النظام يوسع هجومه شرق إدلب... وواشنطن تهدد بعقوبات

17 يناير 2020
شهدت إدلب الأربعاء يوماً دامياً (كرم المصري/Getty)
+ الخط -

بعد خرقها الهدنة القصيرة في إدلب شمالي غرب سورية، والتي استمرت لأيام قليلة، شنت قوات النظام السوري صباح أمس الخميس هجوماً واسعاً في شرق إدلب، وسيطرت على عدة قرى، وسط تواصل القصف الجوي والمدفعي، فيما حذرت واشنطن كلا من النظام السوري وموسكو من اتخاذ "إجراءات دبلوماسية واقتصادية" بحقهما في حال تواصل الهجوم على إدلب.

وقال مراسل "العربي الجديد" إن قوات النظام السوري شنت هجوماً في ريف إدلب الشرقي، مع محاولة الفصائل صد هجوم قوات النظام التي سعت للتقدم في المنطقة، وسيطرت بالفعل على عدة قرى، منها أبو جريف وتل خطرة ونوحية شرقية ونوحية غربية، بالإضافة إلى تلة شرقي المحافظة. وأوضح أن المعارك دارت فعلياً خلال سيطرة قوات النظام على قرية أبو جريف فقط، أما بقية القرى فقد انسحبت منها فصائل المعارضة نتيجة سيطرة النظام أخيراً على قرية البرسة، وتمكنها بالتالي من رصدها مع التلة نارياً. وخلال الهجوم على أبو جريف شنت طائرات النظام وروسيا نحو 70 غارة على القرية، إضافة إلى قصفها بمئات القذائف والصواريخ.

وأعلنت "الجبهة الوطنية للتحرير" مقتل عدد من قوات النظام، بينهم ضابط برتبة عقيد، في قصف على مواقعهم قرب قرية أبو جريف شرق إدلب. وذكرت "الجبهة"، في بيان أمس الخميس، أن مقاتليها استهدفوا غرفة عمليات قوات النظام على محور قتال قرية أبو جريف بصواريخ من نوع "غراد"، ما أدى إلى مقتل عدد من العناصر، وقائد غرفة العمليات وهو برتبة عقيد. وأضافت أن عناصرها تمكنوا من قتل عدد آخر من عناصر قوات النظام على محور الشيخ إدريس غرب حماة، باستهداف رتل لهم بقذائف المدفعية الثقيلة. واعترفت الصفحات الإخبارية الموالية للنظام بمقتل العقيد، موضحة أنه يدعى عبد الرحمن حماد من منطقة الغاب غرب حماة. وتسعى قوات النظام للوصول إلى مدينة معرة النعمان وبلدة سراقب الواقعتين على الطريق الدولي دمشق- حلب. وتبعد قوات النظام الآن عن مدينة معرة النعمان نحو 7 كيلومترات، فيما تبعد عن بلدة سراقب نحو 17 كيلومتراً. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إلى "اشتباكات اندلعت قرابة منتصف ليل الأربعاء الخميس جنوب مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، تزامنت مع غارات سورية وروسية كثيفة"، أسفرت عن مقتل "22 عنصراً من الفصائل، غالبيتهم من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، مقابل 17 عنصراً من قوات النظام والمجموعات الموالية لها".


في غضون ذلك، واصلت قوات النظام والطيران الروسي قصف ريفي حلب وإدلب، ما تسبب في خسائر كبيرة بأملاك المدنيين. وقصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة والصواريخ المتفجرة بلدة كفرناها في ريف حلب الغربي، فيما قصف الطيران الحربي الروسي بالصواريخ الفراغية بلدة عنجار في نفس المنطقة. كما طاول القصف بالصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة أطراف قرى بينين وحنتوتين وكفرومة في ريف إدلب الجنوبي، ما تسبب بدمار كبير في منازل المواطنين وأملاكهم الخاصة. من جهتها ردت فصائل المعارضة بقصف مواقع قوات النظام في قريتي السمكة وتل مصيطف في ريف إدلب الشرقي بالصواريخ، موقعة إصابات في صفوفها.

