يترقب المجتمع السياسي والمدني في الجزائر مسودة الدستور الجديد التي ستصدر شهر مارس/ آذار المقبل، والذي وعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن يكون وثيقة مؤسسة لما وصفها "الجزائر الجديدة".
وكشف المستشار في الرئاسة الجزائرية محمد لعقاب، خلال مؤتمر علمي حول التعديلات الدستورية، أن فريق الخبراء المكلف بصياغة مسودة الدستور الجديد يقترب من الانتهاء من تقديم المسودة الجديدة إلى الرئيس تبون.
وقال لعقاب إن "فريق خبراء تعديل الدستور قطع شوطا مهما في صياغة الدستور الجديد، وبقي له 15 يوما تقريبا من أجل الانتهاء من المسودة"، مشيرا إلى أن الرئاسة ستضع هذه المسودة بين يدي الرأي العام وستوزع على ما بين 500 إلى 700 من منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية لإثرائها ومناقشتها.
وأكد أن الرئيس تبون أطلق مشروع التعديل الشامل للدستور، وفقا لتعهداته السياسية التي أعلنها خلال الحملة الانتخابية التي جرت في 12 ديسمبر الماضي، وقال" التعديل الدستوري لن يكون على مقاس الرئيس، سيكون دستورا للجزائريين يعبر عن الجزائر الجديدة وعن تطلعات الشعب ومطالب الحراك الشعبي".
وأضاف لعقاب، وهو دكتور في العلوم السياسية، أن "الدستور الحالي أثبت عجزه عن حل المشاكل التي تواجه مجتمعنا، لم يعد من اللائق الإبقاء عليه وكان يجب إعداد دستور جديد"، حاثا الأساتذة الجامعيين على إثراء ومناقشة المسودة الدستورية بعد صدورها، والمساعدة في تأطير النقاش حول الدستور في المجتمع بشكل عام للوصول إلى دستور متوافق عليه.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد كلف، في الثامن من يناير/ كانون الثاني الماضي، لجنة دستورية تضم 17 خبيرا في القانون الدستوري، برئاسة الخبير الأممي السابق أحمد لعرابة، بإجراء مراجعة شاملة للدستور الجزائري وصياغة مسودة دستور جديد في غضون شهرين يطرح للمناقشة مع القوى السياسية والمدنية، قبل طرحه على استفتاء شعبي عام.
وقال الرئيس تبون حينها إن مسودة الدستور الجديد ستمنع الانحراف مجددا إلى الحكم الفردي، وتحديد العهدة الرئاسية بعهدة واحدة، قابلة للتجديد مرة واحدة، (عهدتين فقط لكل رئيس)، وإقامة سلطات مقابلة فعالة تهدف إلى تفادي أي انحراف استبدادي، وتعزيز الديمقراطية ورد الاعتبار للبرلمان، وضمان استقلالية القضاة عبر فصل المجلس الأعلى للقضاء عن السلطة التنفيذية، وحرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة، وإبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة وعن السياسة، ومراجعة نطاق الحصانة البرلمانية، وإلغاء الأحكام الدستورية التي تحد من تولي الجزائريين المقيمين بالخارج بعض المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية.
وإذا كانت بعض قوى المعارضة قد تجاوزت حالة الشك مع الرئيس تبون، وبدأت مبكرا في تحضير وصياغة مقترحاتها للدستور الجديد، فإن جزءا هاما من مكونات الحراك الشعبي ما زال بحالة من الشك والريبة في مبادرة الرئيس تبون تعديل الدستور بنفس الطريقة التي اعتمدها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لتعديل الدستور في مناسبات سابقة، أبرزها تعديلات 2016، وتطالب بعض القوى السياسية والمدنية بتشكيل لجنة دستورية موسعة لصياغة دستور توافقي.