"ولاية سيناء" يسعى لفتح جبهة جديدة في بئر العبد

10 يناير 2020
فشل الجيش في إنهاء التنظيم (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
يشهد الظهير الصحراوي لمدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، نشاطاً ملحوظاً لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، والساعي إلى تثبيت أركانه جنوب المدينة. مع العلم أن بئر العبد أصبحت هدفاً لاعتداءاته في الأشهر الأخيرة، كمنطقة جديدة تدخل جغرافيا التنظيم.

وأفادت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" بأن "ولاية سيناء" رأى في الظهير الصحراوي لمدينة بئر العبد، منطقة استراتيجية للوجود العسكري الدائم فيها، كبديل من منطقتي العريش ووسط سيناء، اللتين انسحب التنظيم منهما العام الماضي، إثر العملية العسكرية الشاملة التي بدأها الجيش المصري في فبراير/ شباط 2018، وعدم القدرة على التكيّف في مناطق وسط سيناء، وانكشاف ظهر التنظيم هناك، إثر التعاون والتنسيق بين القبائل وقوات الجيش في تلك المناطق، ما أدى إلى تقهقر التنظيم بعد تكبّده خسائر في الأرواح والمعدات. وبحسب المصادر نفسها، فإن الأسابيع الماضية شهدت حراكاً ملحوظاً للتنظيم في حدود مدينة بئر العبد من دون التغول إلى مركز المدينة حتى هذه المرحلة.

وأوضحت المصادر أن التنظيم بات يرى في مناطق بئر العبد قطعة جغرافية تصلح للتمركز فيها والانطلاق لتنفيذ الاعتداءات على قوات الأمن والمتعاونين معها. ولفتت إلى أنه وقع عدد من الهجمات خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى مقتل عشرات العسكريين، بالإضافة إلى تصفية عدد من المواطنين بدعوى التعاون مع قوات الجيش والشرطة، وكان آخرها إعلان التنظيم قتل المواطن محمد عبد اللطيف ذبحاً بالسكين، والمواطن خليل أحمد رمياً بالرصاص، وخطف مواطن ثالث من منزله تحت تهديد السلاح، بدعوى تعاونهم مع قوات الجيش في نطاق مدينة بئر العبد، تزامناً مع سلسلة هجمات وقعت على الطريق الدولي الرابط بين مدينتي بئر العبد والعريش، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية.

وبيّنت المصادر أن الدعوات المتكررة التي أطلقها عدد من الشيوخ المقرّبين من قوات الجيش، وكذلك أصحاب المصالح في سيناء، لشباب مدينة بئر العبد للاشتراك في مجابهة التنظيم، على غرار ما حصل جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد خلال السنوات الماضية، لم تلقَ اهتمام شباب المدينة. أما السبب فيعود إلى خوفهم من ملاقاتهم مصير عشرات الشبان الذين قتلوا على يد التنظيم، في معركة لا يستفيد منها المواطنون، بل يدفعون ثمنها في كل مرة. 

في غضون ذلك، يواصل تنظيم "ولاية سيناء" اعتداءاته في مناطق متفرقة من محافظة شمال سيناء، خصوصاً مدينتي رفح والشيخ زويد بالإضافة إلى بئر العبد، مع تراجع للهجمات في نطاق مدينة العريش التي تمثل عاصمة محافظة شمال سيناء، في إشارة إلى أن ثمة انتشاراً جغرافياً على امتداد المحافظة. ويتيح هذا الوضع للتنظيم تنفيذ اعتداءات في أي زمان ومكان، على الرغم من حالة التشديد الأمني الذي تشهده سيناء منذ سنوات، والعمليات العسكرية المتكررة التي أطلقها الجيش المصري للسيطرة على الوضع الأمني فيها.

في السياق، أفاد باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" بأن التنظيم يعتمد أسلوب التنقل الدائم بين المناطق في سيناء، في ظل مساعدة الجغرافيا لعناصره، نظراً إلى اتساع مساحة سيناء، خصوصاً مناطق تمركز التنظيم في الشمال والوسط. وأضاف أن التنظيم بدّل تمركزه مراراً في سنوات الصراع الممتد منذ عام 2013، متنقلاً في رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد ووسط سيناء، إلا أنه أبقى على حالة الاستنزاف العسكري لقوات الجيش في المدن والقرى كافة، ولم يترك منطقة في شمال ووسط سيناء إلا ضرب فيها قوات الجيش، بالإضافة إلى بعض مناطق جنوب سيناء، وإن كانت بنسبة منخفضة لاعتبارات عدة لدى التنظيم.

وأضاف الباحث نفسه أن تنقّل التنظيم بين مناطق سيناء يزيد من ثقل المهمة على قوات الجيش، التي ما إن تتمكن من القضاء على التنظيم في منطقة حتى يظهر في منطقة أخرى، وهذا ما يتضح من استمرار الهجمات الإرهابية في مدينة رفح، على الرغم من تهجير غالبية سكانها، واعتبار الجيش في لحظة ما أن المدينة باتت خالية من الإرهاب، وانتقال تركيزه على مناطق أخرى في سيناء، لتعود الهجمات مجدداً إلى المدينة خلال الأسابيع الماضية. ورأى الباحث أن حالة الاستنزاف ستبقى مستمرة ما لم يتمكن الجيش من إيجاد استراتيجية تمكنه من فرض السيطرة على جميع أراضي سيناء، بشكل متزامن، وليس بصورة متقطعة كما جرى في غالبية العمليات العسكرية على مدار السنوات الست الماضية.


المساهمون