ويأتي استئناف العمليات العسكرية من قبل قوات النظام بعد يوم دامٍ شهدته مدينة إدلب، قتل خلاله عشرات المدنيين بغارات جوية. وبحسب الدفاع المدني في إدلب فإن الطيران الحربي التابع لقوات النظام، استهدف سوق الهال، والمنطقة الصناعية في مدينة إدلب بغارة جوية بعدة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 19 مدنياً، بينهم متطوع في الدفاع المدني وطفلان، إضافة إلى إصابة 68 شخصاً، بينهم 19 طفلاً و4 نساء، وعنصر من الخوذ البيضاء. كما أصيب سبعة مدنيين، بينهم سيدتان وثلاثة أطفال، جراء قصف السوق الرئيسي في مدينة أريحا، من قبل طيران النظام السوري بغارة جوية بعدة صواريخ. وبحسب ما وثق الدفاع المدني، الأربعاء الماضي، فإن 28 منطقة تعرضت للقصف بـ60 غارة جوية، 17 منها بفعل الطيران الحربي الروسي، و28 برميلاً متفجراً، إضافة إلى 243 قذيفة مدفعية و16 صاروخاً من راجمات.

وبينما لم تعلق كل من روسيا والنظام السوري على خرق الهدنة، ادعت وسائل إعلام موالية للنظام أن استئناف العملية العسكرية جاء بعد خرق الفصائل المقاتلة للهدنة. ونقلت صحيفة "الوطن" عما سمته مصدرا ميدانيا في ريف إدلب الجنوبي قوله إن "وقف إطلاق النار الهش المعلن لم يصمد طويلاً، تحت ضربات إرهابيي الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وبمؤازرة مليشيا الجبهة الوطنية للتحرير، الممولة من تركيا، لنقاط تمركز الجيش السوري على طول خطوط التماس جنوب وشرق إدلب، في مسعى للقضاء على التهدئة وخلق جو من التصعيد، يبرر بقاءهم ووجودهم أمام حاضنتهم الشعبية، التي تآكلت كثيراً بفعل نزعتهم المستمرة للتصعيد والحروب". وأضاف أن "جبهة النصرة، استمرت على مدار الأيام الثلاثة الماضية في قصف المعابر الإنسانية التي يشرف عليها الجيش السوري في الهبيط وأبو الضهور جنوب وشرق إدلب، وفي الحاضر جنوب حلب، لمنع خروج المدنيين منها إلى قراهم وبلداتهم، بغية استخدامهم دروعاً بشرية داخل إدلب، تحول دون تحرير الجيش السوري للمحافظة". وكشفت الأمم المتحدة، أمس، أن نحو 350 ألف سوري، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا من إدلب منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى مناطق قرب حدود تركيا. وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن الوضع الإنساني مستمر في التدهور نتيجة "تصاعد" الأعمال القتالية. وقال المتحدث الإقليمي للأمم المتحدة عن سورية والمقيم في عمان ديفيد سوانسون، لوكالة "رويترز"، إن "هذه الموجة الأخيرة من النزوح تعقد الوضع الإنساني الصعب بالفعل على الأرض في إدلب".

وكانت روسيا وتركيا اتفقتا على هدنة في إدلب تبدأ فجر الأحد الماضي. وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، النظام السوري من خرق التهدئة. وقال، في خطاب أمام حزب "العدالة والتنمية"، "إذا استدعت الضرورة فنحن نملك العزيمة على وقف خروقات النظام السوري لوقف إطلاق النار" في إدلب. من جهته اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أن "هناك انتهاكات لوقف إطلاق النار بإدلب ولكن لا يمكننا القول إنه انهار". لكنه أضاف، خلال مشاركته في بث مباشر على قناة "سي إن إن تورك" الأربعاء، "إذا استمرت الانتهاكات والهجمات، فلا يمكننا وقتها الحديث عن وقف إطلاق للنار"، مؤكداً على أهمية الهدنة في العملية السياسية.

وفي تعليق لها على التطورات في إدلب، حذرت السفارة الأميركية في دمشق روسيا والنظام من "إجراءات دبلوماسية واقتصادية" في حال استمر الهجوم على مدينة إدلب. وذكرت السفارة، عبر "تويتر" أمس الخميس، أن استمرار القصف الجوي والمدفعي على المدنيين والمراكز الصحية والمنشآت المدنية يعد أمراً "مخجلاً يدينه المجتمع الدولي"، خصوصاً أنه جاء بعد أسبوع من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سورية. وأكدت السفارة أن الولايات المتحدة "مستعدة لاتخاذ الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام (بشار) الأسد، وأي دولة أو فرد يدعم أجندته الهمجية"، في حال استمرار الهجمات.

المساهمون