متظاهرو العراق يبنون غرف اعتصام بعد إحراق خيامهم

27 يناير 2020
مسلحون اقتحموا ساحة الحبوبي أمس وأحرقوا خيامها (فرانس برس)
+ الخط -
يستمر المتظاهرون العراقيون في تطوير أساليب الاحتجاجات، وتصعيد الانتفاضة بعد كل عملية أمنية تلجأ إليها القوات العراقية والمليشيات المسلحة التي تساندها. وبعد تكرار اقتحام الساحات التي يعتصم فيها العراقيون ببغداد ومحافظات الجنوب، وإحراق الخيم التي تمثل ملتقى للمتظاهرين، وغرف نوم للمعتصمين ليلاً، توجه المعتصمون إلى بناء غرف في الساحة.

هذه الخطوة المبتكرة جاءت تحديداً بعد أن هاجم مسلحون مجهولون، الليلة الماضية، ساحة اعتصام الحبوبي في مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار)، وأدى الهجوم إلى مقتل متظاهر وإصابة آخرين، بالتزامن مع انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي عن الساحة.


وساحة الحبوبي في الناصرية إحدى ساحات الاحتجاج المركزية في العراق، بعد ساحة التحرير، التي تمارس "الدور التشريعي"، وتوجيه القرارات، وتحديد المهل الزمنية للحكومة، وتمتثل لها غالبية الساحات في العراق.

وقال المتظاهر أكرم الغزي، وهو من معتصمي الساحة في الناصرية، إن "تهديدات المسلحين الذين ترفض الحكومة الكشف عن هوياتهم أو اعتقالهم أو حمايتنا منهم، واقتحامهم المتكرر للساحات ليلاً، الذي عادةً ما يؤدي إلى سقوط قتلى بين صفوف المتظاهرين، دفع المعتصمين إلى بناء غرف تحميهم من نيران المليشيات"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "المليشيات والقوات الحكومية تحاصر كل ساحات الاحتجاج، سواء في الناصرية وغيرها من المدن، وهي تسعى إلى إنهاء الاحتجاجات بأي شكل، ولا سيما بعد تحالف كل القوى السياسية والفصائلية لتحقيق هذا الهدف، ولكن أهالي الناصرية لم يخضعوا لهذا الإجراء، وهم مستمرون بثورتهم السلمية حتى طرد كل الأحزاب المتورطة".

وهاجم مسلحون مجهولون، يقول المتظاهرون إنهم ينتمون إلى مليشيا مسلحة مرتبطة بإيران، ساحة الحبوبي وسط الناصرية، وكان المسلحون يستقلون سيارات رباعية الدفع، وطوقوا ساحة الحبوبي من أربعة اتجاهات وأطلقوا الرصاص الحيّ بكثافة على المعتصمين بهدف إرغامهم على ترك الساحة، إلا أنهم انسحبوا دون تحقيق هدفهم.

ودفعت أحداث الناصرية يوم أمس السلطات المحلية في ذي قار إلى إعلانها تعطيل الدوام الرسمي، بسبب الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المحافظة، فيما أعاد المتظاهرون فيها تحصين أنفسهم عبر الحصول على تبرعات من مواطنين وتجار وتوفير الطابوق و"البلوك" لبناء الغرف التي ستعوض الخيم التي أحرقتها القوات الأمنية.
من جهته، قال أحد وجهاء العشائر في مدينة الناصرية، علي جويد العبودي، إن "المتظاهرين طالبوا شيوخ العشائر بالحضور معهم في الساحات من أجل منع القوات الأمنية والمليشيات من الهجوم على المحتجين وخيم المعتصمين، وقد شارك بعض الوجهاء والشيوخ في الاعتصامات، ولكن ليس كلهم"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "وجود شيوخ العشائر سيعطي لمحة اجتماعية ودلالات كبيرة على قوة الثورة والتأييد الجماهيري لها، وسيحدّ من الاعتداءات على المعتصمين، ولكن هذا الأمر قد لا يحصل".

وفي الديوانية، لا تزال التهديدات تلاحق المعتصمين، والحال نفسه في النجف، فيما تستمر الاحتجاجات في واسط والبصرة وبابل وميسان وكربلاء، التي رفضت تزايد أساليب القمع الحكومي، فضلاً عن دعوتها إلى الاستجابة السريعة لمطالب المحتجين. أما في بغداد، فقد وزع المحتجون أنفسهم على شكل مجاميع أمنية لتوفير الدعم للمعتصمين في ساحة التحرير التي تعد مركز الاحتجاجات في العاصمة العراقية.

وأكد أحمد الهاشمي، وهو متظاهر من بغداد، إن "المليشيات تريد اقتحام ساحات التحرير والخلاني والطيران يومياً، إلا أنها تفشل بسبب الضغط الإعلامي الذي يمارسه المحتجون من خلال البث المباشر وإعلان التهديدات التي تصل إليهم"، مؤكداً أيضاً لـ"العربي الجديد"، أن "الجهات التي اقتحمت في السابق ساحات الاحتجاج، وتريد أن تقتحم من جديد وتحرق الخيم وتطرد المتظاهرين، كلها قوى غير نظامية تتبع الحشد الشعبي وتتلقى أوامرها من إيران ومكتب رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي، ونحن لدينا معلومات كاملة عنها، ولكنهم خطرون وقتلة جاهزون لإجهاض الثورة في أي لحظة".
المساهمون