خلال تلك المدة، أطلقت أغلب الشرائح الليبية مئات النداءات والمطالبات بضرورة قطع العلاقة مع الإمارات، التي لم يعد هناك مجال للشك، ليس في وقوفها مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بل في مشاركتها في القتال إلى جانبه، وهو أمر رصدته وأكدته تقارير الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة، آخرها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الثلاثاء الماضي. والأكثر من هذا، فإن الإمارات نفسها لم تُخفِ وقوفها ودعمها لمجرم الحرب. وبعد كل هذا، لا تزال حكومة الوفاق مترددة، ووزارة خارجيتها غير متأكدة من الوجود الإماراتي في معسكر حفتر، لذا طالبت مجلس الأمن بالتثبت من ذلك.
عندما عقد أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر، مؤتمراً صحافياً في أحد فنادق أبو ظبي وهو يرتدي البزة العسكرية للجيش الإماراتي، عاتب رئيس حكومة الوفاق فائز السرّاج الإمارات، وطالبها بمراجعة موقفها، وألّا تسمح بأن تكون منصة إعلامية لحفتر، من دون أن يلتفت إلى الأوامر العسكرية التي أعلنها المسماري في ذلك المؤتمر. وكان المسماري يتحدث عن أوامر التقدم في عين زارة الآهلة بالسكان، ويحدد المناطق التي تقدمت فيها مليشيات حفتر. ولا ريب، في أن حديث المسماري من أبوظبي عن التقدم وإعلان الأوامر ليس غريباً عنه، فقد سبق لضاحي خلفان أن قال صراحةً، في تغريدات في إبريل/ نيسان الماضي: "جيشنا يسيطر في ترهونة"، و"قواتنا تتقدم في عين زارة".
ورغم اتهامات الليبيين للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة بأنه ينفذ سياسات أبوظبي، وأنه موظف في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية التي نشرت صوره وهو يشرف على إطلاق رؤيتها لعام 2020، إلا أنه كان شجاعاً أكثر من السرّاج ووزرائه، عندما صرّح بأن الطائرة التي قصفت مقرّ الكلية العسكرية في طرابلس، قبل أسابيع، وقتلت أكثر من 30 طالباً كانت "طائرة إماراتية مسيّرة". وقال، صراحةً في إحاطة لمجلس الأمن، إن الطائرة التي قصفت مركز إيواء مهاجرين، وقتلت أكثر من 40، كانت "ميراج تمتلكها الإمارات".
ألم يقرأ السرّاج ووزراؤه تقارير خبراء الأمم المتحدة المتلاحقة، التي أثبتت بالصور امتلاك الإمارات لقاعدة "الخادم" شرقيّ البلاد؟ بل حتى تقرير غوتيريس، الثلاثاء الماضي، كان أكثر صراحة في رصد فرق الأمم المتحدة لعشرات الجرائم التي اقترفتها هذه الدولة بحق المدنيين، حتى يطالب وزير خارجيته بالتحقيق لـ"التثبت" من تورطها "عسكرياً في ليبيا".