"العربي الجديد"، إن "إرجاء الملء، وهو إجراء ضروري حالياً كنوع من التصعيد المقابل من مصر والسودان والولايات المتحدة احتجاجا على الانقلاب الإثيوبي الأخير، فإنه يأتي على عكس ما كانت ترجوه مصر على المستوى الفني" فهي كانت ترغب في أن يتم الملء بدءاً من العام الحالي وبأسرع وقت، لاستغلال سنوات الفيضان والرخاء، كحل أفضل من الانتظار والإرجاء لسنوات لا يمكن التنبؤ حاليا بحجم فيضان النيل فيها".